«من طمع طبع»

نشر في 20-01-2017
آخر تحديث 20-01-2017 | 00:15
 محمد العويصي يقول رسولنا الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فقد حيزت له الدنيا". في هذا الحديث الشريف يبين رسولنا الكريم أن الإنسان الذي يصبح آمناً في سكنه وبصحة جيدة وعنده طعام يكفيه ليومه فكأنه ملك الدنيا بما فيها.

ويفهم كذلك من هذا الحديث أن "القناعة كنز لا يفنى"، والإنسان القنوع يرضى بما قسمه الله له، ويشكر ربه على نعمة السكن والأمن والصحة الجيدة والطعام، بعكس الإنسان الطماع الذي يطمع بما عند غيره من مال، ويحاول الاستيلاء عليه بالحيلة والغدر، لكن العناية الإلهية تكون له بالمرصاد، وإليكم قصة "من طمع طبع":

عائلة صغيرة مكونة من زوج وزوجته وطفلهم الصغير محمد الذي يبلغ من العمر أربع سنوات، "بومحمد" رجل صالح تقي كريم، ذو سمعة طيبة بين الناس، ومحبوب من الجميع، ودائما يساعد الفقراء والمحتاجين والضعفاء، وكان سعيداً في حياته الزوجية، وفي يوم من الأيام مرضت زوجته فأخذها إلى المستشفى ليعالجها، وهناك أجريت لها الفحوصات والتحاليل الطبية، وصرف لها الدواء المناسب، ثم عاد بها إلى البيت، وبعد عدة شهور وفي إحدى الليالي الباردة من فصل الشتاء أسلمت أم محمد روحها إلى الباري عز وجل.

حزن "بومحمد" على فراقها حزنا شديدا، وقرر ألا يتزوج ليكرس حياته لرعاية وتربية ابنه محمد الصغير، أراد "بومحمد" الذهاب إلى الحج، وقال لأخيه "بوأحمد" لقد قررت الذهاب إلى الحج، وابني محمد أمانة عندك، فأنت تعرف أنني أملك فدانين، فإذا متّ في الحج، لا قدّر الله، فاستثمرهما حتى يكبر محمد.

ذهب "بومحمد" إلى الحج لكنه لم يعد مع العائدين، فقد توفي ودفن هناك، وعاش محمد عند عمه وزوجته وولديهما أحمد وفاطمة، وفي إحدى الليالي قالت أم أحمد لزوجها أنت تملك فداناً واحداً، ومحمد يملك فدانين، فلنتخلص منه ونأخذ الفدانين.

الزوج: كيف أتخلص من ابن أخي، يمكن أن ينكشف أمرنا ونروح في 60 داهية؟!

الزوجة: شايف الدار اللي جدارها مائل نضع محمد جنب الجدار ونخرج خارج البيت، وندفع الجدار فيسقط عليه ويموت، فوافق الزوج على خطتها الشيطانية، وفي اليوم المحدد لارتكاب الجريمة، أخذ العم محمد لينام في الدار بجانب الجدار المائل... وكانت فاطمة وأخوها أحمد في الدار الأخرى، خرج الزوجان من البيت لتنفيذ خطتهما وأثناء خروجهما طلبت فاطمة من محمد أن ينام في دارهما وهما ينامان مكانه، وكان لهما ذلك.

في تلك اللحظة دفع الزوجان الجدار المائل فسقط على فاطمة وأحمد وماتا في الحال، وشاهد الزوجان ولديهما ميتين فقاما بالصراخ والعويل، ومن هول الصدمة سقطا أرضاً وفارقا الحياة.

سبحان الله أنقذت العناية الإلهية محمد من موت محقق بسبب صلاح أبيه، لأن الرجل الصالح يحفظ في ذريته وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة، "وكان أبوهما صالحا". (الكهف). وورث محمد فدان عمه وصار عنده ثلاثة فدادين وبيت، وقديماً قالوا في الأمثال: "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها".

اقرأ واتعظ:

هي القناعة لا تبغي بها بدلاً

فيها النعيم وفيها راحة البدن

انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها

هل راح منها بغير القطن والكفن؟!

back to top