كيف تستطيع دول الخليج التعويض أمام قوة الدولار؟

نشر في 04-02-2017
آخر تحديث 04-02-2017 | 00:00
يعد التعليم في دول الخليج هو الملوم والمسؤول عن فجوة المهارة، إذ لم يواكب وتيرة الزمن وتغير العصر، كما أن المدارس لا تزال تركز على الجوانب التقليدية بعيداً عن إعداد الطلبة للعمل في الصناعات المزدهرة مثل تقنية المعلومات والبحوث والأمور اللوجستية.
 بلومبرغ • تابعت البنوك المركزية في دول الخليج العربية خلال شهر ديسمبر الماضي الزيادة التي تحققت في معدلات الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الفدرالي الأميركي، وحافظت على التزامها بالارتباط بالدولار، ومن المحتمل أن يقوم مجلس الاحتياط الفدرالي بزيادتين أو ثلاث زيادات في معدلات الفائدة خلال العام الحالي، وبسبب ارتباط عملة الخليج بالدولار يتعين على تلك الدول أن تتماشى مع السياسة النقدية الأميركية حتى لا تتعرض الى تدفقات مالية الى الخارج تلحق الضرر بها، وتسود في دول مجلس التعاون الخليجي معدلات فائدة عالية فيما لا تزال أسعار النفط متدنية وتزداد قيمة العملة الأميركية، وهو ما يضع ضغوطاً على النمو.

الخيارات المتاحة

وعلى أي حال لا تستطيع دول الخليج العربية فك ارتباطها بالدولار ولا خفض قيمة عملتها في هذه المرحلة، وما يتعين عليها عمله هو المضي في عملية اصلاح هيكلية تساعد اقتصادها على التنوع بعيداً عن النفط. وخفض قيمة العملة ليس خياراً لأن البنوك المركزية الاقليمية تنظر الى ذلك بشيء من التشكيك، وبالنسبة اليها فهو مصدر عدم استقرار وحالة لا يمكن التنبؤ بعواقبها، حتى مع تسريع تلك الدول لوتيرة الاستثمارات الأجنبية، كما أن أسعار النفط بدأت بالتحسن بشكل تدريجي واذا تصرفت منظمة أوبك والدول من خارج المنظمة بشكل صحيح قد تشهد بلوغ سعر برميل النفط حدود الـ 60 دولاراً خلال العام الحالي وربما أعلى من ذلك في العام المقبل. وتنظر الحكومات بارتياح الى هذا الوضع وخاصة مع تراجع الضغط على الاحتياطيات وميزان المدفوعات، وقد عمدت كل الحكومات الى البدء بنوع من برامج الاقتراض الدولي التي سوف تساعد على تخفيف الضغوط المالية وتقليص مضاربات العملات الدولية.

وعلى الرغم من تأثير معدلات الفائدة على النمو وعلى نظام الارتباط السائد في المنطقة فإن نجاح التنويع في المستقبل يتوقف على قدرة هذه الدول على المضي قدماً في عملية الاصلاح الهيكلي، وتتخلف دول مجلس التعاون الخليجي عن أكبر الدول المتقدمة والأسواق الناشئة في عدد من الميادين، وتوجد فرص للحاق بأكبر الدول في ميادين تشمل حل قضايا الافلاس والحصول على ائتمان والتجارة العابرة للحدود وحقوق الملكية وحرية الاستثمار والابتكار والتعليم العالي وحكم القانون وجودة التنظيم وفعالية الحكومات.

وقد أظهر تقرير صدر أخيراً عن صندوق النقد الدولي أن نوعية أعلى من المؤسسات مثل الحوكمة العامة والأنظمة القضائية وحقوق الملكية ترتبط بتخصيص أكبر للموارد، ويستطيع ذلك، بدوره، زيادة الانتاجية وبناء الثقة في الاقتصاد وتحفيز الاستثمار والتوظيف.

وعلى الرغم من أهمية هذه الخطوات توجد ثلاثة اصلاحات مركزية مطلوبة بالنسبة الى منطقة الخليج من أجل وقف تراجعها الاقتصادي في الأجل الطويل، ومن شأن الاجراءات الصديقة للأعمال وأنظمة الصناعة العالية الجودة والأنظمة القانونية القوية تحسين التنافسية والتخصيص الفعال للموارد.

وفي ما يتعلق بحرية الأعمال التجارية، تصنف معظم دول مجلس التعاون الخليجي وراء الدول المتقدمة وفي مركز قريب جداً من أفضل الأسواق الناشئة، وفي ما يتعلق بجودة الأنظمة فقد كانت أقل أيضاً من تصنيفات الدول المتقدمة.

الأولوية القصوى بالنسبة الى هذه المنطقة يجب أن تكون أرباح الانتاجية، وبغية دعم النمو العالي والمستدام يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي تنفيذ اصلاحات هيكلية تعمل على تحسين الانتاجية، وتشير الأدلة الدولية الى أن النمو العالي والمستدام ينجم عن التحسن في العامل الاجمالي للانتاجية وجهود الاصلاحات الهيكلية المرتبطة بشكل ايجابي بالنمو. وعلى العكس من ذلك فإن النمو العالي والمستدام في دول مجلس التعاون الخليجي كان نتيجة عامل التراكم وليس التحسن في الانتاجية.

وأخيراً، يتعين أن تصمم اصلاحات سوق العمل في ضوء السمات المحددة لأسواق العمل في دول مجلس التعاون، وفي شهر سبتمبر الماضي خفضت المملكة العربية السعودية الرواتب والفوائد لموظفي القطاع العام، وهو ما يشير بشكل صحيح الى أن الدولة لم تعد قادرة على القيام بدور رب العمل والملاذ الأول والأخير.

ويتعين على دول الخليج الانتقال الى معادلة أجور أعلى للمواطنين واستبدال العمالة الأجنبية وسوف يساعد ذلك القطاع الخاص على تقليل اعتماده على العمل والانتقال الى درجة أعلى من الاعتماد على رأس المال الذي سوف يحسن الانتاجية، وفي الوقت ذاته يمكن أن يساعد على زيادة الانتاجية الابقاء على العمال الأجانب من ذوي المهارة العالية مع تحسين مهارة المواطنين.

وتجدر الاشارة الى أن الكثير من اللوم في ما يتعلق بفجوة المهارة يوجه الى قطاع التعليم في منطقة الخليج، والذي لم يواكب وتيرة الزمن وتغير العصر، كما أن المدارس لا تزال تركز على الجوانب التقليدية في التعليم بعيداً عن المناهج التي تعد الطلاب للعمل في الصناعات المزدهرة مثل تقنية المعلومات والبحوث والأمور اللوجستية.

واذا كانت دول مجلس التعاون الخليجي تأمل في وضع حد لتراجع الاقتصاد الهيكلي فسوف يتعين عليها التركيز على اصلاحات تهدف الى خلق بيئة تفضي الى تحسين الانتاجية وتعزيز الاستثمارات الخاصة، وتعتبر الشفافية سمة مهمة لأن هذا النوع من التغييرات لا يمكن أن يتحقق من دون وجود دور للجميع، وخاصة الشركات، في إنجازه.

بسبب ارتباط عملات دول الخليج بالدولار يتعين على تلك الدول أن تتماشى مع السياسة النقدية الأميركية حتى لا تتعرض لتدفقات مالية إلى الخارج تضرها

إذا تصرفت منظمة أوبك والدول من خارجها بشكل صحيح فقد يبلغ سعر برميل النفط 60 دولاراً خلال العام الحالي وربما أعلى في المقبل
back to top