منظور آخر: عفن العنصرية

نشر في 19-01-2017
آخر تحديث 19-01-2017 | 00:08
 أروى الوقيان عطرك الفرنسي الفاخر لا يستطيع أن يزكم أنوفنا عن عفن تلك العنصرية التي تفوح بها حروفك، وتأنقك المبالغ فيه الذي تغطي فيه هذه الكراهية للآخر لن يجعلنا نهمل قبح عنصريتك، وتفاخرك بأنك من نسل نادر وكأنك حيوان معرض للانقراض لن يجعلنا نحترمك أبداً، بل العكس تماما هو سبب وجيه لكي نحتقرك.

الدماء حمراء، ومن قرر جعل دماء البعض زرقاء لم يكن سوى عنصري غبي، والأغبى كمية البشر التي صدقت أن هناك من هو أفضل منهم، فهذا الغرور الجاثم على روحك بسبب اسم أو جنسية أو أصل لم تبذل أنت شخصيا أي مجهود من أجله لا يعطيك الحق بأن ترى نفسك فوق الناس وأهم منهم.

تلك الأنا المنغمسة بوهم كبير يجعلك تظن أنك "أفضل" ليس بسبب إنجاز، أو علم وصلت إليه، بل بسبب جنسك أو جنسيتك هي أنا مريضة تستحق العلاج، وتلك الكراهية المتفشية في العالم إن تعمقت في أسبابها فلن تجد سوى أصل واحد لها وهو العنصرية البغيضة التي رضعتها مع حليب أمك، والتي أوهمتك بأن لك اسما وجنسا ولونا تجعلك أفضل ممن هم مختلفون عنك.

تطور الموضوع ليصبح أكثر تعقيدا، فبعد مرحلة الشكل والاسم والجنس والجنسية أصبح كل شخص يظن أن دينه هو الحق، وباقي الكرة الأرضية التي لا تتبعه تستحق القتل لأنها كافرة.

والآن أصبح الموضوع أكثر تعقيداً! حتى أبناء الدين الواحد بات كل شخص يشعر بأن مذهبه هو الأصح، ويهاجم غيره فقط لأنه لم يتربّ عليه.

لم يختر أي شخص فينا كل ما سبق، وكل ما اكتسبناه هو عطية الله لنا، ولا يريد الله للبشر أن يتقاتلوا، وأن يظنوا أن عرقا أفضل من غيره، وأن لونا أحسن من غيره، بل يريد الله لنا أن نتعايش مع بعضنا رغم اختلافنا، وننصهر معا رغم كل شيء.

ولكن ما الذي يريده البشر؟ إنهم يريدون أن يتقاتلوا ويتحاربوا ويسفكوا الدماء؛ لأن كل فرد يظن أنه الأصح والأفضل والأصلح، فهل تساءلت يوما لماذا خلقنا الله مختلفين؟ هل السبب فعلا هو لنقتل بعضنا؟ بالطبع لا، كل الحروب سببها البشر الذين أجادوا منذ بدء الخليقة صنع الحرب لا السلام.

عفن العنصرية بات يفوح في كل بيت، وفي وسائل التواصل الاجتماعي التي كشفت مدى قبح الكراهية، ومدى توغلها في النفوس، فابحثوا عن الله في عبادتكم لا في أخطاء العالم، ودعوا الخلق للخالق، وامنحوا الأرض قليلا من الحب ليسود شيء من السلام الذي بتنا نتعطش لأخباره.

قفلة:

في انتهاك صارخ للإنسانية أصدرت وزارة التربية قراراً يؤكد فيه أن المعلمين من فئة البدون لا يستحقون أي نوع من أنواع الإجازات، وذلك لأن ديوان الخدمة المدنية يشير إلى أن "البدون" يقدمون خدماتهم تحت بند الأجر مقابل العمل، مما يجعلهم لا يستحقون أي إجازات مرضية أو دورية أو إجازات وضع أو أمومة أو حج أو طارئة!

وتتم معاملتهم على أساس أنهم آلات لا تمرض أو تعطب! أشعر بخجل شديد وأنا أقرأ قراراً مجحفاً مثل هذا، وأتمنى أن يتم إلغاؤه، لا سيما أن الكويت مركز للعمل الإنساني ووجود قرار مثل هذا يسيء إلى سمعتها!

back to top