الطعون الانتخابية الـ 52 بين الرفض وعدم الاختصاص... وأخطاء الجمع قد تغير المراكز

إجراءات «الحل» صحيحة والمحكمة تراقب القيود الدستورية ولا تبحث في الأسباب ومرسوم الدعوة مطابق للمادة 107
• المحكمة أكدت حق الحكومة في تخير وقت حل المجلس ومناسباته
• الوزير المحلل يجب تعيينه كلما كان هناك مجلس قائم... و«الحل» يؤدي إلى زوال أعضائه
• الوزراء المحللون الصانع والكندري والعمير زالت عنهم صفة المحلل بعد حل المجلس
• القانون لم يلزم بنشر قرار وزير الداخلية بتحديد أوراق الاقتراع وصدور قرارات تنظيمية بذلك كفيل بسلامتها

نشر في 20-12-2016
آخر تحديث 20-12-2016 | 00:00
أكد المحامي حسين العبدالله أنه بعد بسط المحكمة الدستورية رقابتها على العملية الانتخابية كلها، تواجه الانتخابات التي جرت في 26 نوفمبر الماضي، 52 طعناً أمام المحكمة، ينتهي بعضها إلى بطلان العملية، والبعض الآخر إلى عودة المجلس المنحل السابق لبطلان مرسومه، بينما تنتهي أغلبيتها إلى عدم سلامة جمع النتائج من اللجان، مما أدى إلى وقوع أخطاء في إعلانها.
وأشار العبدالله، في دراسة قانونية أعدها، إلى أهمية تلك الطعون وانعكاسها على سلامة العملية الانتخابية، وذلك من واقع أحكام الدستور وقانون الانتخاب وأحكام المحكمة الدستورية.
كما تطرق في دراسته إلى أبرز الطعون الانتخابية المقدمة، والبالغ عددها 52 طعناً، مشيراً إلى مرتكزات تلك الطعون وما قد ينجم من قرارات قضائية حيالها. وفيما يلي نص الدراسة:
يأتي الطعن المقدم من النائب السابق يعقوب الصانع، في مقدمة الطعون الانتخابية، علماً أن الصانع كان يشغل حقيبة وزارة العدل، وشارك في صياغة أسباب حل المجلس، وفي الوقت ذاته يطعن في بطلان مرسوم حله، وبطلان مرسوم الدعوة للانتخابات، ويطلب عودة مجلس 2013المنحل، ليكمل ما تبقى له من مدة، وعودته كعضو فيه.

بطلان مرسوم الحل

يستند طعن الصانع ببطلان مرسوم الحل إلى سببين، أولهما برأيه عدم تسبيب المرسوم بالتسبيب المعتبر، حسبما توجب على ذلك أحكام المادة 107من الدستور، ولأن المادة 107اكدت عدم جواز حل مجلس الامة لذات السبب.

أما السبب الثاني فهو صدور مرسوم الدعوة من دون وجود وزراء محللين في الحكومة التي أصدرته، ما يخالف أحكام المادة 56 التي تؤكد أن يكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم، كما يشارك في هذا السبب طعون اخرى قدمها ما يقارب 9 مرشحين آخرين طالبوا ببطلان مرسوم الدعوة لصدوره من حكومة لم تشكل تشكيلا صحيحا.

ومن المتوقع رفض طعن الصانع بأسبابه السابقة، والطعون الـ 9 الاخرى، للاسباب التالية:

اولا: ان اختصاص المحكمة الدستورية على إجراءات مرسوم الحل ومرسوم الدعوة لانتخابات مجلس الامة هي رقابة على القيود التي أوردتها المادة 107 من الدستور على الحكومة لإصدار مراسيم الحل، ومن ثم يجب ان يكون الحل صادرا من حكومة مشكلة تشكيلا صحيحا، وان يرفع الحل كمرسوم بناء على مرسوم يعده مجلس الوزراء ويصادق عليه سمو الامير، وان يكون المرسوم مسببا، وألا يكون السبب الوارد بالمرسوم قد سبق أن استندت اليه أسباب مرسوم الحل السابق.

وبالنظر إلى مرسوم حل المجلس السابق فقد راعى كل تلك القيود التي أوردتها المادة 107من الدستور، والقول بعدم استناد مرسوم الحل إلى أسباب معتبرة مردود عليه بأن الدستور لم يلزم الحكومة تحديد أسباب يجب أن يتضمنها المرسوم، حيث اكدت المحكمة في الطعن رقم 15 لسنة 2012ببطلان مرسوم حل مجلس 2009 والمعاد من المحكمة الدستورية، والذي تم حله بسبب عدم انعقاد الجلسات بأن «المقصود بالحل هو إنهاء مدة المجلس إنهاء مبتسرا قبل انتهاء الأجل المقرر له، سواء إثر خلاف بين الحكومة (الوزارة) وبين مجلس الامة، أو اختل التناسب والانسجام بينهما، أو اقتضت له ضرورة، وأنه وإن كان الدستور لم يقيد استعمال الحكومة لحق الحل بأي قيد زمني فلها أن تتخير توقيته وتقدير مناسباته».

ثانيا: إن رقابة المحكمة الدستورية هي رقابة استيثاق من توافر القيود والإجراءات الشكلية التي تطلبها الدستور بشكل مرسوم الحل والدعوة للانتخابات لان رقابتها على العملية الانتخابية شاملة حتى لا يتسرب الخلل إليها، ومن ثم فرقابتها تبدأ بفحص الاجراءات التي اتبعت بإنهاء الحياة البرلمانية (برقابة مرسوم الحل) والدعوة الى أخرى (برقابة مرسوم الدعوة للانتخابات) ثم إلى رقابة اليوم الانتخابي (يوم الاقتراع)، واخيرا الى النتائج التي تظهرها او التأكد من سلامة عضوية من يتم الاعلان عن فوزهم.

ثالثا: إن الرقابة التي استقر القضاء الدستوري على أنها رقابة الاستيثاق للقيود الدستورية التي تمارسها المحكمة الدستورية بصفتها كمحكمة موضوع، وبالتالي هي رقابة لا تمتد الى بحث الملاءمات او التغلغل في أسباب حل المجلس، ومن ثم يكفي أن يكون مرسوم الحل مسببا، وألا يكون هو ذات السبب الذي سبق ان استند اليه بحل المجلس السابق.

وفي هذا الصدد اكدت المحكمة الدستورية في الطعن رقم 6 و30 لسنة 2012، الذي انتهى ببطلان مرسوم الحل، وببطلان من تم الاعلان عن فوزهم، وبعودة مجلس 2009، في ردها على دفع الحكومة بعدم اختصاص المحكمة الدستورية بنظر الطعن بأنه «وفي هذا النطاق ينحصر نعيها في هذا الشق من طلبها، ولا يتعداه الى البحث في الملاءمات أو التغلغل في بواعث إصدار هذين المرسومين او التدخل في الولاية المنفردة للسلطة التنفيذية، والتي لا تخول للقضاء الحلول محلها فيما قصره الدستور عليها»، ومن ثم فان رقابة المحكمة الدستورية لا تمتد الى بحث سلامة اسباب مرسوم الحل او التغلغل في بواعث اصداره.

رابعا: بشأن الطعن ببطلان المرسوم لمخالفته احكام المادة 107من الدستور، التي نصت على عدم جواز إصدار مرسوم الحل لذات الاسباب مرة اخرى، والواضح ان أسباب حل مجلس 2013لم تكن هي ذات اسباب حل آخر مجلس، وهو مجلس 2009، المعاد من المحكمة الدستورية، والذي تم حله بسبب عدم انعقاد الجلسات، كما لم تكن هي ذات اسباب حل مجلس 2008 ، الذي تم حله لوجود خلاف بين السلطتين، وعليه فإن السبب المثار ليس له ما يسانده في الواقع مما يتعين ايضا رفضه.

طعن الداهوم

عن الطعن المقام من النائب السابق بدر الداهوم بعدم دستورية الفقرة الثانية من قانون الانتخاب رقم 27 لسنة 2016 بالتعديل على قانون الانتخاب أمام المحكمة الدستورية، فإن الرد عليه وفقا للفرضيات التالية هو:

أولا: أن المحكمة الدستورية تراقب الطعون الانتخابية المتصلة بالعملية الانتخابية والتأثير فيها، ومن ثم فإن أي طعون تتصل بالقرارات الخاصة بالترشح للعملية الانتخابية، فإن المحكمة الدستورية لا تراقبها إلا اذا كانت مؤثرة على العملية الانتخابية، والأمر كذلك للدفوع المرتبطة بها، كالدفع بعدم الدستورية.

ثانيا: إن حرمان الطاعن وإن كان يستند الى قرار وزارة الداخلية بحرمان ترشحه على سند ثلاثة أسباب؛ هي ثبوت صدور حكم بحقه مخل بالشرف والأمانة، وذلك على خلفية إدانته بالإساءة إلى الذات الأميرية، وثانيا على سند حرمانه وفق أحكام الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 27 لسنة 2016 بشأن ما يسمى بالعزل السياسي، وثالثا لافتقاده شرط حسن السمعة، إلا أن محكمة التمييز، وإن انتهت الى صحة قرار حرمانه من الترشح على نحو ما صدر فيه، إلا أنها نصت على أن ذلك الحرمان يأتي وفقا لأحكام الفقرة الأولى من المادة الثانية الصادرة قبل التعديل الأخير، وبالتالي فإن الدفع بعدم الدستورية سيواجه انتفاء شرط المصلحة في الطعن.

ثالثا: وهي فرضية ضعيفة الحدوث إلا انها ليست ببعيدة عن المنطق القانوني، فيما لو رأت المحكمة الدستورية أن مصدر الحرمان مرتبط بالقرار الذي أصدرته وزارة الداخلية بحرمان الداهوم من الترشح، وقد تبسط رقابتها على القانون، وفي حال إصدارها حكما بعدم دستورية القانون بعد قبولها الطعن، فقد يؤدي ذلك الى الحكم ببطلان العملية الاتتخابية في الدائرة الخامسة.

بطلان مرسوم الدعوة

أما بشأن السبب الثاني في الطعن المثار من الصانع أو حتى ما اشتملت عليه الطعون الاخرى المقدمة من المحامي عادل عبدالهادي من عدد من موكليه بأن مرسوم الدعوة للانتخابات صدر مخالفا لأحكام المادة 56 من الدستور، بمقولة إنه صدر من حكومة غير مشكلة من نائب محلل، وهو سبب برأينا غير مقبول، للاسباب التالية:

الاول: السبب الذي أوردته المادة 56 من الدستور هو لتشكيل الحكومة فقط وتمثيلها أمام مجلس الامة، وهو شرط لازم توافره كلما كان المجلس قائما، بينما إذا كان المجلس في حالة انعدام وعدم وجود كالحل أو بطلان المجلس كحكم قضائي يقضي بزوال نتائج الفائزين من أعضائه كاملا، فضلا عن ان المادة 56 أكدت أن تعيين الوزراء يكون من الأعضاء، اي من اعضاء مجلس الامة، وبمجرد حل المجلس يجرد من العضوية من كان يتمتع بها، ومن ثم لا يستقيم بعد ذلك أن نطالب بتعيين عضو في الحكومة، ولا يوجد هناك بالاساس مجلس.

ثانيا: إن الحكومة السابقة التي رفعت مرسوم حل مجلس الامة كانت تضم ثلاثة اعضاء محللين في تشكيلها، هم عيسى الكندري والطاعن يعقوب الصانع وعلي العمير، الذين شاركوا الحكومة بأعمال جلسة 16 أكتوبر 2016، والتي رفعت مرسوم الحل الى سمو الامير، وصدر برقم 276، ثم قدموا استقالتهم بجلسة 17 أكتوبر 2016، وقبلت استقالاتهم بالمرسوم رقم 277، ثم بعد ذلك صدر مرسوم الدعوة للانتخابات رقم 279.

والثابت ان مرسوم قبول الاستقالات صدر بعد مرسوم الحل، أي إن الاعضاء المحللين من بعد مرسوم الحل لم يعودوا وزراء محللين، وانما وزراء عاديون لأن الصلة التي كانت تربطهم بالمجلس انتهت بزوال هذا المجلس بصدور المرسوم رقم 276 بحله، ومن بعد هذا المرسوم فقد كل وزير منهم وصف الوزير المحلل الذي جاء تعيينه وفق أحكام المادة 56 من الدستور.

كما ان الاجراءات التي تعقب صدور مرسوم حل مجلس الامة من المنطقي أن تكون هي صدور مرسوم للدعوة للانتخابات تفعيلا لاحكام المادة 107من الدستور، على أن تكون الدعوة للانتخاب في ميعاد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل، حتى لا يسترد المجلس المنحل كل سلطته الدستورية.

ومن المنطقي ايضا ان تكون الحكومة التي تدعو للانتخابات هي حكومة لا يشارك فيها الوزراء المحللون لزوال شرط التعيين الذي استلزمته المادة 56 من الدستور بزوال مجلس الامة الذي صدر مرسوم بحله، وان هؤلاء الوزراء وإن زال وصف «المحلل» عنهم بمجرد حل مجلس الامة قدموا استقالاتهم بعد صدور مرسوم الحل رغبة منهم في عدم الاستمرار بالمنصب لأي سبب يقدرونه، ومنه رغبة بعضهم في خوض الانتخابات البرلمانية التي بالفعل شاركوا فيها بعد نشر مرسوم الدعوة للانتخابات.

ثانيا: إن المحكمة الدستورية سبق لها في الطعن رقم 47 لسنة 2013 ان اكدت ان الحكومة، وان اصدرت مرسوم الدعوة للانتخابات ولم يكن بتشكيلها اعضاء المجلس فهو امر لا يرتب بطلان مرسوم الدعوة، حيث اوضحت «كان الواضح من هذا المرسوم انه جاء تنفيذا للحكم الصادر من هذه المحكمة المشار اليه، فإنه لا وجه من بعد للتحدي ببطلان هذا المرسوم بمقولة ان تشكيل الوزارة قد خلا من عضو مجلس الامة، إذ إن غياب البرلمان والحال كذلك هو غياب انعدام أي عدم وجود مجلس الامة اصلا سواء المنتخب عام 2009، الذي تم حله بموجب المرسوم رقم 241 لسنة 2012، الذي صدر صحيحا، او المجلس المنتخب في ديسمبر 2012الذي قضي بإبطاله».

والحكم الذي اوردته المحكمة الدستورية في تقريره حالة الانعدام لتنفيذ الشرط المقرر بالمادة 56 بسبب تنفيذ الحكومة حكم المحكمة الدستورية ينسحب اثره الى حالة حل مجلس الامة التي وبمجرد ان يصدر مرسوم الحل ينفك عن الحكومة شرط وجوب تعيين الاعضاء فيها، اذ لا يتصور وجود اعضاء بعد حل المجلس.

بطلان النتائج وإعادة تجميعها

عن الطعون المقامة على الأخطاء التجميعية على العملية الانتخابية:

تجتمع أغلب الطعون الانتخابية على قضية وجود أخطاء في عملية التجميع التي انتهت اليها اللجان الانتخابية لدى إعلان النتائج، ومثل هذه الطعون سبقت إثارتها في عدد من الانتخابات البرلمانية، وقد انتهت فيها الى تعديل مراكز الفائزين أو الإعلان عن فوز أحد الطاعنين بعد القضاء ببطلان من تم إعلان فوزهم على نحو خاطئ.

ويتعين على الطاعنين التأكيد على جدية طعنهم بشأن عملية التجميع، وذلك من خلال بيان المخالفات الحسابية التي شابت عملية جميع أرقام المحاضر الفرعية أو الأصلية، وذلك من أجل الوصول الى جمع دقيق يتفق مع الواقع.

وفي حال وقوع الأخطاء المادية في عملية الجمع قد تكون هذه الطعون الجزئية هي الأقرب لتعديل بعص مراكز الفائزين أو إعلان فوز أحد الطاعنين.

بطلان الانتخاب بسبب أوراق الاقتراع

وبشأن الاسباب التي اوردها القسم الثاني من الطعون الانتخابية بشأن عدم صدور قرار من وزير الداخلية بتحديد ورقة الاقتراع، ما تسبب في بطلان ورقة الاقتراع لعدم صدور قرار من الوزير بذلك، فإن الرد على هذا السبب يكون على النحو التالي:

أولا: إن احكام المادة 26 من قانون الانتخاب لم تشترط صدور شكل محدد لأوراق الاقتراع، او أن تحمل ختما لها من قبل ادارة الانتخابات، أو ان تصدر خلال ايام محددة بعد صدور مرسوم الدعوة للانتخاب.

ثانيا: إن المادة 26 من قانون الانتخاب أشارت إلى تحمل الحكومة نفقات طباعة أوراق الانتخاب، ولا تتحملها أي سلطة اخرى، وهو تنظيم طبيعي لأنه يسبق تشكيل السلطة التشريعية الممثلة بمجلس الامة، كما ان المقصود بالصورة التي توضع بقرار من وزير الداخلية لكون الاخير هو المعني بتنفيذ قانون الانتخاب بموجب احكام المادة 5٣ من ذات القانون، والتي تنص فقرتها الثانية على انه «ويصدر وزير الداخلية القرارات اللازمة لتنفيذه».

ومن ثم فإن الوزير وبحسب المادة 26 هو المكلف ببيان الصورة والشكل الخاص بأوراق الاتتخاب، كما ان المادة اشارت الى ان بيان وشكل ورقة الاقتراع يوضع بقرار من وزير الداخلية، من اجل تيسير وتسهيل العملية الانتخابية.

وبالتالي فإن صدور القرار من الناحية التنظيمية ولو على نحو توجيهات، ولو لم يصدر على نحو رسمي، لا يؤدي إلا بطلان الاجراءات التي تمت تبعا لهذا الاجراء الذي يهدف منه بالاساس إلى تيسير عملية الاقتراع، التي قصد من صدور القرار ألا يستعصي على الناخبين القيام بها لدى الادلاء بأصواتهم.

ثالثا: بالرجوع إلى إدارة الانتخابات، فإن وزير الداخلية أصدر القرار الخاص ببيان ورقة الاقتراع، وإن لم يتم نشره بالجريدة الرسمية، أو الإعلان عنه أمام الكافة، وهو أيضا ليس ركنا لازما لصحته، لعدم اشتراط القانون لنشره أو تعليقه للإعلان على أبواب اللجان الانتخابية، كما نص على ذلك صراحة في العديد من الإجراءات الخاصة بقيد الناخبين، بضرورة النشر في الجريدة الرسمية، أو حتى إظهار أسماء المرشحين على أبواب اللجان الانتخابية في الدائرة، كما أن القرار هنا تنظيمي يهدف إلى تيسير عملية الانتخاب ذاتها.

رابعا: للمحكمة الدستورية، بصفتها كمحكمة موضوع للطعون الانتخابية، أن تتحقق من شكل ورقة الاقتراع التي استخدمت في كل الدوائر الانتخابية، للتأكد من العناصر اللازم توافرها في ورقة الاقتراع ومدى صلاحيتها، وعما إذا كانت تلك العناصر تقود إلى جهل لدى جمهور الناخبين من عدمه، وهي تملك أن تتحقق من ذلك، كما أنها كمحكمة موضوع أن تقارن بين الأصوات الصحيحة والباطلة في عملية الاقتراع في كل الدوائر، للتأكد من ذلك.

خامسا: لو صح القول إن ورقة الانتخاب، وإزاء عدم صدور قرار من وزير الداخلية أدى إلى عدم فهم من الناخبين لطبيعتها، بسبب شكلها أو وزنها أو أنها أقرب للورقة العرفية، فالرد على ذلك، بأن المشرِّع الكويتي وضع ضمانة في أحكام الفقرة الثانية من المادة 34 من قانون الانتخاب، التي تنص على «والناخب الذي لا يستطيع أن يثبت بنفسه رأيه في الورقة ينتحي ناحية من النواحي المخصصة لإبداء الرأي داخل قاعة الانتخاب ليسر برأيه إلى رئيس اللجنة وحده، الذي عليه أن يثبت الرأي في الورقة ويضعها في الصندوق».

ومن ثم، فإنه على فرض صحة ما أورده الطاعنون من جهل بعض الناخبين، بسبب طبيعة الورقة، فالقانون سمح لهم باللجوء إلى رئيس اللجنة، لمساعدتهم وفق حكم الفقرة الثانية من المادة 34 من قانون الانتخاب.

حرمان السجناء من التصويت

وعن الطعن المقام من النائب السابق حسين قويعان المطيري، بشأن بطلان العملية الانتخابية، لعدم السماح بتصويت السجناء من غير المحكومين بعقوبات جناية أو بالجرائم المخلة بالشرف والأمانة، وبحرمان المحبوسين احتياطيا على ذمة القضايا أو الموقوفين على ذمة التنفيذ بقضايا مدنية، فإن الطعن المقام مردود عليه، رغم فقدان الصفة والمصلحة من إثارته، والتي يتعين التمسك به ممن حرم من التصويت، للأسباب التالية:

أولا: تنص المادة 6 من قانون الانتخاب على أن «يكون بكل دائرة انتخابية جدول انتخاب دائم أو أكثر تحرره لجنة أو لجان مؤلفة من رئيس وعضوين، ويكون تقسيم اللجان وتأليفها وتحديد مقرها بقرار من وزير الداخلية»، وعليه فإن المعني بإصدار القرار الخاصة بتنظيم اللجان هو وزير الداخلية، والطعن عليها يكون خلال موعد الطعن على الجداول الانتخابية المحددة، وتنتهي مواعيد الطعن عليها في موعد أقصاه 20 أبريل، على أنه في حال الطعن عليها يتم الفصل بها من قبل قاضي الجدول، ويكون الفصل في هذه الطعون في موعد لا يجاوز آخر يونيو.

وقد نظم المشرِّع الكويتي في أحكام المادتين المسائل الخاصة بإنشاء الجداول الانتخابية، والتي يرتبط بها تحديد مقار الانتخاب، وتعد محصنة وحجة قاطعة بموجب أحكام المادة 17 من قانون الانتخاب في كل سنة، بمجرد نشرها، ومن دون اعتراض أو طعن عليها.

وأكد قانون الانتخاب في حكم المادة 9 منه، أن يتم نشر تلك الجداول متضمنة الأماكن التي تنشر فيها، كما تنص المادة 10 على أحقية كل كويتي بطلب إدراج اسمه في جدول الانتخاب الخاص به، إذا كان أهمل إدراج اسمه بغير حق.

كما أن المادة 12 من القانون ذاته تنص على أن عرض قرارات اللجنة في الأماكن العامة في المادة التاسعة، وتنشر في الجريدة الرسمية ابتداء من اليوم السادس إلى اليوم الخامس عشر من أبريل.

وأكدت المادة 13 من قانون الانتخاب أحقية ذوي الشأن، ولكل ناخب مدرج في جداول انتخاب الدائرة أن يطعن في قرار اللجنة، بطلب يقدم إلى مخفر الشرطة المختص في موعد أقصاه 20 أبريل، وتتبع في شأن هذه الطعون الإجراءات المبينة بالمادة العاشرة من هذا القانون وتحال فورا.

ثانيا: المادة 4 من قانون الانتخاب الكويتي تنص على «كل ناخب أن يتولى حقوقه الانتخابية بنفسه في الدائرة الانتخابية التي بها موطنه، وموطن الانتخاب هو المكان الذي يقيم فيه الشخص بصفة فعلية ودائمة».

كما تنص المادة 27 من القانون على أن «تناط إدارة الانتخاب في كل دائرة بعدد من اللجان، وتكون إحداها لجنة رئيسية تتبعها لجان أصلية ولجان فرعية»، كما تنص المادة 51 من القانون على أن «تحدد الدوائر الانتخابية والعدد الذي تنتخبه كل منها بقانون خاص».

ويتضح من أحكام المواد سالفة الإشارة، أن المشرع الكويتي حدد المقار الانتخابية في كل دائرة، كما قام بتوزيع تلك الدوائر على أساس جغرافي فقط، وليس على أساس سكاني، وقد أناط للقانون وحده بيان ذلك التوزيع، استنادا لأحكام المادة 81 من الدستور، التي أكدت أن «تحدد الدوائر الانتخابية بقانون»، ومن ثم فإن تحديد بيان اللجان الانتخابية مرده قانون الدوائر الانتخابية، وليس قانون الانتخاب، وتوزيع اللجان منوط بكل دائرة وفق أحكام المادة 27 من القانون.

ثالثا: رغم عدم وجود نص صريح يمنع تصويت السجناء والموقوفين على ذمة القضايا الجنائية أو المدنية، فإن قانون السجون رقم 26 لسنة 1962 خلا من السماح للسجناء بممارسة حق الانتخاب والاقتراع، ولاسيما أن السجناء بطبيعة انطباق أحكام السجن عليهم محرومون من ممارسة العديد من الحقوق، ومنها حق التنقل، كما أن حق الانتخاب خلا من السماح بإنشاء لجان للانتخاب في السجون ومراكز الحبس والوقف، وعليه فإن غياب التشريع المنظم لا يعني إهدار حق الانتخاب، خصوصا أن المادة الرابعة من قانون الانتخاب تنص على كل ناخب أن يتولى حقوقه الانتخابية بنفسه في الدائرة الانتخابية التي بها موطنه، ومن ثم فإن ممارسة هذا الحق مرتبطة بأن يمارسه من كان مقيما بصفة فعلية أيضا في موطنه الذي يقيم فيه عادة.

رئاسة القضاة الأجانب

وعن الطعن المقام من أحد الطاعنين على عدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 27 من قانون الانتخاب، والتي تؤكد «وتشكل كل لجنة من أحد رجال القضاء أو النيابة العامة يعينه وزير العدل، وتكون له الرئاسة»، وذلك على سند مخالفة أحكام تلك المادة لعدد من مواد الدستور، منها ما يتصل بإخلال تلك المادة لسيادة الدولة، أو حق التقاضي.

والحقيقة أنه لا ربط بين المادة المطعون عليها والمواد الدستورية المشار إليها بالمخالفة، فضلا عن غياب شكل المخالفات الدالة على مخالفة أحكام الدستور، وذلك على النحو التالي:

أولا: نصت المادة 19 من قانون تنظيم القضاء الكويتي على أن يشترط فيمن يتولى القضاء أن يكون مسلما، وأن يكون كويتيا، فإن لم يوجد جاز تعيين من ينتمي بجنسيته إلى إحدى الدول العربية، وأن يكون كامل الأهلية غير محكوم عليه قضائيا أو تأديبيا لأمر مخل بالشرف والأمانة، وأن يكون محمود السيرة حسن السمعة، وحاصلا على إجازة الحقوق أو الشريعة أو ما يعادلهما من الإجازات العالية.

ويتضح من حكم المادة 19 من القانون سماح التشريع الكويتي بتعيين رجال القضاء من الجنسيات العربية، كما أن الفقرة الثانية من المادة 27 أشارت إلى أن تشكل كل لجنة من أحد رجال القضاء أو النيابة العامة، ولم تشر إلى تشكيل لجان الانتخاب من رجال القضاء والنيابة العامة من الكويتيين لإدارتها.

بل إن المشرِّع برأينا لو نص على ذلك التمييز لوقع في مخالفة تتضمن شبهة عدم الدستورية، لإخلاله بأحكام المادة 29 من الدستور، والتي تنص على المساواة، فحصر الإشراف على العملية الانتخابية على بعض القضاة وأعضاء النيابة بسبب جنسيتهم أو هويتهم يتضمن إخلالا بأحكام المادة 29 من الدستور.

ثانيا: اللجان التي يتولى رئاستها أو عضويتها رجال القضاء أو النيابة العامة، هي لجان إدارية، ولا يغير من طبيعتها الإدارية تلك رئاسة القضاة لها، ومن ثم فإن العمل الذي يمارسه رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة، هو عمل إداري محض، يتضمن الإشراف على مراحل العملية الانتخابية، وعليه فإن ما يصدر عن رجال القضاء من قرارات لا يعد أيضا بمثابة قضاء أو حكما أو أوامر ولائية أو وقتية، إنما قرارات من الجائز الطعن عليها أمام المحكمة الدستورية.

ثالثا: المشرِّع الكويتي، وإن كان كلف لجانا إدارية مهمة الإشراف على مراحل العملية الانتخابية، إلا أنه أناط لرجال القضاء وأعضاء النيابة العامة مهمة الإشراف تلك، ضمانا لنزاهتهم وحيدتهم لطبيعة العمل القضائي التي تميز رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة عن غيرهم، وعليه فإن تلك الطبائع الخاصة بالحيدة والنزاهة والتجرد، هي سمات متصلة بكل رجال القضاء وأعضاء النيابة، الذين يتم التأكد من توافر تلك الشروط فيهم قبل التحقق من أمر قبولهم بتلك الوظائف، ومن ثم فإن تكليف رجال القضاء من غير الكويتيين للإشراف على العملية الانتخابية ليس من شأنه الإخلال بسيادة الدولة أو الإخلال بالنظام القضائي، أو بحق التقاضي، وفق ما ورد بصحيفة الطعن.

بطلان اللجنة الاستشارية للانتخابات

وعن الطعن المقام من النائب السابق مبارك الوعلان على قرار تشكيل اللجنة الاستشارية العليا للانتخابات، لصدوره من اجتماع باطل لمجلس القضاء نتيجة غياب عدد من أعضائه، فإن الرد على ذلك السبب في الطعن يتمثل بسببين على النحو التالي:

الأول: أن قانون الانتخاب نص في المادة 27 منه على أن «تناط إدارة الانتخاب في كل دائرة بعدد من اللجان، وتكون إحداها لجنة رئيسة تتبعها لجان أصلية ولجان فرعية، وتشكل كل لجنة من أحد رجال القضاء أو النيابة العامة، يعينه وزير العدل، وتكون له الرئاسة»، وبموجب حكم المادة 27 يتضح أن إنشاء لجان الانتخاب يكون بقرار من وزير العدل وليس من المجلس الأعلى للقضاء.

وحيث إن الثابت أن وزير العدل أصدر قرارا وزاريا بتعيين 960 من رجال القضاء والنيابة العامة لرئاسة اللجان الأصلية والفرعية، وتعيين عدد من الأعضاء الاحتياطيين، وذلك بناء على القرار الوزاري رقم 497 /2016 بشأن إنشاء اللجنة الاستشارية العليا للانتخابات التي قامت بتجهيز إجراءات العملية الانتخابية، وإعداد أسماء القضاة وأعضاء النيابة العامة، كما صدر القرار من وزير العدل بتكليف رئيس اللجنة الاستشارية لإعداد ومتابعة إجراءات سير الانتخابات، ومن ثم فإن مصدر قرارات إنشاء اللجنة العليا الاستشارية ولجان الانتخاب الرئيسة والأصلية والفرعية هو وزير العدل، إعمالا لأحكام المادة 27 من قانون الانتخاب، ولم يصدر قرار من المجلس الأعلى للقضاء بتعيينهم.

ثانيا: أن الدور الذي قام به المجلس الأعلى للقضاء هو دور تحضيري من خلال ترشيح أسماء اللجنة الاستشارية العليا للانتخابات، ورفع الأسماء الى وزير العدل، ليصدر قرارا بتعيينهم، وهو الأمر الذي حدث فعلا، كما أن الاجتماع الذي وافق فيه مجلس القضاء على تعيين أعضاء اللجنة الاستشارية العليا للانتخابات صحيح، وتوافر به النصاب القانوني اللازم لانعقاده، وخروج بعض أعضائه، وعدم إكمال جلساته، لا يؤثران على سلامة قراراته.

بطلان لجنة الشطب

عن الطعن المقام من عدة طاعنين ببطلان لجنة فحص طلبات المرشحين، فإن الرد عليه:

ذهبت العديد من الطعون الانتخابية إلى طلب إلغاء قرار وزير الداخلية بإنشاء لجنة فنية تفحص طلبات المتقدمين للترشيح لعضوية مجلس الأمة على سند خلو القانون من النص على إنشاء هذه اللجنة، والرد على ذلك الطعن برأينا في مسألتين:

الأول: أن القرار الصادر من وزير الداخلية هو قرار إداري خاضع لرقابة القضاء الإداري، وإن كان يتصل بالرقابة على سلامة توافر الشروط الخاصة بالمتقدمين بالترشح لانتخابات مجلس الأمة، ومن ثم فإن القضاء المختص بالرقابة على هذا القرار هو القضاء الإداري وليس قضاء المحكمة الدستورية بصفتها محكمة موضوع لنظر الطعون الانتخابية.

ثانيا: سبق لكل الطاعنين الطعن على قرار وزير الداخلية بشأن حرمانهم من الترشح من العملية الانتخابية، وببطلان قرارات وزير الداخلية التي استندت الى أعمال تلك اللجنة، وقضى بصحة قرارات وزير الداخلية بحرمانهم من الترشح من العملية الانتخابية، وبرفض الدعاوى المقامة، وقد حازت تلك الأحكام قوة الأمر المقضي، كما أن تلك المسألة تثير الدفع بعدم قبول الطعن لهذا السبب، لافتقاد المصلحة من قبل الطاعنين.

ثالثا: إن طبيعة الأعمال التي تمارسها اللجنة المكلفة النظر بطلبات المترشحين هي أعمال فنية تعنى بالفحص لملفات المترشحين، ورفعها الى وزير الداخلية، تمهيدا لإصدار قرار بشأنها، ومن ثم فإن للوزير الأخذ بتلك الأعمال التي ترفعها تلك اللجنة، أو الالتفات عنها، ومن ثم فإن ما يصدر من تلك اللجنة لا يعد إلا رأيا استشاريا فنيا لا يرقى الى القرار للطعن عليه، بل إن وزير الداخلية ولو استند إلى محاضر تلك اللجنة وأعمالها، تبقى تلك الأعمال في عداد الأعمال التحضيرية التي تسبق إصدار القرارات الإدارية.

رابعا: إن قانون الانتخاب وإن خلا من النص صراحة على سلطة وزير الداخلية في فحص طلبات المترشحين لانتخابات مجلس الأمة، إلا أنه وبالنظر الى أحكام قانون الانتخاب يتبين تنظيمه إجراءات تقديم حق الترشيح للمخفر الواقع به الدائرة الانتخابية، والتنازل عنها كذلك. كما أن المادة 51 من قانون الانتخاب نصت على أن يقوم وزير الداخلية بتنفيذ أحكام هذا القانون، والتي منها استقبال المرشحين وتلقي أوراقهم والتأمين الخاص بالترشيح، بعد فتح باب الترشح.

رئاسة القضاة العرب للجان لا تبطل الانتخابات ووزير العدل هو من أصدر قرارات إنشاء اللجان

قانون الانتخاب والسجون خلا من السماح للسجناء بالتصويت

تشكيل اللجان يقوم على أساس قانون الدوائر الانتخابية

لجنة فحص طلبات الترشيح تمارس أعمال فحص تمهيدية على ملفات المرشحين ووزير الداخلية يصدر قرارات الشطب

قانون الانتخاب اشترط أن يمارس الناخب حقوقه بنفسه وفِي موطنه الفعلي... وهو أمر لا يمكن تحققه مع السجين

تولي رجال القضاء والنيابة العامة اللجان الإدارية لا يغير من طبيعتها... وأعمالهم تخضع لرقابة المحكمة

قصر الإشراف على الانتخابات على القضاة الكويتيين دون العرب يتضمن تمييزاً ويخلّ بحق المساواة

طعن الداهوم بعدم دستورية قانون العزل السياسي يفتقر إلى شرط المصلحة
back to top