المقاطع: انتخاب الحربش نائباً للرئيس يتفق مع الدستور ولائحة المجلس وقرار «الدستورية»

أكد عدم صحة ادعاء أن اللائحة تعتبر الورقة الباطلة كالبيضاء ضمن حضور الجلسة

نشر في 09-01-2017
آخر تحديث 09-01-2017 | 00:00
أكد الخبير الدستوري أستاذ القانون العام في كلية القانون العالمية بجامعة الكويت د. محمد المقاطع، في دراسة قانونية بعنوان «الوضع القانوني لانتخاب نائب رئيس مجلس الأمة»، أن أحكام الدستور واللائحة الداخلية للمجلس، وقرار المحكمة الدستورية عام 1996، والسوابق البرلمانية، تؤيد سلامة انتخاب المجلس، في جلسته الافتتاحية، د. جمعان الحربش بمنصب نائب الرئيس، بعد حصوله على الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، وهي النتيجة الصحيحة لانتخاب منصب نائب الرئيس، وفيما يلي نص الدراسة:
عقد مجلس الأمة جلسته الافتتاحية صباح السبت 11 ديسمبر 2016، وتمت خلال هذه الجلسة، حسبما هو مقرر بنص المادة 92 من الدستور، عملية انتخاب نائب رئيس مجلس الأمة، وقد تقدم للترشح لهذا المنصب النائبان د. جمعان الحربش وعيسى الكندري، وأجريت الانتخابات بنظام التصويت السري، حيث تبين بعد فرز الأوراق حصول المرشح د. جمعان الحربش على 32 صوتا، بينما حصل المرشح عيسى الكندري على 31 صوتا، كما تبين وجود ورقة بيضاء في صندوق الاقتراع.

وعلى ضوء ذلك اعتبر رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أن الأغلبية الخاصة والموصوفة في المادة 92 من الدستور، وهي حصول من يفوز بهذا المنصب على الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، لم تتحقق استنادا إلى رأي بأن الأغلبية تُحسب على أساس 64 عضوا حاضرا، إذ إن الرئيس اعتبر أن الورقة البيضاء تحسب في عداد الحضور، ومن ثم فإن حضور 64 عضوا لا تتحقق أغلبيتهم بحصول أحد المرشحين على 32 صوتا، وقرر إعادة إجراءات الانتخاب لعدم تحقق الأغلبية. وبعد إعادة الانتخاب تبين أن الحضور كانوا 63 عضوا، إذ غادر القاعة أحد الأعضاء، في حين حصل المرشح عيسى الكندري على 32 صوتا، بينما حصل المرشح

د. جمعان الحربش على 31 صوتا، ثم أعلن رئيس المجلس انتخاب عيسى الكندري نائبا للرئيس، وأن الأغلبية قد تحققت له.

ولما كان هذا الوضع محل نظر من حيث عدم توافقه مع أحكام الدستور، خصوصا المادتين 92 و97 من الدستور، والمادة 37 من اللائحة الداخلية، فقد اعترض على ذلك النائب د. جمعان الحربش مطالبا بإعلانه الفائز بمنصب نائب الرئيس.

وأمام ما هو مطروح من تساؤل في هذا الموضوع، فإننا نتصدى له بالرأي الدستوري والقانوني الذي يرفع أي لبس بشأنه، ويقدم إجابات ناجعة على كل جوانبه، وهي تتمثل فيما يلي:

أولا: إجراءات وشروط انتخاب نائب رئيس مجلس الأمة

ثانيا: مدى سلامة ما تم من إجراءات بشأن انتخاب نائب رئيس مجلس الأمة

أولا: إجراءات وشروط انتخاب نائب رئيس مجلس الأمة

يتم انتخاب نائب رئيس مجلس الأمة بذات الإجراءات والشروط والضوابط التي يتم فيها انتخاب رئيس مجلس الأمة، وتتمثل الأحكام التي تطبق على إجراءات انتخاب نائب رئيس مجلس الأمة في المواد 92 و97 من الدستور والمواد 28 و37 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة.

وبمطالعة هذه النصوص نجد أنها تنص على ما يلي: المادة 92 من الدستور ويجري حكمها فيما يلي: «يختار مجلس الأمة في أول جلسة له، ولمثل مدته، رئيسا ونائب رئيس من بين أعضائه، وإذا خلا مكان أي منهما، اختار المجلس من يحل محله إلى نهاية مدته.

ويكون الانتخاب في جميع الأحوال بالأغلبية المطلقة للحاضرين، فان لم تتحقق هذه الأغلبية في المرة الأولى أعيد الانتخاب بين الاثنين الحائزين لأكثر الأصوات، فإن تساوى مع ثانيهما غيره في عدد الأصوات اشترك معهما في انتخاب المرة الثانية، ويكون الانتخاب في هذه الحالة بالأغلبية النسبية، فإن تساوى أكثر من واحد في الحصول على الأغلبية النسبية تم الاختيار بينهم بالقرعة. ويرأس الجلسة الأولى لحين انتخاب الرئيس أكبر الأعضاء سنا»، في حين تقرر المادة 97 من الدستور على أنه: «يشترط لصحة اجتماع مجلس الأمة حضور أكثر من نصف أعضائه، وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، وذلك في غير الحالات التي تشترط فيها أغلبية خاصة. وعند تساوي الأصوات يعتبر الأمر الذي جرت المداولة بشأنه مرفوضا».

كما تنص المادة 37 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة على: «يشترط لصحة اجتماع مجلس الأمة حضور أكثر من نصف أعضائه وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين وذلك في غير الحالات التي تشترط فيها أغلبية خاصة، ويعتبر الأمر الذي جرت المداولة في شأنه مرفوضا إذا لم يحصل على أغلبية الحاضرين أو الأغلبية الخاصة اللازمة لإقراره، ما لم يتعارض هذا الحكم مع نص خاص في الدستور أو في هذا القانون».

وبالإضافة لذلك فإن المادة 28 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة تقرر ما يلي: «يختار مجلس الأمة في أول جلسة له، ولمثل مدته، رئيسا ونائب رئيس من بين أعضائه، وإذا خلا مكان أحد منهما، اختار المجلس من يحل محله إلى نهاية مدته ويكون الانتخاب في جميع الأحوال بالأغلبية المطلقة للحاضرين، فإن لم تتحقق هذه الأغلبية في المرة الأولى أعيد الانتخاب بين الاثنين الحائزين لأكثر الأصوات فإن تساوى مع ثانيهما غيره في عدد الأصوات اشترك معهما في انتخاب المرة الثانية، ويكون الانتخاب في هذه الحالة بالأغلبية النسبية فإن تساوى أكثر من واحد في الحصول على الأغلبية النسبية تم الاختيار بينهم بالقرعة».

شروط وضوابط

ومن مجمل النصوص السابقة يتبين لنا أن انتخاب نائب رئيس مجلس الأمة في شروطه وضوابطه يتماثل تماما مع إجراءات انتخاب رئيس مجلس الأمة، وتتمثل أهم تلك الشروط والضوابط فيما يلي:

1 - ان يحصل المرشح لمنصب نائب الرئيس وفقا للمادة 92 من الدستور على الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين.

2 - انه وفقا لنص المادة 92 من الدستور، فإن من يعتد باحتساب صوته بانتخابات نائب الرئيس – كما هو الشأن بالنسبة لرئيس المجلس – هو حساب الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين على أساس الأصوات الصحيحة الإيجابية، ويخرج من حساب الأصوات الصحيحة الإيجابية، الممتنع عن التصويت وكذلك الورقة البيضاء، وهو المستفاد من الصفة المطلقة لحكم المادة 92 وكذلك المادة 97 من الدستور.

3 - ان وصف الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين لانتخاب نائب الرئيس مستمدة من المادة 92 من الدستور، وهو ما أكدته المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري رقم 26 لسنة 1996، ومن ثم فإن طبيعة الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين وتوصيفها مستمدة من الدستور وصارت جزءا منه، وهو ما انتهت إليه المحكمة الدستورية في حكمها التفسيري رقم 26 لسنة 1996، ولم يعد تحديد هذه الأغلبية محلا للاجتهاد، وليس بمقدور التشريعات العادية بما فيها اللائحة الداخلية أن تمسها بالتعديل أو التغيير في حكمها، لأن منبعها ومصدرها الدستور وتفسير المحكمة الدستورية التي تعتبر أحكامها وقراراتها متممة لأحكام الدستور، كما تؤكد ذلك أحكام الفقه والقضاء.

4 - ان المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري رقم 3 لسنة 1986 والخاص بصلاحيتها بتفسير الدستور ومدى جواز أن يكون ذلك محلا لتعديلات تشريعية قد حسمت هذا الموضوع بصورة نهائية لا تقبل الشك، إذ انتهت المحكمة إلى أنه ليس بمقدور أعضاء مجلس الأمة ولا المشرع أن يمس أو يعدل اختصاص المحكمة الدستورية بتفسير أحكام الدستور، وذلك باعتباره مقررا بحكم الدستور، وهو ما أكدته المحكمة الدستورية في قرارها رقم 3 لسنة 1986، حيث جاء في قرار المحكمة الدستورية ما يؤكد ذلك بقولها: «ومن ثم فإن ولاية المحكمة بتفسير النصوص الدستورية، استقلالا أو تبعا، تكون نابعة من الدستور لا مقررة من المشرع العادي، بما يترتب عليه لزوما عدم المساس بهذا الاختصاص إلا بنص يعدل المادة 173 من الدستور ولا يتأتى ذلك بتشريع عادي يقرره».

5 - ان نص المادة 37 من اللائحة الداخلية يحدد أن القرارات تصدر من مجلس الأمة بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين في غير الحالات التي تشترط فيها أغلبية خاصة، كما أنه يعتبر أن الأمر الذي جرت المداولة بشأنه مرفوض إذا لم يحصل على أغلبية الحاضرين أو الأغلبية الخاصة اللازمة لإقراره، ما لم يتعارض هذا الحكم مع نص في هذا الدستور أو في هذا القانون، كما تذكر المادة 37 أنه: «ويسري حكم هذه المادة على الأوراق غير الصحيحة»، وهذه المادة تضع حكما عاما بشأن الأغلبية اللازمة لصدور قرارات المجلس، ومن ثم فإن حكمها لا يسري في حالتين وهما:

أ- إذا كان هناك حكم خاص يحكم الأغلبية المطلوبة لأي قرار يصدره المجلس، كما هو الشأن في انتخاب الرئيس ونائبه، إذ تحكمه مادتان خاصتان أولاهما المادة 92 من الدستور، وثانيهما المادة 28 من اللائحة الداخلية، ومن ثم فإن نص المادة 37 من اللائحة الداخلية يستبعد لكونه حكما عاما ما دامت هناك نصوص خاصة تحكم الموضوع كما هو الشأن في نص المادتين المشار إليهما 92 من الدستور و28 من اللائحة الداخلية.

ب- كما لا يطبق نص المادة 37 من اللائحة في حالة تعارض حكم المادة 37 من اللائحة الداخلية مع نص خاص في الدستور أو في قانون اللائحة الداخلية، ولما كان نص المادة 37 بافتراض أنه يتعارض مع حكم المادة 92 من الدستور، وهو لا يتعارض معها بل يؤكده بشأن الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، حسبما انتهى إليه قرار المحكمة الدستورية رقم 26 لسنة 1996، فإنه يتم في هذه الحالة استبعاد نص المادة 37 من اللائحة الداخلية لتعارضه مع حكم الدستور.

«الورقة البيضاء»

ومن ثم فإن من يدعي بأن نص المادة 37 من اللائحة الداخلية يعتبر الورقة الباطلة (مثل الورقة البيضاء) ضمن حضور الجلسة، وهو ادعاء غير صحيح، فإنه لا مجال للأخذ بادعائه – حتى لو صح – لكونه يتعارض مع حكم المادة 92 من الدستور، وهو ما استبعدته المادة 37 من اللائحة الداخلية إذا كان حكمها يتعارض مع حكم نص وارد في الدستور.

6 - ان المادة 28 من اللائحة الداخلية تنظم حكما خاصا باختيار رئيس المجلس ونائبه، وهي تردد ذات الحكم الوارد في نص المادة 92 من الدستور، وكلاهما ينص على أن الأغلبية اللازمة لانتخاب رئيس مجلس الأمة ونائبه، تتم بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، ولم ينص فيهما على إعادة الانتخاب إلا في حالة واحدة ألا وهي إن لم تتحقق الأغلبية في المرة الأولى، ومن ثم فإن تحقق الأغلبية يكون بالنظر إلى ما هو مستقر في وصف الأغلبية المطلوبة، وهي أصبحت موصوفة وصفا منضبطا ودقيقا بما أوردته المحكمة الدستورية في قرارها رقم 26 لسنة 1996، والذي جاء فيه «العبرة في الحضور الذي تحسب على أساسه الأغلبية هي بحضور من شارك في التصويت فعلا بشكل إيجابي وصحيح ومن ثم يستبعد من حساب الحاضرين الأصوات الباطلة والممتنعة عن التصويت، ويسري ذات الحكم على الورقة البيضاء الذي يعتبر صاحبها ممتنعا عن التصويت لأنه يعد بمثابة الغائب عن الجلسة، كل ذلك متى كانت النسبة الدستورية اللازمة لانعقاد المجلس متوافرة».

7 - ان نص المادة 37 من اللائحة الداخلية لم ينص في تعديله الأخير في القانون رقم 8 لسنة 2007 لا صراحة ولا ضمنا على الاعتداد بالورقة الباطلة أو البيضاء لحساب الحضور في جلسة مجلس الأمة، وهو ما يعني أن من يدعي اعتبار الورقة الباطلة أو البيضاء محسوبة ضمن الحضور فإنه يضع حكما لا وجود له في نص هذه المادة، وكذلك لا يستمد ذلك الحكم من الدستور إطلاقا، ومن ثم فإنه يبني رأيه على افتراض غير موجود ما لم يتم تعديل نص المادة 97 من الدستور صراحة.

8 - ان ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 8 لسنة 2007، والمتضمن تعديل المادة 37 من اللائحة الداخلية قد نص صراحة على أنه لا يعتد بالورقة البيضاء (الباطلة) إلا لغرض الحفاظ على النصاب اللازم لصحة انعقاد الجلسة، بمعنى أنه إذا كان عدد الأصوات المعطاة على أي قرار، ما بين المؤيدين والمعارضين أقل من النصاب، وكان إدخال الورقة الباطلة (مثل البيضاء) أو الممتنع عن التصويت، به يكتمل نصاب الجلسة فإنه يحسب في هذه الحالة فقط، والمثال على ذلك لو أن موضوعا حصل على 17 صوتا مؤيدا مقابل 15 صوتا معارضا، وصوت ممتنع، فإن مجموع المؤيدين والمعارضين هو 32 عضوا بينما عدد أعضاء مجلس الأمة هو 65 عضوا، وهو ما يعني أن النصاب اللازم لصحة انعقاد الجلسة هو 33 عضوا، وعليه فإن الـ32 صوتا (عضوا) ما بين مؤيد ومعارض غير كاف لصحة انعقاد الجلسة، والتي يلزم لانعقادها 33 عضوا، فإنه في هذه الحالة فقط يتم حساب العضو الممتنع أو الصوت الباطل حتى يكتمل به نصاب الجلسة، وهو ما يوضحه التفسير الوارد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 8 لسنة 2007 في إيضاحها للمادة 37 بعد تعديلها والتي ينص تفسيرها على ما يلي: «وعليه فلا يعتبر الامتناع عن التصويت أو عدم المشاركة فيه، على الرغم من وجود العضو داخل القاعة، في جميع الأحوال، غيابا عن الجلسة، إذ إن الممتنع عن التصويت أو الذي لا يجيب عند المناداة عليه، على الرغم من وجوده في القاعة، حاضر في الجلسة ويحسب ضمن العدد اللازم لصحة انعقاد الجلسة، وبذلك يختفي تعليق القرار وإعادة التصويت عليه بجلسة قادمة، وربما ينحصر هذا التعليق فقط في الحالات المنصوص عليها في صدور المادة 66 من الدستور، والمادة 114 من هذا القانون».

وغني عن البيان أنه عند تساوي الأصوات يعتبر الأمر الذي جرت المداولة بشأنه مرفوضا بحكم الفقرة الثانية من المادة 97 من الدستور، وهو ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة 37.

9 - إن السوابق البرلمانية وفهم مجلس الأمة وأعضائه لمفهوم الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين الواردة في نص المادتين 92 و97 من الدستور، واضحة وجلية بالنسبة لهم، وهي بعدم احتساب أصوات الممتنعين ضمن أصوات الحضور، واعتبار الأغلبية المطلقة هي للحضور من هؤلاء الأعضاء دون الاعتداد بالممتنعين، وهو ما جرى عليه العمل في السابقتين اللتين هدفتا لانتخاب رئيس مجلس الأمة بالأعوام 1967 و1996 على النحو التالي:

- ففي عام 1967، تم انتخاب أحمد زيد السرحان رئيسا لمجلس الأمة بحصوله على 22 صوتا، وحصول من نافسه على 19 صوتا، وقد امتنع عن التصويت 12 عضوا، وكان العدد الإجمالي للحاضرين 53 عضوا، وقد تم إعلان فوز أحمد زيد السرحان رئيسا لمجلس الأمة، لحصوله على 22 صوتا، وذلك لعدم حساب الممتنعين عن التصويت، الذين تم اعتبار امتناعهم كالغياب تماما، ولو تم احتساب الممتنعين ضمن الحضور، لكان العدد اللازم للفوز برئاسة مجلس الأمة 27 صوتا، وهو ما لم يتم، إذ إن الفائز حصل على 22 صوتا من أصل 41 صوتا، هم المصوتون إيجابيا، ولم يتم احتساب 19 صوتا ممتنعا ضمن الحضور، وهذا هو التطبيق السليم لفهم المادتين 92 و97 من الدستور كما طبقه مجلس الأمة عام 1967، وهم قريبو عهد بوضع الدستور وأحكامه، بل منهم من وضع الدستور ضمن أعضاء المجلس التأسيسي، فضلا عن أنه كان حاضر الجلسة الخبير الدستوري المرحوم

د. عثمان خليل عثمان، وإقراره لهذا الفهم من خلال إعلان أحمد زيد السرحان رئيسا دون اعتراض.

الأغلبية المطلقة

- كما أنه قد تم في عام 1996، انتخاب أحمد عبدالعزيز السعدون رئيسا لمجلس الأمة، بأغلبية 30 صوتا، وحصول منافسه على 29 صوتا، ووجود ورقة بيضاء ضمن المقترعين، ولم يتم احتساب هذه الورقة ضمن الحضور، وبناء عليه اعتبر الحضور 59 نائبا، وأغلبيتهم قد تحققت لأحمد السعدون بحصوله على 30 صوتا، وتم إعلانه رئيسا لمجلس الأمة، ثم جاءت المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري رقم 26 لسنة 1996 لتؤكد صحة الفهم بشأن الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين اللازمة لانتخاب رئيس مجلس الأمة مؤكدة صحة الفهم الذي طبقه مجلس الأمة عام 1996 بانتخاب الرئيس بثلاثين صوتا دون احتساب الممتنع عن التصويت (أي الورقة البيضاء) ضمن الحضور في حساب هذه الأغلبية.

10 - وفي ضوء ما سبق من عرض لأحكام المواد 92 و97 من الدستور والمواد 28 و37 من اللائحة الداخلية وما ورد من تفسير واضح وصريح في المذكرة الإيضاحية لتعديل المادة 37 من اللائحة الداخلية للقانون رقم 8 لسنة 2007، نخلص إلى أنه وفقا لكل ما أوردته تلك النصوص من شروط وضوابط فإن انتخاب نائب رئيس مجلس الأمة – كما هو الشأن بالنسبة لرئيس المجلس – يكون بأغلبية الأعضاء الحاضرين في الجلسة، ولا يحسب في عداد الحاضرين للجلسة العضو الممتنع عن التصويت أو الورقة الباطلة، ومن ضمنها الورقة البيضاء في حساب الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، إذ إن العبرة من تفصيل ما أوردته تلك النصوص من أحكام هو حساب الأغلبية المطلقة على أساس الأصوات الإيجابية الصحيحة المعطاة، وهو المستفاد من كل النصوص المذكورة، وهو ما انتهت إليه أيضا المحكمة الدستورية بعبارات صريحة واضحة قاطعة جازمة في قرارها التفسيري رقم 26 لسنة 1996.

وحيث إنه لم يرد أي تعديل يغير من هذا الحكم ضمن أحكام الدستور، والذي هو منبع وأساس تحديد الأغلبية المطلقة لانتخاب نائب رئيس مجلس الأمة، كما أنه لم يطرأ أي تعديل حتى على اللائحة الداخلية رغم أنها عدلت بالقانون رقم 8 لسنة 2007، فإنها قد جاءت في نصها خلوا من أي حكم يقرر الاعتداد بالممتنع أو الورقة البيضاء في حساب حضور الجلسة، وجاء في مذكرتها الإيضاحية تفسيرا لنص المادة 37 من الدستور وبصورة جلية وحاسمة، بأنه لا يعتد بالصوت الممتنع أو الورقة الباطلة (البيضاء) إلا لغرض الحفاظ على العدد اللازم لصحة انعقاد الجلسة، وعلى نحو ما أوردناه من تفصيل في هذه المذكرة.

ثانيا: مدى سلامة ما تم من إجراءات بشأن انتخاب نائب رئيس مجلس الأمة:

1 - في ضوء ما أوضحنا بشأن إجراءات انتخاب رئيس ونائب رئيس مجلس الأمة، وفقا للشروط والضوابط المحددة في المواد 92 و97 من الدستور وكذلك المواد 28 و37 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، فإن ما تم إعلانه من قبل رئيس مجلس الأمة بإعادة الانتخاب بين النائبين الدكتور جمعان الحربش، الذي حصل على 32 صوتا في المرة الأولى، والنائب عيسى الكندري، الذي حصل على 31 في المرة الأولى، ووجود ورقة بيضاء واحدة، اعتقادا من الرئيس بأنه لم تتحقق الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين اللازمة لانتخاب نائب الرئيس في المرة الأولى، هو إعلان خاطئ ومخالف لأحكام الدستور واللائحة الداخلية، ولا يغير ذلك في الحقيقة ولا في النتيجة الصحيحة شيئا، ألا وهي أن النائب د. جمعان الحربش قد تم انتخابه بصورة صحيحة، نائبا لرئيس مجلس الأمة، وذلك بحصوله على الأغلبية المطلقة المحددة بالمواد 92 و97 من الدستور والمواد 28 و37 من اللائحة الداخلية، إذ إنه قد حصل على 32 صوتا مقابل 31 صوتا لمنافسه العضو عيسى الكندري، مع وجود ورقة بيضاء واحدة، ومن ثم فإن الحضور الصحيح الذي على أساسه يتم احتساب الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين هو 63 عضوا، ولا يدخل ضمنها الورقة البيضاء حسبما تقرره النصوص المشار إليها وقرار المحكمة الدستورية التفسيري رقم 26 لسنة 1996، ومن ثم فإن الأغلبية المطلقة لعدد 63 عضوا هي 32 عضوا، ما يعني أن د. جمعان الحربش هو نائب رئيس مجلس الأمة التزاما بالنتيجة الصحيحة والحقيقة الساطعة التي تثبتها وقائع الجلسة الافتتاحية التي تمت بها انتخابات نائب رئيس مجلس الأمة والمنعقدة في 11 ديسمبر 2016.

إجراءات إعادة الانتخاب باطلة

أكد المقاطع ان الإجراء الذي قام به رئيس مجلس الأمة، حينما أعلن عدم تحقق الأغلبية اللازمة لانتخاب نائب الرئيس في المرة الأولى، وقراره بإعادة إجراء انتخابات نائب الرئيس هي إجراءات غير صحيحة بل باطلة، ويمكن أن نشير إلى أنه يلحقها الانعدام، فلا قيمة لها قانونا لكونها قد بنيت على أساس لا وجود له، ومن ثم كل ما ترتب عليها يعد باطلا لا ينتج أثرا ولا يغير واقعا ولا يكسب مركزا قانونيا خلافا لما أوجده الانتخاب في المرة الأولى من أوضاع ومراكز قانونية، وأخصها أن النائب د. جمعان الحربش قد تم انتخابه انتخابا صحيحا نائبا لرئيس مجلس الأمة، وفقا لحكم المادة 92 من الدستور، وهو ما ينبغي تصحيحه وإعلانه في أول جلسة قادمة للمجلس.

وأضاف المقاطع ان مجلس الأمة وكذلك لجنة الشؤون التشريعية والقانونية فيه، ينبغي أن يبادرا إلى إعلان النتيجة الصحيحة لانتخاب نائب رئيس مجلس الأمة وتصحيح الوضع من خلال بيان أن ذلك هو التطبيق الصحيح لأحكام الدستور واللائحة الداخلية، ومن ثم يتولى مجلس الأمة إعلان النتيجة الصحيحة لنائب الرئيس في أول جلسة قادمة التزاما بأحكام الدستور.

الانتخاب تم بعد حصوله على الأغلبية المطلقة للحاضرين وهي التي تسمح بتوليه المنصب

المادتان 92 من الدستور و28 من اللائحة الداخلية تحكمان الأغلبية المطلقة لأي قرار يصدره المجلس

لم يعد تحديد الأغلبية محلاً للاجتهاد وليس بمقدور التشريعات العادية بما فيها اللائحة الداخلية أن تمسها بالتعديل أو التغيير

ليس بمقدور النواب أو المشرع تعديل اختصاص المحكمة الدستورية بتفسير أحكام الدستور

على اللجنة التشريعية المبادرة إلى إعلان النتيجة الصحيحة على ضوء أحكام الدستور واللائحة

السوابق البرلمانية وفهم النواب لمفهوم الأغلبية المطلقة للحاضرين واضحة بعدم احتساب الممتنعين ضمن الحضور

«الدستورية» أكدت في قرارها التفسيري عام 1996 صحة الأغلبية المطلقة دون احتساب الممتنع
back to top