حملت قدمها المبتورة معها إلى المنزل

نشر في 22-01-2017
آخر تحديث 22-01-2017 | 00:07
No Image Caption
في عام 2011، لاحظت كريستي لويال من أوكلاهوما أن الإصبع الصغرى في قدمها اليمنى أصابها الخدر. ورغم ترددها على عيادات الأطباء، انتشر الخدر وازداد إيلاماً. اتضح أنها مصابة بالسرطان في قدمها وأسفل ساقها. وعندما أخبرها الطبيب بضرورة الخضوع لجراحة بتر، سألته إن كان بإمكانها الاحتفاظ بالطرف المبتور.
أخبرت لويال (25 سنة) برنامج NewsHour: «ظنّ أنني أمزح. لكنني أكدت له مدى جديتي. أردت حقاً استعادة قدمي».

ربما استؤصل أحد أجزاء جسمك أو خضعت لجراحة إزالة حصى الكلى أو بترت إصبع لك أتلفها الصقيع. بعد الجراحة، يتخلّص المستشفى من أجزاء الجسم هذه. ولكن ماذا لو أردت الاحتفاظ بها للذكرى أو لإخافة أصدقائك؟

يرفض الأطباء أحياناً إعادة أجزاء الجسم، مدعين أنها تشكّل «خطراً حيوياً» أو أنها «غير شرعية». لكنّ هذين الادعاءين ليسا صحيحين بالكامل. يوضح الخبراء أن الاحتفاظ بجزء من جسمك لا يشكّل خطراً أكبر من الاحتفاظ بشريحة لحم.

مشكلة وحيدة

يذكر جورج أناس، عالم أخلاق حيوية من جامعة بوسطن: «تكمن المشكلة الوحيدة في إصابتك بمرض معدٍ أو احتواء أنسجتك على فيروس أو بكتيريا ما. في هذه الحالة، يتدخل المسؤولون العامون والقيمون على الصحة العامة لأن خطوة مماثلة تعرّض الصحة العامة للخطر».

أما إن كانت أعضاء جسمك خالية من المرض، فيكفي في هذه الحالة تجميدها وحفظها بالشكل الصحيح قبل تسليمك إياها. صحيح أن طبيب أورام لويال فوجئ بطلبها الاحتفاظ بقدمها، إلا أنه أخبرها بأن المستشفى يملك إيصال استلام لخطوة مماثلة، فوقعته وطلبت من المعنيين بحالتها ألا يرموا القدم.

أرسل الجراح أولاً القدم إلى مختبر متخصص في علم الأوبئة حيث استخدم خبراء متخصصون مواد كيماوية لحفظها.

إليك طريقة حفظ أعضاء الجسم. تتألف العينات الرطبة من أجزاء من جسم الإنسان أو الحيوان توضع في سوائل حافظة. يشكّل الفورمالين (خليط من الماء والفورمول) أكثر مادة حافظة استخداماً في معالجة العينات الرطبة، التي يبقيها مَن يجمعونها عادةً في الكحول عند تخزينها. إلا أن من المعروف أن الفورمول يسبب السرطان للإنسان. لذلك يتحوّل الفورمالين إلى مادة خطرة إن وقع في أيدي هواة. لكن المستشفيات تستطيع تسليم أعضاء الجسم المحفوظة إن عولجت بالطريقة الصحيحة.

بعد شهر من فحص قدم لويال وحفظها، أعادها المختبر إليها. فسلمتها لويال بعد ذلك إلى Skulls Unlimited، شركة في أوكلاهوما تنظّف هياكل البشر والحيوانات العظمية وتبيعها. تُدعى العظام النظيفة، والجلد، والبقايا المحنّطة عينات جافة.

أعضاء للبيع

أما بالنسبة إلى الوجه القانوني. في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً، ما من قانون فدرالي أميركي يمنع ملكية أجزاء من الجسم، إلا إذا كانت من سكان أميركا الأصليين. فقد حظر قانون حماية قبور سكان أميركا الأصليين واسترجاعها امتلاك بقايا أميركيين أصليين أو المتاجرة بها. بخلاف ذلك، تمنع ولايات قليلة امتلاك أجزاء من جسم الإنسان أو بيعها. على سبيل المثال، فرضت لويزيانا عام 2016 حظراً على امتلاك البقايا البشرية الخاصة مع بعض الاستثناءات. وتتبع ولايتا جورجيا وميسوري قوانين مشابهة.

يوضح أناس: «تشير القاعدة العامة إلى أنك وصي عليها. تُعتبر مالكاً لأعضاء جسمك ما دامت في داخلك. ولكن بعد إخراجها، نكوّن عادةً توقعاً منطقياً لما يجب فعله بها». يضيف أن من النادر أن يطالب مرضى الجراحات بأجزاء جسمهم، لكن الأخيرة تظلّ عموماً من ممتلكاتهم.

إذاً، لمَ قد يحاول طبيب أو مستشفى رفض طلب مماثل؟ ربما لا يودان خوض معمعة إعادة جزء الجسم المستأصل.

تذكر تانيا مارشا، محامية متخصصة في شؤون الجنازات والموت لها كتاب «قانون البقايا البشرية»: «عندما لا يرغبون في القيام بأمر ما، يقولون لك إنه غير قانوني. إلا أن ذلك لا يعني أنه أمر منافٍ للقانون. يستسلم كثيرون عندما يُخبرون بأن طلبهم محظور».

ثمة عقبات أخرى تحول دون ملكية عضو مبتور. يتبع بعض المستشفيات سياسة داخلية تمنع إعادة أجزاء الجسم المستأصلة. فضلاً عن ذلك، قد لا يبقى عضو الجسم سليماً بعد قطعه. على سبيل المثال، يعمد الجراحون عادةً إلى تفتيت حصى الكلى أو قطع عضو بغية إخراجه بسهولة أكبر. بعد ذلك، تُرسَل أجزاء الجسم إلى مختبر متخصص في علم الأوبئة حيث تُقطّع إلى أجزاء أصغر حجماً لتُستخدم كعينات علمية.

رغم هذه المعمعة المحتملة، كانت للويال أسباب شخصية دفعتها إلى الاحتفاظ بقدمها. تخبر: «أنا غريبة الأطوار. حاول أهلي إقناعي بعدم الاحتفاظ بها، إلا أنني ظننت أنني سأندم طوال حياتي إن لم أفعل ذلك».

لا تُعتبر لويال وحيدة في هذه الخطوة. يطالب مرضى بأجزاء جسمهم المستأصلة لأسباب دينية كي يُدفنوا بعد موتهم مع كامل أعضاء جسمهم، حسبما أخبر طبيب الأورام لويال.

علاوة على ذلك، ثمة سوق لأعضاء الجسم المستأصلة. صحيح أن القانون الأميركي مثلاً يحظر المتاجرة بأعضاء الجسم القابلة للزرع، لكن بيعها كسلع غريبة أو لبحوث علمية لا يخضع لقيود كثيرة. يبيع الناس شتى أجزاء جسم الإنسان على «فيسبوك»، من رموش العينين والجماجم إلى حلمات الثدي واليدين. في شهر نوفمبر 2016 مثلاً، باع أحد المستخدمين جنيناً بشرياً في أسبوعه الثاني عشر لقاء ألفي دولار أميركي. وباع مستخدم آخر في مجموعة فيسبوك ذاتها علباً صغيرة تحتوي على ست من حصى المرارة كل علبة لقاء 25 دولاراً أميركياً. ويؤكد الباعة أن هذه السلع تأتي عادةً من مجموعات طبية ما عادت مستعملة.

لا تخطط لويال لبيع قدمها. عملت شركة Skulls Unlimited على نزع اللحم عنها، وجففتها، ووضعتها في حوض من العثيات آكلة اللحم. قامت الشركة بعد ذلك بتبييض العظام وأعادت تعليقها معاً بترتيب. بلغت كلفة العملية 650 دولاراً واستغرقت أربعة أشهر. وهكذا صارت لويال تملك عظام قدم متكاملة تحملها معها حين تسافر، ملتقطةً الصور معها لتنشرها على صفحتها OneFootWander (التجول بقدم واحدة) على موقع «إنستغرام».

تختم لويال: «عليك أن تواصل تذكير الجميع بأنك تريد استعادة جزء جسمك المستأصل وأنهم لا يستطيعون التخلص منه. أصرّ بعناد على ضرورة استرجاعه».

الأطباء يرفضون أحياناً إعادة أجزاء الجسم إلى أصحابها مدعين أنها تشكّل « خطراً حيوياً »
back to top