الاختلاف في ضغط الدم بين ذراعيك... مؤشر خطر

نشر في 19-01-2017
آخر تحديث 19-01-2017 | 00:00
No Image Caption
عندما نتحقّق من ضغط دمنا، نقيسه في ذراع واحدة. بيد أن هناك سبباً وجيهاً يجب أن يدفعنا إلى التحقّق من ضغط دمنا في الذراعين: يشكّل الاختلاف الكبير في ضغط الدم الانقباضي بينهما (يُحدَّد بـ ≥ 10 مليمترات زئبق) إشارة إلى تفاقم خطر الإصابة بمرض قلبي وعائي أو حتى الموت.
يعود ضغط الدم الأعلى في إحدى الذراعين على الأرجح إلى تضيّق الوعاء الدموي الذي يدعى «الشريان» فيها. ومن أسباب تضيّق الأوعية الدموية الأكثر شيوعاً في الجسم تصلّب الشرايين (تراكم الكولسترول). ولما كانت الحالة الأخيرة تميل إلى إصابة الأوعية الدموية في شتى أنحاء الجسم، فقد تعيق تدفق الدم إلى أعضاء حيوية، مثل القلب والدماغ، ما يؤدي إلى نوبة قلبية أو سكتة دماغية.

أما الاختلاف البسيط في ضغط الدم الانقباضي بين الذراعين (< 10)، فهو أمر شائع ولا يحمل دلالات سريرية على ما يبدو. لكن دراسات كثيرة أظهرت أن الاختلاف الكبير (≥ 10 مليمترات زئبق) يشكّل مؤشراً إلى مرض قلبي وعائي والوفاة. على نحو مماثل، أكّد تحليل شامل نُشر أخيراً في مجلة Clin ExpHypertens 2016 الرابط بين الاختلاف في ضغط الدم بين الذراعين وبين ارتفاع خطر الموت بسبب الاضطرابات القلبية الوعائية.

في الدراسة، راجع الباحثون بيانات سبع دراسات سابقة (من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكوريا الجنوبية، والصين) ركّزت خصوصاً على معدل الوفيات في حالة مَن يعانون اختلافاً في ضغط الدم الانقباضي بين الذراعين. شملت الدراسة 17439 مشاركاً، وقيّمت مجموعتَين: مَن بلغ الاختلاف في ضغط الدم بين ذراعيهم ≥ 10 مليمترات زئبق و≥ 15 مليمتراً زئبقاً. تراوحت فترة المتابعة بين 3 و16 سنة وفق الدراسة. بلغ مجموع الوفيات المرتبطة باضطرابات قلبية وعائية 693 حالةً. وعندما قارن الباحثون مَن بلغ الاختلاف في ضغط دمهم بين الذراعين < 10 مليمترات زئبق بمن بلغ الاختلاف في حالتهم ≥ 10 مليمترات زئبق، اتضح أن معدل الوفيات بسبب الاضطرابات القلبية الوعائية أعلى بنحو 58% في المجموعة الأخيرة. وعندما قارنوا مَن بلغ الاختلاف في ضغط دمهم بين الذراعين < 15 مليمتراً زئبقاً بمن بلغ الاختلاف في حالتهم ≥ 15 مليمتراً زئبقاً، تبين أن معدل الوفاة تضاعف تقريباً (أعلى بنحو 88%) في المجموعة الأخيرة.

إذاً، بالاستناد إلى نتائج الدراسة، يتبين أن احتمال الوفاة جراء الاضطرابات القلبية الوعائية يبلغ حده الأقصى بين مَن يعانون أكبر اختلاف في ضغط دمهم بين الذراعين. وعند تحليل النتائج وفق المجموعات الفرعية، لم يختلف خطر الوفاة مع السن، أو الجنس، أو معدل ضغط الدم الأساسي، أو الجنسية.

تتلاءم نتائج الدراسة مع ما توصلت إليه دراسات تحليلية شاملة سابقة، إذ كشفت أن الاختلاف في ضغط الدم بين الذراعين يشكّل مؤشراً إلى ارتفاع خطر الإصابة باضطرابات قلبية وعائية، فضلاً عن الوفاة، علماً بأن الخطر يزداد عندما يكون الاختلاف أكبر. ولما كان مَن يواجهون عوامل خطر إضافية ترتبط بالأمراض القلبية الوعائية، مثل ارتفاع ضغط الدم، والداء السكري، وارتفاع معدل الكولسترول، والتقدم في السن، يعانون عموماً اختلافاً أكبر في ضغط الدم بين الذراعين، فتكون النتائج التي يواجهونها أكثر سوءاً.

حدود الدراسة

لم تأخذ الدراسة في الاعتبار أسباب تضييق الأوعية الدموية الأخرى، غير تصلب الشرايين، وتأثيرها في معدل الوفاة. علاوة على ذلك، لم يُقَس الاختلاف في ضغط الدم بين الذراعين إلا في مستهل الدراسات. لذلك لم يُقيَّم تأثير تحسن ضغط الدم أو أي تعديلات في المخاطر بمرور الوقت.

متزامن مقابل متعاقب

يشكّل قياس ضغط الدم في الذراعين في وقت واحد أفضل طريقة لتقييم الاختلاف في ضغط الدم بينهما، علماً بأنها الطريقة المعتمدة في البحوث، وتساهم أيضاً في تفادي ظاهرة «تأثير التسلسل»، التي تزيد احتمال ارتفاع قياس ضغط الدم في الذراع الثانية مقارنة بالأولى، ما يؤدي إلى مبالغة في التقييم.

دروس علينا حفظها:

• عندما يكون ضغط الدم طبيعياً في إحدى الذراعين، لا يعني ذلك أنه كذلك في الذراع الأخرى.

• يشكّل التحقق من ضغط الدم في الذراعين وسيلة بسيطة غير غازية تتيح لك تقييم خطر الأمراض القلبية الوعائية.

• صحيح أن تصلب الشرايين في اليدين ليس أمراً شائعاً، إلا أن الإصابة به تزيد احتمال تصلب الشرايين في أعضاء أكثر عرضة لهذا الاضطراب، مثل القلب.

• عندما نلاحظ اختلافاً كبيراً في ضغط الدم بين الذراعين، من الأفضل أن نستشير الطبيب بغية التأكد من النتيجة.

• عند التأكد من الاختلاف في ضغط الدم الانقباضي، يخضع المريض لفحوص بهدف البحث عن تضيّق أو انسداد في الأوعية الدموية، ما يمهّد الطريق أمام تبدل المخاطر.

• تُعتبر الأمراض القلبية الوعائية نتيجة لعوامل خطر عدة، مثل ارتفاع معدل الكولسترول، أو الداء السكري، أو التدخين، أو التقدم في السن، أو ارتفاع ضغط الدم، علماً بأن هذه العوامل تساهم كلها في تصلب الشرايين. ويشكّل الاختلاف في ضغط الدم بين الذراعين وسيلة سريعة وسهلة لاكتشاف تصلب الشرايين. رغم ذلك، قلما تُستخدم. لكن زيادة الوعي بشأن هذه الأداة البسيطة قد يساهم في تفادي النتائج السلبية بالتدخل المبكر.

قياس ضغط الدم في الذراعين في وقت واحد أفضل طريقة لتقييم الاختلاف في ضغط الدم بينهما
back to top