الثرى والثريا

نشر في 17-01-2017
آخر تحديث 17-01-2017 | 00:15
 يوسف عبدالله العنيزي "لا إله إلا الله" عبارة التوحيد التي حملها أنبياء الله ورسله إلى الناس كافة منذ أن خلق الله الأرض والسماء وقدر الأكوان، ومنذ أن خلق الله سيدنا آدم عليه السلام مرورا بكل الرسل وصولاً إلى رسولنا العظيم محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأجلّ التسليم خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، هذه العبارة التي تدخل في القلوب الأمن والطمأنينة بقوله عز وجل "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ".

كم هو محزن أن نرى الآن بعض الجماعات والمنظمات الإرهابية وقد جعلت هذه العبارة العظيمة راية لها؛ لتمارس تحتها ومن خلالها عمليات القتل والتدمير وجز الرؤوس وحرق البشر أحياء، وتفجير الأطفال وتلغيمهم بأحزمة ناسفة، فأي دين تنادي به تلك الجماعات والمنظمات التي غاصت في مستنقع الإرهاب وثرى العنف وترويع الآمنين؟

أين هذه الرايات الإرهابية من رايات المملكة العربية السعودية التي ازدانت بعبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، فقامت من خلالها بخدمة الإسلام والمسلمين، فشقت الطرق وحفرت الأنفاق، وشيدت الجسور حتى غدت منطقة الشعائر المقدسة آية معمارية أدت بالضرورة إلى أداء حجاج بيت الله الحرام شعائر الحج بكل يسر وسهولة، ولم تكتفِ بذلك، بل سارعت في توسعة الحرم المكي قبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، كما قامت بتوسعة الحرم المدني حيث يسجى الجسد الطاهر لرسول الله ونبي الأمة الذي أرسل ليتمم مكارم الأخلاق ورحمة للعالمين، وليس ليقتل ويدمر ويروع الآمنين وينتزع الروح التي أودعها الله في خلقه.

أين هذا الثرى الذي غاصت به تلك الجماعات والمنظمات من تلك الثريا التي تجاوزتها رايات المملكة العربية السعودية التي ازدانت بعبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، ويشهد الله أني لا أكتب هذا نفاقا أو مجاملة أو مدفوع الثمن كما يتبادر إلى أذهان البعض، بل يشهد على هذا كل منصف أسعده الله بأداء فريضة الحج أو العمرة، والتشرف بزيارة مدينة رسول الله.

لقد عشت في ذلك البلد العزيز ما يقارب سبع سنوات ما بين مدينة جدة عامي 1974 و1977 ومدينة الرياض ما بين عامي 1977 و1980، وقد سعدت بتكوين نخبة من الأصدقاء كانوا سنداً وذخراً لي في أداء عملي، حيث كنت أتولى رئاسة مكتب دولة الكويت التجاري الذي كلفت بإنشائه، وكان يمثل أول قنصلية دبلوماسية، وكم أعتز بأني كنت أول قنصل في مدينة الرياض العزيزة.

وكانت نخبة الأصدقاء تضم العديد من الشخصيات من أمثال د. إبراهيم العواجي، وكيل وزارة الداخلية في ذلك الوقت، والمغفور له بإذن الله حمد الدهامي والأخ العزيز عبدالله البليهد مدير مكتب خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز عندما كان يتولى منصب أمير منطقة الرياض، والأخ العزيز وليد الإبراهيم والأخ العزيز خالد الإبراهيم والأخ الفاضل سمير الهاجري، والأخ الكريم محمد الغنيان وغيرهم من إخوة كرام كانوا خير صديق ومعين لي في أداء عملي.

وقد كان لمعالي الأخ الفاضل سعود محمد العصيمي سفير دولة الكويت لدى المملكة العربية السعودية في تلك الفترة دور مميز في دفع هذا التواصل والتعاون بين البلدين إلى آفاق رحبة، في ظل ظروف كانت تقتضي مثل تلك اللقاءات المستمرة.

وهناك حقيقة واضحة لا تحتاج إلى برهان، فلا غنى للكويت عن المملكة العربية السعودية، ولا غنى للسعودية عن الكويت، ويشهد التاريخ على ذلك من خلال بعض الأحداث، فعندما ضاقت الأرض بما رحبت أمام المغفور له بإذن الله عبدالرحمن الفيصل آل سعود، لم يجد بيتا وقلوبنا مفتوحة كما وجدها في الكويت وأهلها وأميرها الشيخ مبارك الكبير، فانطلقت من الكويت تلك الكوكبة من الرجال بقيادة الملك عبدالعزيز آل سعود تغمده الرحمن برحمته فكانت تلك الانطلاقة المباركة هي الركيزة لتأسيس المملكة العربية السعودية الموحدة.

وفي الثاني من أغسطس عام 1990 وعندما ضاقت الأرض بما رحبت بالكويت وأهلها وقيادتها فتحت السعودية وقيادتنا وأهلها أبوابها وقلوبها، ومنها انطلقت تلك القوات المباركة، فأعادت النهار إلى "وطن النهار"، وطردت جيوش الظلام، وما زالت كلمات المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز "إما أن تبقى الكويت والسعودية أو تذهب الكويت والسعودية" منقوشة في قلوب أهل الكويت. هكذا كانت الكويت والسعودية، وهكذا ستبقيان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأسأل الله أن تهب من الرياض العزيزة "نسايم السلام" لتطفئ نيران الحروب والعواصف التي أكلت الأخضر واليابس، ونحن على يقين بقدرة المملكة وقيادتها على ذلك.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top