إيزابيل أدجاني: الكلمات تقتل والثقافة أهم قوّة سلميّة ضدّ الفوضى

الممثلة الفرنسية إيزابيل أدجاني: الكلمات تقتل والثقافة أهم قوّة سلميّة ضدّ الفوضى

نشر في 09-12-2016
آخر تحديث 09-12-2016 | 00:00
تتمنى الممثلة الفرنسية من أصل جزائري إيزابيل أدجاني أن تصبح مواطنة في عالمٍ عادل يحترم الإنسان والبيئة... تقول إنها تتقمّص الشخصيات في أعمالها ولا تسمح لها بأن تسكنها، وتعترف بأنها خضعت لعلاج نفسي مؤكدةً أنها اختارت أخيراً علاجات ترتكز على التأمل. مزيد من الأسرار تكشفها النجمة التي حازت جائزة «سيزار» عن فئة أفضل ممثلة خمس مرات في المقابلة التالية مع «باري ماتش» الفرنسية.

تختارين دوماً أدوار نساء ضعيفات ومضطربات وتقدّمين أداءً عاطفياً عالي المستوى. هل تؤثر فيك شخصياتك أم العكس؟

يسمح تمثيل الأدوار الخطيرة والمركّبة بالتعبير عن تعقيدات الحياة الخاصة لأننا نقدّم الدور بأصدق طريقة ممكنة تزامناً مع التحكّم بجوانبه كافة. لذا أفضل العمل مع مخرجين يحافظون على هذه العملية الحميمة التي تتطلّب منا تقمّص الشخصية بدل السماح للشخصية بأن تسكننا.

ألا تجدين أي خطورة في تجسيد شخصيات مثل أديل هوغو وكاميل كلوديل والملكة مارغو وأخيراً كارول ماتيو في فيلمك الأخير؟

اضطرّت هذه الشخصيات التي أدّيتُها إلى مواجهة مظاهر العنف في بيئتها الاجتماعية والعائلية والعاطفية، حتى أنها واجهت أهوالاً كانت لتصيبها بالجنون. لا تكمن الخطورة في أداء هذه الأدوار لأنها تبقى جزءاً من الخيال. بل تتعلق الجوانب العدائية الحقيقية بما تعيشه نساء كثيرات يواجهن هذه الأشكال من العنف على أرض الواقع اليوم.

يروي فيلمك Carole Matthieu قصة مضايقة معنوية في شركة. هل تظنين أن الكلمات تستطيع أن تقتل أيضاً؟

يمكن أن تعطي الكلمات والأفعال هذا الأثر. بسبب السلوكيات الشائعة في النظام الهرمي الأعمى، ربما لا يتعرّف الشخص إلى نفسه ويعجز محيطه كذلك عن التعرّف إليه. الكلمات تقتل فعلاً وليس بالمعنى المجازي فحسب! يحصد الاقتصاد المبني على المنافسة بين الشركات الضحايا يومياً ويجد أشخاصاً مستعدين لتقديم الضحايا له كما كان يحصل في أسوأ أيام التاريخ البشري. يبقى هذا الموضوع معاصراً بشكلٍ مخيف.

حصدتِ جائزة «سيزار» عن فئة أفضل ممثلة خمس مرات ومع ذلك لا توحين بأنك امرأة واثقة بنفسك...

ينتظر الناس من النجمة أن تكشف عن كل ما لديها أمام الآخرين. لكن كي أكون «واثقة» يجب أن أقنع نفسي في المقام الأول. ربما أنشغل بإقناع الآخرين عبر المسيرة التي أقدّمها لدرجة أن أنسى أحياناً أنني أستطيع التمتع ببعض الفضائل أو المزايا [تضحك]. أفتخر بمساهمتي في تقوية ثقة ابنيّ بنفسيهما كي يرسما طريقهما من دون أوجاع كثيرة ومن دون الحاجة إلى جوائز كي يقتنعا بمواهبهما ومزاياهما...

أنتِ امرأة جميلة وذكية وحساسة وناجحة. ما الذي ينقصك؟

ما ينقصني ينقص معظم الناس اليوم. أريد أن أكون مواطنة عالمية في عالمٍ مبنٍ على المساواة واحترام الإنسان والبيئة... أوافق على ما كتبه الكاتب والمخرج يان موا غداة اعتداءات 11 سبتمبر 2001 حين قال: «بدأت أول حرب عالمية شاملة. يتأثر البشر في أنحاء العالم بالتهديد الذي تفرضه تلك الحرب وتتغذى هذه الأخيرة بالأمراض النفسية التي تسببها. قد تكون بداية الحرب واضحة لكنّ نهايتها غير معروفة». لقد هزّني كلامه وأتذكّره مع كل اعتداء جديد. ما ينقصني هو استرجاع الأمل.

لا يكون أسوأ أشكال العنف جسدياً بالضرورة. هل سبق وجرحتك الكلمات؟

لن أجيب إلا بحضور محللي النفسي [تضحك].

سبق وخضعتِ لعلاج نفسي. هل حمل لك الماضي أي مفاجآت؟

طبعاً. الماضي يطبع حياتنا ويغيّرنا ومن واجبنا ألا نبقى جامدين وألا نقع ضحية صدماتنا. إنه هدف العلاج النفسي وقد بدأتُ هذه المسيرة، ثم اتّجهتُ نحو علاجات لم أنتهِ من استكشافها بعد وبات من الأسهل الاستفادة منها اليوم وتشمل التأمل واليوغا وممارسات استرخاء أخرى تحقق نتائج مدهشة.

هل سبق وكنت تحت سطوة أحد؟

يجب أن تتمكن كل امرأة من التحرّر من سطوة الرجل في مرحلة معينة من حياتها أليس كذلك؟

فرعي

لكنّ الواقع مختلف للأسف. كنا نظنّ أن العنف سيتراجع بحق المرأة مع نشوء الحركة النسائية لكن لم يتحقّق ذلك.

يجب ألا تضيع أي امرأة في الأوهام التي تنسجها. صحيح أنني لم أتعامل مع زوج حقيقي لكني أشعر بأن رجل حياتي لم يعد بعيداً [تضحك].

مع مرور الوقت هل تصالحتِ مع نفسك؟

لِنَقُل إنني عقدتُ هدنة مع نفسي ولن أستسلم قبل بلوغ هدفي [تضحك].

جمال الفن

تقول النجمة الفرنسية إنها تتأثر بجمال الفن بشكل أساسي، مشيرة إلى كتاب جان بيار شانجو La beauté dans le cerveau (الجمال في الدماغ) الذي تصفه بالمدهش، وتذكر: «نكتشف في الكتاب أن الدماغ يشمل منطقة تستطيع أن تحدد ما إذا كانت اللوحة التي نشاهدها تحفة فنية حقيقية أو مجرّد تقليد، ما يعني أننا نستطيع جميعاً الشعور بالجمال بغض النظر عن انتمائنا الثقافي أو العرقي أو الديني. يمكن اعتبار الثقافة، بتأثيرها الإيجابي الغامر، أهم قوة سلمية ضد الفوضى والهمجية. إنه سلاح عالمي من أسلحة الدمار الشامل!».

أنشغل بإقناع الآخرين عبر المسيرة التي أقدّمها لدرجة أن أنسى أحياناً أنني أستطيع التمتع ببعض الفضائل
back to top