Evolution... فيلم غريب متقن

نشر في 07-01-2017
آخر تحديث 07-01-2017 | 00:00
مشهد من الفيلم
مشهد من الفيلم
يشكّل Evolution، وهو فيلم غريب، ومتقن، ومليء بالتطورات إلى حد يصيبك بالدوار، صورة خيالية فرنسية ساخرة عن الأولاد، إلا أنه لا يتوجّه إليهم بالتأكيد. فما يحتوي عليه من شعور حاد بالكآبة والخوف الوجودي مخصص للبالغين فحسب.
ينقل فيلم الكاتبة والمخرجة لوسيل هادزيهاليلوفيك Evolution المخيف والمضبوط بدقة مقلقة انطباعاً هجيناً من الانزعاج ونداء حسياً ساحراً يتلاءم مع حالة من الكوابيس تذكّر بأعمال كافكا. تنذر تطورات هذا العمل بالسوء، مبقيةً المشاهد بعيداً في حالة من انعدام التوازن، فيروح يفتش باستمرار في أحاجٍ من الرموز بحثاً عن معلومات. وإذا سئمتَ الأعمال التجارية وأفلام هوليوود المكررة، إليك تجربة آسرة تدفعك نحو النشوة.

تشبه هذه القصة رواية خرافية داكنة من روايات الأخوين غريم عن الحمل والأنوثة أو حواراً غريباً عن وقائع الحياة يدور بين فضائيين.

صوّر العمل المصور السينمائي مانويل داكوس بتقنية الشاشة الواسعة المذهلة. فجاءت مشاهده مميزة، تستغل إلى أقصى حد ممكن مدى الألوان المحدود عمداً والمتضارب على نحو واضح. يُستهل Evolution بمشاهد تحت الماء، محوّلاً البحر إلى مكان يحمل كثيراً من الغرابة وإيحاءات قاسية غير مألوفة من البداية. تكمن الكاميرا في المحيط تحت الماء، فيما تدفع التيارات السفلية أجزاء الحطام وعشب البحر المتمايل على المنحدرات البحرية.

وبقفزة كبيرة، يغوص في الماء من الأعلى نيكولاس (ماكس بريبانت) البالغ من العمر 10 سنوات. ولكن أثناء السباحة تحت الماء، يُصادف شيئاً بشعاً. يعتقد أنه يرى صبياً غارقاً على القاع مع نجمة بحر حمراء زاهية في بطن الجثة الهامدة.

يروي نيكولاس ما رآه لوالدته (جولي-ماري بارمونتيه)، التي تبدو شابة على نحو غريب، تفتقر إلى المشاعر، ولا تحمل أي شبه بنيكولاس. وبعدما تخبره بكلمات خالية من أي عاطفة أن ما رآه مجرد تهيؤات، تضعه في الفراش بعد أن تطعمه الطبق المعهود مما يبدو يخنة ديدان خضراء رمادية، فضلاً عن كوب من الدواء يُفترض أنه معد من حبر الحبار. يسألها: «لمَ أنا مريض؟»، فتجيبه المرأة، التي لا تحمل أي اسم غير «الأم»: «لأن الصبي في مثل سنك يبدأ بالتغير ويضعف».

أحداث غريبة

تتراكم الأحداث الغريبة وتكثر الأدلة بوتيرة هادئة. نلاحظ أن الصبية في الجزيرة قليلة السكان حيث يعيش نيكولاس ووالدته شارفوا جميعاً على بلوغ سن المراهقة. أما النساء فمتشابهات على نحو غريب: السن والحجم عينهما، العينان السوداوان نفسهما، والحاجبان غير المرئيين ذاتهما. فضلاً عن ذلك، لا تبدو أي منهن حادة الطبع أو قاسية، إلا أنهن لا يُعتبرن أيضاً أمهات حنونات.

يبدأ الصبية، الذين لا يلهون مطلقاً، بإجراء حوارات سرية في ما بينهم، متسائلين عما إذا كانت والداتهن مخادعات. بالإضافة إلى ذلك، تبدو العمليات الجراحية التي تُجرى في المستشفى المتداعي قرب البحر، الذي يقتصر طاقم عمله على النساء، مقلقةً على أقل تقدير. يقرر نيكولاس المقاومة. ويثير بعد ذلك اهتمام ممرضة تكشف له رابطاً بين البحر (la mer) والأم (la mère).

الفيلم مقلق جداً، ويثير مخاوف عميقة رغم حواره المحدود وتفاديه إراقة الدماء والمفاجآت المخيفة المعهودة. يشكّل، إذا جاز التعبير، جواً ينمو فيه الفضول الشبابي حيال تركيبة الجسم والرغبة الجنسية، ما يفاقم التوتر.

كما رأينا مع The Witch، The Babadook، Goodnight Mommy، وWe Need to Talk About Kevin، يستند بعض أفضل أفلام الرعب إلى كوابيس الطفولة وندوب الشباب التي لا تلتئم مطلقاً. وتشكّل هذه المخاوف البدائية المحرّك الأول وراء Evolution. فمع كل قيد جديد تفرضه مرحلة البلوغ وكل تعبير عن الضوابط الجامدة الخالية من العاطفة، يخشى المشاهد أن يكبر الصبية. وهكذا يتحوّل الفيلم بوتيرته الجادة وخطره المستمر إلى تجربة غنية للمشاهدين الذين يهوون أفلام الرعب الهادئة والمبتكرة.

back to top