لهذا «فيتو» الصين الأخير!

نشر في 09-12-2016
آخر تحديث 09-12-2016 | 00:19
 صالح القلاب بقيت الصين تتخذ مواقف "متوازنة"، راعت فيها كل الأطراف، منذ انفجار الأزمة السورية قبل نحو ستة أعوام، والحقيقة أن مصالح هذا البلد الصاعد اقتصادياً بسرعة الضوء تقتضي مثل هذه "الوسطية"، ومثل هذا الاعتدال، خصوصاً أنه من المفترض أن الحرب الباردة، ومعها صراع المعسكرات، قد ولّت بلا رجعة، وأن عالم اليوم غير الأمس، عندما كان هناك معسكران اشتراكي ورأسمالي، وكان التنافس بينهما وصل إلى الصدام العسكري، كما جرى في فيتنام، وقبل ذلك في كوريا، ولاحقاً في أفغانستان، وفي مناطق متعددة أخرى من العالم.

لكن ما جرى قبل أيام، حيث حادت الصين عن سياسة "الحياد الإيجابي"، التي بقيت تتبعها على مدى السنوات الأخيرة منذ انهيار المجموعة الاشتراكية وبقائها وحيدة ومعها فيتنام وكوبا في هذا الميدان، وصوتت بـ"الفيتو" إلى جانب روسيا ضد قرار يتعلق بآخر تطورات الأزمة السورية تقدمت به ثلاث دول هي: مصر وإسبانيا ونيوزيلاندا، قد أثار تساؤلات كثيرة لدى الدول العربية، خصوصاً التي دعمت ولاتزال المعارضة السورية، التي أعلنت هذه الثورة المستمرة ضد نظام بشار الأسد، والتي كانت بدايتها في مدينة درعا الجنوبية في عام 2011.

لقد ظن البعض أن الصين، هذه الدولة العظمى، التي بحكم مسيرتها الطويلة بقيت تساند الشعوب المضطهدة، وواصلت دعمها لحركات التحرر في العالم بأسره، قد تراجعت عن موقفها المعتدل والعقلاني تجاه الأزمة السورية، وأنها غدت تنحاز لروسيا، التي أصبحت دولة محتلة كاحتلال الاتحاد السوفياتي لأفغانستان في نهايات سبعينيات القرن الماضي، وباتت تؤيد نظاماً استبدادياً يشبه نظام الجنرال نغوين كاوكي في فيتنام الجنوبية، ونظام فولغينسيو باتيستا في كوبا قبل انتصار ثورتها العظيمة، التي رحل قائدها فيدل كاسترو عن هذه الدنيا الفانية قبل أيام.

وحقيقة، وهذا إذا أردنا قول الحقيقة، إن الصين عندما صوتت ضد مشروع القرار المصري – الإسباني - النيوزيلاندي، فإنها لم تستهدف أياً من هذه الدول صاحبة هذا المشروع، كما أنها لم تستهدف المعارضة السورية لمصلحة نظام بشار الأسد، وبالطبع فإنها لم تقصد الانحياز لروسيا الاتحادية على حساب الدول الداعمة للشعب السوري ضد هذا النظام الاستبدادي، وفي طليعتها المملكة العربية السعودية ومعظم الدول "الخليجية".

لقد استهدفت الصين باستخدام "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي الأخير الولايات المتحدة تحديداً، وكان موقفها هذا، الذي فاجأ دولاً كثيرة، وأغضب الرأي العام العربي، رداً على إجراء الرئيس الأميركي المنتخب مكالمة هاتفية مع رئيسة تايوان تساي إينغ-وين، التي تعتبرها بكين مقاطعة صينية، ورداً على الهجوم الكاسح الذي هاجم فيه دونالد ترامب تخفيض الصين قيمة عملتها، واعتبر أن المقصود به التأثير على الاقتصاد الأميركي، خصوصاً في هذه الفترة الصعبة بالذات.

back to top