كيف يكسب التلامذة متعة التعلّم؟

نشر في 24-01-2017
آخر تحديث 24-01-2017 | 00:05
No Image Caption
أمام أحدث الاكتشافات عن دماغ الأولاد، تبدو الأساليب التقليدية غير نافعة. فيما يلي خمس معلومات جديدة تسمح بتحويل التعلّم إلى نشاط ممتع.

الدماغ رفيقهم ويريد مصلحتهم

لا يعرف التلامذة الأدوات التي يستعملونها يومياً. يظنّ عدد كبير منهم أن الذكاء محدد منذ الولادة ولا يمكن أن يتغيّر على مرّ الحياة، لكنهم يجهلون كل شيء عن طريقة عمل الدماغ. لوحظ أن التلامذة الذين لا يعرفون أن الدماغ مرن بطبيعته ويستطيع تنظيم نفسه بشكل متواصل يعجزون عن تطوير قدراتهم رغم استعمال الوسائل التربوية الجديدة. لكن عند بدء الدروس بتحديد الخطوات المرتقبة والمشاكل المحتملة والكشف عن طرائق تسمح بتجاوز أفخاخ الدماغ، تتحسن النتائج وتزداد ثقة التلميذ بنفسه.

يجب أن تنسي الأفكار الحتمية والمسبقة مثل اعتبار ابنك فاشلاً في مادة معينة مهما فعل. حاولي أن تثبتي له أفضل الطرائق التي تسمح باستعمال القدرات الكامنة كافة: كي يحفظ درساً معيناً، يمكنه أن يعيد صياغته بكلماته الخاصة أو يعيد كتابته ويرسله على شكل رسالة إلى رفيق له. كذلك يجب أن يسمع دوماً أن الأخطاء التي يرتكبها ستسمح له بإحراز التقدم.

الحركة مفيدة لهم

تبيّن أن تلقي المعلومات من دون التفاعل معها، أي متابعة الجلوس وراء المكتب من دون تحريك ساكن، لا يُسهّل مسار التعلم. كشفت دراسة هولندية شملت 500 تلميذ أن التحرك خلال حصص الرياضيات والقواعد حسّن أداء الطلاب وزاد مستوى تركيزهم. طُلِب منهم أن يمارسوا نشاطاً جسدياً، بين 20 و30 دقيقة، ثلاث مرات أسبوعياً خلال الحصص (قفز، قرفصاء، رفع الذراعين...) قبل اختبار معارفهم ومقارنة نتائجهم مع أولاد يبقون جالسين. في النهاية، لوحظ أن الأولاد الذين تحركوا تعلّموا أكثر من غيرهم بمعدل أربعة أشهر.

لا توبخي ابنك إذا تابع التحرك أثناء الدرس ولا تربطي بين تركيزه وجمود جسمه! دعيه يتلو القصيدة التي حفظها أثناء المشي أو اسمحي له بحفظ جدول الضرب تزامناً مع رمي الكرة أو القفز على الحبل. وإذا كان ابنك المراهق يحرك قدمه أو يهز قلمه باستمرار، لا داعي للهلع! قد تكون هذه الحركة التلقائية واحدة من طرائق يستعملها كي يرتاح ويقدّم أفضل أداء له.

الثقة عامل أساسي

نعرف الآن أن البيئة المُحِبّة تعزّز نشوء الروابط بين الخلايا العصبية. يكمن السر الحقيقي في الحب! في أدمغة الأشخاص الذين يخوضون علاقات إيجابية، تنشأ خلايا عصبية جديدة في دوائر الذاكرة تحديداً. لذا ستتمكنين من التأثير في قدرات أولادك المعرفية حين تتعاملين معهم بحذر وعناية. يجب أن يشعر الأولاد في المقام الأول بـأن أهاليهم يثقون بقدراتهم كي يتعلّموا بطريقة فاعلة.

لا تُسقطي وضعك على ابنك أو تتكلي على الأفكار المسبقة بشأن التعلّم والتربية، مثل عدم تحقيق النجاح من دون اجتهاد، لأن هذه الأفكار لا تترك أي صدى في حياة الأولاد بل تزيد توترهم وضغطهم النفسي بكل بساطة. حاولي أن تضفي جواً ممتعاً عبر مراجعة الدروس وسط العائلة مثلاً أو تحضير حزازير عن الدرس أو تنظيم أمسيات للألعاب التثقيفية.

للتراجع منافعه

يبدو أن نمو دماغ الأولاد لا يتمّ على مراحل متعددة (على عكس نظام المدارس الذي يعمل وفق مستويات التعليم والفئات العمرية) بل يحصل بطريقة دينامية وغير ثابتة. انتشرت أفكار سابقة مثلاً عن ضرورة الانتظار حتى «عمر المنطق»، بين السادسة والسابعة، كي يفهم الطفل مفهوم العدد. لكن رصدت الاكتشافات الحديثة مفهوم العدد والقدرات الرقمية (بدرجة بسيطة طبعاً) لدى الأطفال قبل تعلّم اللغة، أي قبل عمر السنتين تقريباً. ونعرف الآن أيضاً أن الدماغ يعيد تنظيم نفسه دوماً بحسب حاجاته: إذا لم تُستعمَل المعلومات التي يخزّنها باستمرار، سيتخلى عنها لصالح آليات التفكير القديمة. نتيجةً لذلك، قد يتلاشى يوماً بعض المعلومات أو العواطف المكتسبة أو كل ما يتعلّمه الطفل في أي مجال آخر.

لا تخبري ابنك بأن عمره يحتّم عليه أن يعرف معلومات معينة ولا توبّخيه إذا لم يستوعب المعارف سريعاً. اسمحي له بالعودة إلى بعض المفاهيم التي يحتاج إليها أو قراءة كتب من طفولته أو تنظيم نشاطات «لا تناسب عمره». قبل حل أي مشكلة، شجّعيه على تحديد ما سيفعله لاسترجاع الذكريات وساعديه لتشغيل نمط «التفكير المنطقي». وحين يشعر التلميذ بالضياع والتوتر، من الأفضل أن تتجنبي النوبات التي يمكن أن تعطي نتائج عكسية خلال الفترة المخصصة للفروض المنزلية عبر ترطيب الأجواء وأخذ استراحة. في أصعب الحالات، يمكنك اللجوء دوماً إلى خيار الدروس الخصوصية.

لكل خطوة معناها المحدد

إذا حفظ الطفل سلسلة من حركات الأصابع على البيانو من دون تركيز انتباهه على النغمة، لن يتعلّم شيئاً! الدماغ مصمم كي يتعلّم مفاهيم تحمل معنىً محدداً، ما يسمح له بتأكيد الفرضيات التي يتكل عليها طبيعياً أو تصحيحها عند الحاجة.

الأخطاء والمفاجآت التي تسببها النتائج كفيلة بترسيخ المعارف الجديدة. لذا لا بد من بذل مجهود شخصي لحث الدماغ على التعلّم بطريقة متواصلة. يقال إننا نتعلم بصعوبة من أخطاء الآخرين وتجاربهم، لذا يجب أن نعيشها بنفسنا!

لا تجبري ابنك على الدرس المكثف أو إعادة قراءة الدروس إلى ما لانهاية. يُفترض أن يُستعمل أسلوب «الحفظ عن ظهر قلب» لاستيعاب معطيات معينة مثل التعاريف والنظريات والتواريخ... حاولي أن تربطي المعارف النظرية بالحياة الواقعية قدر الإمكان (استعملي الكسور عملياً أثناء العمل في المطبخ، راجعي الحوادث التاريخية عبر زيارة الأماكن الأثرية...). ولا تتدخلي في نشاطاته بغض النظر عن طبيعتها: كلما اتّسع هامش حريته، سيزيد تعلّقه بعمله وسيصبح أكثر قدرة على تطوير كفاءات اجتماعية وحركية وإبداعية.

back to top