الممثلة الأميركية إيمي آدامز: تمتعي بالنفوذ لا يعني أن أنوثتي مهدّدة

نشر في 11-01-2017
آخر تحديث 11-01-2017 | 00:00
تتّسم الممثلة والمغنية الأميركية إيمي آدامز بالصدق والصراحة في حواراتها. تتحدث في ما يلي عن شخصيتها الهادئة وتؤكد أنها لا تحب لفت الأنظار بل يسهل أن تختفي سريعاً في أي غرفة. كذلك تتطرّق إلى طفولتها، وإلى زواجها من رجل متفائل فيما ترى نفسها تميل إلى التشاؤم. وتكشف السبب الذي يجعل ابنتها تفضّلها بلا ماكياج.
حضرت إيمي آدامز أخيراً أول عرض لفيلم Arrival (الوصول) في بريطانيا، وهو من فئة دراما الخيال العلمي ومن إخراج دينيس فيلنوف. تؤدي فيه دور العالِمة اللغوية لويز، تستدعيها الحكومة الأميركية لمساعدتها على فهم لغة كائنَين فضائيين هبطا للتو على كوكب الأرض. الفيلم ليس سخيفاً بقدر ما توحي به الحبكة، بل يحمل عمقاً سياسياً معيناً.
تؤدي إيمي أيضاً دور البطولة في فيلم Nocturnal Animals (الحيوانات الليلية) للمخرج توم فورد حيث تجسّد شخصية سوزان، صاحبة معرض فني تجد نفسها عالقة في منزل جميل وزواج تعيس ثم يعود ماضيها ليزعزع حاضرها. بعد مشاهدة العملين، لا مفر من أن نشيد بتركيزهما على ذكاء الشخصية النسائية بدل شكلها الخارجي. لكن لم تكتمل هذه الصورة الإيجابية لأن المجلات البريطانية والأميركية انشغلت في اليوم الذي تلا العرض الأول بانتقاد ثوب آدامز المكشوف. امتعضت النجمة مما حصل وقالت إنها تريد أن تتمكن المرأة من ارتداء ملابس جريئة تزامناً مع الحفاظ على قيمتها.

عاصفة هادئة

حين سُئلت إيمي عن المهنة التي كانت لتتجه إليها لو لم تنجح في التمثيل، قالت إن كثيرين يرونها كمعلمة. لا يُعتبر هذا التوجه غريباً عليها لأنها تصغي بإمعان إلى كل سؤال وتردّ بأسلوب حذر ويسهل أن نتخيّلها وهي تُعلّم مجموعة من المراهقين بكل صبر وتفانٍ. لا يتمتع معظم الممثلين الذين يرتقون إلى مستوى إيمي بهذه الصفات. يدخل بعض الممثلين مجال التمثيل كي يصبحوا قدوة للآخرين أو يرغب البعض الآخر في إخفاء شخصيات داخلية أخرى. تبدو إيمي أقرب إلى الفئة الثانية.

تقول: «أنا وزوجي شخصان هادئان جداً. في المقابل، يتمتع أشخاص كثيرون مثل جنيفر لورانس بطاقة عجيبة، فيكفي أن تدخل إلى أي قاعة كي يلاحظ الجميع وصولها. لا أظن أن هذه الشخصية تسعى إلى جذب الانتباه عمداً، بل إنه جزء من طبيعتها. أما أنا فيسهل أن أختفي عن الأنظار سريعاً في أي غرفة. شخصياً، أفضّل هذا الوضع».

تتابع: «في الماضي، كنت أعتبر الأمر عيباً لأنني ظننتُ أن الممثلة يجب أن تلفت النظر دوماً وما كنتُ أتمتع يوماً بالطاقة اللازمة لجذب اهتمام الآخرين. احتجتُ إلى وقت طويل قبل أن أتقبّل الوضع لأنني كنت ألاحظ أن بعض الناس يحصل على فرص كثيرة استناداً إلى تلك الصفة غير الملموسة، وكان ذلك الوضع يسبب لي الإحباط. لكن في عمر العشرينات وأوائل الثلاثينات، حين لم أكن أعمل بمعنى الكلمة، أدركتُ أنني أريد أن أركّز على عملي. لا أتمتع بتلك «الميزة» بكل بساطة».

لا يعكس رأي إيمي عن افتقارها إلى الكاريزما جانباً من شخصيتها بقدر ما يكشف حقائق عن توقعات تنتظرها هوليوود من المشاهير اليوم. تبدو الممثلة ملتزمة وجدّية جداً لكنها تتّسم أيضاً بالصدق حين تسترسل في الكلام. ربما ساعدها تركيزها على العمل في الحفاظ على مسيرة تمثيلية شبه مثالية.

تبلغ إيمي اليوم 42 عاماً ويمكن أن يكون اسمها كافياً لإنتاج أي نوع من الأفلام. برز بعض الممثلات اللواتي قدّمن أدواراً قيّمة في عمرها وأثبتن بذلك أن العمر لا أهمية له في هذا المجال. نذكر منهنّ جوليا روبرتس ونيكول كيدمان وكيت بلانشيت. لكن لإيجاد من يضاهيها في تنوّع الأدوار، يمكن أن نتجه إلى ممثلات مثل ميريل ستريب علماً بأن إيمي شاركتها في بطولة ثلاثة أفلام حتى الآن.

نجمة

سطع نجم إيمي فجأةً في عام 2005، حين كانت تبلغ 31 عاماً، بفضل أدائها دور آشلي في فيلم Junebug (خنفساء يونيو) وترشّحت عنه لجائزة أوسكار، ثم عادت ومثّلت في أعمال موسيقية وأفلام كوميدية ودرامية. ترشّحت لاحقاً لأربع جوائز أوسكار ويمكن الرهان بكل ثقة على ترشّحها مجدداً هذه السنة. لا يمكن إيجاد عدد كبير من الممثلات اللواتي يستطعن التنقل بين دور حبيبة ملاكم وقحة (فيلم The Fighter (المقاتل) وامرأة مخيفة ومتعصّبة دينياً (فيلم The Master (السيد) كما فعلت إيمي.

في فيلم American Hustle (الصخب الأميركي)، أدركت إيمي كيف تستعمل الشخصية التي تؤديها، سيدني، حياتها الجنسية للتعويض عن روحها المكسورة. وفي Big Eyes (عيون كبيرة) للمخرج تيم بورتون الذي يطرح حياة الفنانة مارغريت كياني، جسّدت شخصية كان يسهل أن نعتبرها ضحية خانعة لزوج متسلّط لكنها برعت في تقديم شخصية متعددة الجوانب في هذا الفيلم فنقلت مخاوفها وقوتها وشغفها بالفن.

بين الأم والنجمة

إيمي نجمة حقيقية لكنها لا تدخل في خانة المشاهير كونها لم تستغل يوماً حياتها الشخصية خدمةً لمسيرتها المهنية، كذلك لا تكشف معلومات كثيرة عن نفسها: «كلما زاد اهتمام الناس بحياتي الخاصة، سيتراجع اهتمامهم بالشخصيات التي أقدّمها!». تزوجت من الفنان دارين لوغالو منذ 15 سنة ولديهما ابنة اسمها أفيانا وعمرها ست سنوات. أوضحت الطفلة منذ البداية أنها لن تصبح جزءاً ظريفاً من شهرة والدتها. تقول آدامز: «لا أضع الماكياج كثيراً في المنزل لأن ابنتي رأتني وأنا أتبرّج حين كانت أصغر سناً وقالت لي: تشبهين إيمي آدامز حين تتبرّجين، وأنا أريدك أن تكوني أمي بكل بساطة!».

تتابع: «كانت ابنتي تجيد التمييز بين شخصيتي العامة والخاصة. حين رأتني أتبرج، شعرت بأن ذلك يرتبط بجزء آخر من حياتي لكنها أرادت أن أكون لها وحدها. حتى أنها كانت تسألني إذا كنت ذاهبة إلى العمل في كل مرة أستحمّ فيها!».

لكن هل غيّرت تجربة الأمومة طريقة تجسيدها المشاعر على الشاشة؟ تجيب إيمي: «أشعر طبعاً بأنني أصبحتُ أكثر شفافية وانفتاحاً على العواطف وهذا الوضع يفيدني. لكن تغيّرت في المقام الأول طريقة تعاملي مع عملي. كانت علاقتي به شائبة وكنت أجلب معي إلى المنزل مخاوفي كافة وتوقعاتي. وإذا شعرتُ بأن المخرج لم يحبّ أدائي، كنت أعيش محنة حقيقية. كان يجب أن يتغير ذلك الوضع».

بين العمل والمنزل

تعلّق أهم دافع لذلك التغيير بفيلم American Hustle للمخرج ديفيد أو. راسل المعروف بمزاجيته. اعترفت إيمي آدامز في إحدى المقابلات لاحقاً بأنها بكت في ذلك الفيلم: «ما حصل كان مثيراً للاهتمام. لا أريد أن أفصح عن كل شيء لأنني لا أشعر بأنني ضحية خياراتي لأي سبب. لم يجعلني راسل أبكي بالضرورة لكني بكيت. أثّرت بي تلك الشخصية بطريقة غريبة وزاد أثرها بسبب الطاقة التي يتمتع بها ديفيد».

توضح: «لم أكن أستطيع حمل هذه المشاعر معي إلى المنزل. أزعجني تجسيدي تلك الشخصية لكن أثّر بي أيضاً الجو المشحون. في مرحلة معينة، شعرتُ بأنني لا أريد متابعة العمل ولا أريد أن أكون بتلك الشخصية لأجل ابنتي».

في السنوات الأولى لدخولها عالم التمثيل، تقول إيمي، «لم أكن أجيد إقامة أي توازن للفصل بين العمل والمنزل. لكني لم أعد أعيش هذا الهوس اليوم. لا يعني ذلك أن عملي لم يعد مهماً لكني أدرك الآن أنني سأعود إلى منزلي في نهاية كل يوم وسأقرأ القصص لابنتي».

أيام الطفولة

وُلدت إيمي في عائلة كبيرة وكانت واحدة من سبعة أبناء وتنقلت عائلتها من مكان إلى آخر إلى أن بلغت ثماني سنوات، فاستقروا حينها في كولورادو. تقول في هذا المجال: «تأثرتُ بتلك الأجواء وبقيتُ متمسّكة بالماضي. يسهل أن تختفي إذا كنت واحداً من سبعة أشقاء وكنت أحب أن أبقى بمعزل عن عيون الآخرين. بهذه الطريقة يمكن أن أنجو بأفعالي وقد أصبح منسيّة إذا لم أواكب الآخرين. لذا كان يسهل أن أختفي».

نشأت إيمي في كنيسة المورمون مع أن والديها تركا هذه الكنيسة في صغرها. ثم تطلّقا حين كانت في الحادية عشرة من عمرها. أصبح والدها لاحقاً مغنياً محترفاً وزاد اهتمامها بالغناء. أما والدتها فأصبحت خبيرة شبه محترفة في كمال الأجسام. اليوم، تقاعد والدها وباتت والدتها معالِجة بالتدليك وتحب تسلق الجبال.

زوج داعم

تقابل دارين وإيمي في حصة تمثيل في عام 2001 وتزوجا في السنة الماضية. كانت أفيانا تسافر معهما لكنها تلازم المنزل في لوس أنجليس الآن بما أنها تذهب إلى المدرسة. يجيد دارين التكيّف مع نجاح زوجته لكنه قدّم تضحيات كثيرة كونه يسافر معها دوماً ويساعدها للحفاظ على تماسك العائلة، وتقدّر إيمي ما يفعله لأجلها وتعتبره شريكاً ممتازاً لها وتشيد بقدرته الخارقة على الاعتناء بالآخرين.

تضيف إيمي: «يضحكني من يعتبر مهمّة الاعتناء بالأولاد حكراً على النساء. لا أشعر بأن أنوثتي مهددة مثلاً إذا كنت أتمتع بالنفوذ أو أحمل أي صفة يُعرَف بها الرجال. لذا لا أفهم ما يجعل الرجال يشعرون بأن رجولتهم مهدّدة».

«زوجي متفائل جداً بينما أعتبر نفسي أكثر ميلاً إلى التشاؤم والبراغماتية»، تقول إيمي، «لكني صادقة ومباشرة جداً في أسلوبي وشاهدتُ أعمال زوجي الفنية وقلتُ له في إحدى المناسبات «إنه يستطيع تقديم أداء أفضل» بأسلوب شخصيتي في فيلم Nocturnal Animals. أتعلّم الكثير من شخصياتي وتذكّرني هذه الشخصية تحديداً بضرورة المثابرة. على مر علاقة مضى عليها 15 سنة، كنت أعترف بعجزي عن المضي قدماً أحياناً لكن سرعان ما تقبلتُ الوضع وأقنعتُ نفسي بأننا سنجد الحل لأي مشكلة...».

فاتنة وواثقة من نفسها

تشدد إيمي على فكرتها حين تتحدث عن فيلم Disenchanted (محبطة)، التتمة المنتظرة منذ فترة طويلة لفيلم Enchanted (مسحورة) من إنتاج شركة «ديزني»، وحصل المشروع أخيراً على الضوء الأخضر للانطلاق. تشكّك شخصيتها في هذا الجزء باستمرار حياتها السعيدة إلى الأبد. تقول إيمي: «لا يمكن أن تبقى العلاقات سعيدة إلى الأبد. لكني أظن أن المثابرة تعطي ثمارها. نخوض العلاقات في هوليوود وأظن أن الناس يدركون مخاطر هذه الأجواء... نحن لا نغفل عن حقيقة ما يحصل».

يحاول الزوجان بكل بساطة الاختلاط بأفراد العائلة وأقرب الأصدقاء في أوقات فراغهما. حين سُئِلت إيمي إذا كانت تقابل حتى الآن أصدقاء الطفولة من كولورادو، أجابت: «يمكن أن أدّعي أنني أتابع التواصل معهم لكني لا أذكر آخر مرة أجبتُ فيها على رسالة نصية من أحدهم. حتى أنني لا أعرف مكان هاتفي بكل صراحة».

تشعر إيمي اليوم بالهدوء في عملها وحياتها الشخصية معاً. قبل أن تبلغ سن الأربعين، حذرها الناس من اقتراب نهاية مهنتها لكنها تقول: «أشعر اليوم بمستوى أعلى من الثقة بالنفس ولديّ ما أقوله وأثق بكلامي أكثر من أي وقت مضى».

لا يمكن أن تبقى العلاقات سعيدة إلى الأبد لكني أظن أن المثابرة تعطي ثمارها

زوجي متفائل جداً بينما أعتبر نفسي أكثر ميلاً إلى التشاؤم والبراغماتية
back to top