«الميديا» وتجار الدمار

نشر في 14-01-2017
آخر تحديث 14-01-2017 | 00:03
 محمد خلف الجنفاوي في عالمنا العربي، تعكس "السوشيال ميديا" في الغالب الواقع العنصري والطائفي والتطرف الفكري، فضلاً عن أنظمة بوليسية وغرف سوداء لبعض الحكومات والأجهزة الأمنية، حيث أسست محركات بأسماء لها اتجاه واحد في تضخيم قضية ما أو طمس أخرى، فيشهر أحدهم هاتفه بين جدران الغرفة أو المكتب أو حتى في المقهى ليمارس تغيير العالم بوعي فكري حسب أزمته الخاصة.

وهؤلاء يسيرون في عدة اتجاهات، فمنهم من يتخذ من خلال لغة شيقة ومعلومات لا تكون جلها بالغالب صحيحة طريقة للعرض، ولكن بأسلوب رشيق تتحول إلى كرة ثلج يتلقفها الطرف الثاني، وهو في الغالب عدد كمي يعمل كجهاز استقبال وإرسال، دون التأكد، حتى من مصدر آخر للخبر أو الحدث أو التحليل!

أما النوع الثاني فهو محترف في تركيب التصريحات والتعليقات الموجهة لتدمير شخصية يختلف معها أو التشويش على حدث ما. ولكن النوع الثالث، وهو الأخطر، ينشر لغة التطرّف بعدة اتجاهات، ولا يهتم بعواقب لغة العنف وإلغاء الآخر حتى إن دمر بلده، فبالنسبة إليه يرى أن مكونه هو الأنقى والأجدر بالعيش!

والنوع الرابع هو المشارك بسلبية في أغلب الأمور، وحينما تأتي أي قضية يمتنع عن المشاركة حتى إن كانت خاصة بفكره ورأيه، وحتى لو كانت تخص وضعه السياسي والاجتماعي، ولا يتحدث إلا بعد فوات الأوان لتكوين رأي عام، وحينها يحادث الأطلال ويبكي على اللبن المسكوب!

أما الخامس فهو صاحب رأي واختلافه فكري، وليس الوطن لديه "أنا أو أنت" بل "أنا وأنت"، فلا شخصانية أو عنصرية لديه، ويتقبل التغيير للأفضل، وإن كان يخالف رأيه سابقاً، وهو كذلك متغير مع الفكر والتحليل وفكرة التعايش السلمي، والأهم تقديم حلول لمشاكل تناقش على الساحة السياسية أو الاجتماعية... إلخ.

وهذا الأخير هو المهم والأنفع لنفسه ومجتمعه، فالقضية الأساسية لديه أن جميع الألوان والعقول موجودة في المجتمع البشري، وتعزيز ثقافة الحوار والتسامح واحترام الاختلاف تبدأ بالمنزل، لأنه نقطة الانطلاق لجميع مناطق العالم الخارجي.

"الجميع يفكر في تغيير العالم ولكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه".

(ليو تولستوي)

back to top