تمليك الأجانب

نشر في 11-12-2016
آخر تحديث 11-12-2016 | 00:13
 السفير فيصل راشد الغيص نشرت جريدة "القبس" بتاريخ 6/ 12/ 2016 (ص26) نص مقترح بقانون رفعه اتحاد العقاريين إلى سمو رئيس مجلس الوزراء بتعديل القانون 74 لسنة 1979 بحيث يفتح الباب أمام أي أجنبي يحمل إقامة لتملك عقار استثماري، وهذا في رأيي من أخطر الأفكار على الأمن الاقتصادي والاجتماعي في الكويت، عدا عن كون معظم المبررات التي وردت في نص المقترح غير مقنعة، فإذا استثنينا الأرباح التي ستعود على كبار ملاك العقارات الاستثمارية، نجد كل نتائج هذا المقترح- لو تم تبنيه لا سمح الله- سلبية، بل خطيرة:

أولا: الكويت بلد مساحته صغيرة جدا، وهذا سيعني بيعه لغير أهله ولو بطريقة غير مباشرة، وهناك بلدان تمنع البيع للأجانب مثل حال عدد من الكانتونات السويسرية. ويبرر قانون "لكس فريدرش" السويسري في ذلك بصغر مساحة البلاد تحديدا، فإدارة الدول تختلف عن إدارة الشركات.

ثانيا: أن التركيبة السكانية في الكويت تتطلب تخفيض أعداد الوافدين لا زيادتها، فإذا كانت بلدان مثل سويسرا التي تقارب نسبة الأجانب فيها 20% فقط تقيد حق التملك للأجانب فما بالك بحالة الكويت، حيث تزيد النسبة عن 70%؟!!

ثالثا: سيترتب على عملية التملك حقوق ومطالبات كثيرة كالإقامة الدائمة والاستيطان والتجنيس والعمل وتملك مؤسسات تجارية واقتصادية، وكذلك حق استقدام الأقارب للعيش في الكويت، ففي بعض الحالات على الأقل سيحدث تكدس للساكنين في شقة واحدة وربما أكثر من عائلة.

رابعا: أن حق التملك الذي تمنحه بعض بلدان العالم للأجانب مرهون بدفع ضريبة شراء للدولة ورسوم تسجيل مرتفعة، وكذلك بدفع ضريبة سنوية على العقار وتأمينه (الإلزامي) وبتسديد رسوم سنوية على كل الخدمات والتسهيلات حتى خدمات القمامة وامتلاك جهاز تلفاز، في حين لا يدفع المشتري في الكويت سوى رسم بسيط للتسجيل وليس عليه أي التزامات أو ضرائب أو رسوم دورية، أما أسعار الماء والغاز والكهرباء والهاتف في البلدان المذكورة فحدّث ولا حرج.

خامسا: العائد من الاستثمار العقاري في الكويت مغرٍ فهو يبلغ 7 إلى 10% سنويا، مقابل 4.5% في أوروبا، ينخفض إلى 3.5 أو 3% بعد تسديد ضريبة الدخل والرسوم المترتبة على المالك.

سادسا: سيؤدي تنفيذ هذا المقترح إلى تضخم في أسعار العقارات الاستثمارية- المرتفعة أصلا- وسيجعل من شبه المستحيل على المواطن العادي تملك عقار استثماري.

سابعا: سيسبب ذلك خللا في ميزان الأنشطة الاقتصادية، حيث سيحدث تركيز كبير على قطاع العقار، ويشجع بذلك نمط النشاط الريعي الذي يعانيه الاقتصاد الكويتي.

ثامنا: لم يتضمن المشروع أي شروط تقييدية مثل حصر حق الشراء بمرة واحدة، ومنع استثمار العقار ومنع بيعه لمدة معينة، وفرض ضريبة على الربح المحقق عند البيع بهدف منع المضاربة، مع أنني لا أرى أي مبرر لهذا المقترح حتى لو تضمن هذه القيود.

تاسعا: لو تم إقرار هذا المقترح فإنه سيكون بالتأكيد مرحلة وعذرا للمطالبة بتوسيع تطبيقه على العقار التجاري والسكني.

عاشرا: إن القانون الحالي 74 لسنة 1979 لم يغلق الباب تماما أمام تملك الأجانب، لكنه جعله في أضيق الحدود وبمرسوم.

والخلاصة هي أن تحقيق المصلحة التجارية حق مشروع لكل مواطن أو قطاع اقتصادي طالما أنه لا يتعارض مع المصلحة العليا للوطن؟ وواجب الحكومة والبرلمان معا هو حماية حاضر الوطن ومستقبل المواطنين من أي أفكار أو مقترحات تنطوي على أخطار أمنية واجتماعية واقتصادية وسياسية، وتكون مبنية على النظرة الربحية الضيقة.

back to top