6/6 : هرم التركيبة المقلوب

نشر في 20-01-2017
آخر تحديث 20-01-2017 | 00:19
 يوسف الجاسم أقرر بداية اتفاقي مع التوجه لتعديل الهرم المقلوب في تركيبتنا السكانية وفق تعبير فقيدنا المرحوم أحمد الربعي، هذا مع المطالبة بشحذ الهمة الوطنية المنتجة، التي تراجعت بعد أن استعاد الإنسان الكويتي خلال أشهر الغزو، الحالكة السواد، طاقاته المعطلة منذ تفجُّر النفط في تراب وطنه في أربعينيات القرن الماضي، ليتحول أيام الغزو، وفي غياب الوافدين، إلى ذلك الإنسان المنتج والكادح والعصامي الذي كان قبل النفط معتمداً على ذاته في جميع مناشط الحياة والمهن والحرف، بدءاً من أعمال النظافة ونقل القمامة، وانتهاء بالمهن والحرف الماهرة، كالعمارة وبناء السفن وجميع فروع المهن والتجارة الحُرة التي برع فيها الكويتيون، بل كانوا الأنموذج الأمثل لها ضمن دوائرهم الخليجية والعربية.

آباؤنا لم يترددوا عند الحاجة للتعليم النظامي والطب الحديث في ثلاثينيات القرن الماضي بالاستعانة بالعرب والأجانب الذين تحملوا معهم شظف العيش وقسوته، وهجروا ديارهم، المريحة نسبياً آنذاك، إلى أرضنا اليابسة ومياهنا المالحة، في زمن لا نفط لدينا ولا مال، ثم أضافوا بعلمهم وخبراتهم إلى جهود بناء دولتنا الحديثة بعد النفط، وكلنا يذكر المعلمين والمهندسين والأطباء والحرفيين العرب والأجانب الأوائل الذين أفنوا حياتهم في خدمة وطننا هم وأبناؤهم وأحفادهم حتى يومنا هذا.

في أزمنة الوفرة، علينا أن نتساءل:

• ألسنا نحن مسؤولين عن سياساتنا وخططنا ومناهجنا التربوية والتعليمية العقيمة التي دمرت فينا قيم الإنتاج والعمل، وشحذت مكانها مفاهيم الريعية والاتكالية؟

• ألم يخلق تراكم نهج وسياسات التدليل التي اتبعتها حكوماتنا وبرلماناتنا المتعاقبة أجيالاً اتكالية اعتمدت على الوافدين لأداء الأعمال عنهم بالنيابة، واكتفاء غالبيتنا بوظائف الياقات البيضاء، ولهاث البعض خلف الكسب الرديف والسريع، المشروع منه وغير المشروع، فاقتربت إنتاجية الغالبية منا إلى الحدود الصفرية، وحققنا أعلى مظاهر البطالة المقنعة عالمياً، بتأثير من انعدام الثواب والعقاب وتفشي أمراض الواسطة والمحسوبية، وزرع الوهم بأذهاننا على أننا شعب الله المختار في الدنيا؟

• ألم نُغرق البلد، وخاصة بعد التحرير، بطوفان العمالة الهامشية السائبة، وخلق طبقة طفيلية من علية القوم المتاجرين بالبشر وإقاماتهم عبر الشركات الوهمية؟ وهي طبقة لا يطولها القانون، ولا تحكمها ذمة حين خاطرت، ولا تزال، بأمننا الوطني والاجتماعي وتركيبتنا السكانية، واكتنزت الثروات من عذابات العمالة الهامشية البائسة والسائبة؟

• ألم نفشل في وضع حدود دنيا لأجور هذه العمالة وحدود عليا لساعات عملها، وخاصة في ظروف الخدمة المنزلية المزرية في غالب الأحوال (تجنباً للتعميم)، وتركناهم فرائس لما يشبه أعمال السُخرة؟

• هل نحن قادرون على أن نعتمد ذاتياً على طاقاتنا المحلية، لتنفيذ مشاريعنا التنموية الشاملة دون تطوير نهجنا التنظيمي والإداري والتعليمي، وخاصة التطبيقي والحرفي والصناعي منه، لتمكين كوادرنا الوطنية من تولي المهن والحرف النادرة والدقيقة والشاقة التي يقوم بها الوافدون؟

• ألسنا نحن مسؤولين عن إهدار فرص تنويع مصادر دخلنا وخلق مجالات أعمال جديدة لمخرجات تعليمنا السنوية؟

لعلها تساؤلات تستدعي الإجابة الملحة، قبل أن نتعجل في الحديث عن التضييق على الوافدين ومعاقبتهم، في وقت هم بحاجة للشكر والثواب، هذا مع اتفاقي مع ضرورة تصحيح الخلل في التركيبة السكانية وهرمها المقلوب.

أخيراً:

أرجو أن نصغي لرأي الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي في الوافدين هناك، ونتفكر في تركيبة عمان السكانية، ونتأسى بالنموذج الياباني لبناء الإنسان المنتج.

back to top