تعلّم اتخاذ القرارات!

نشر في 08-12-2016
آخر تحديث 08-12-2016 | 00:00
No Image Caption
لا يسهل أن نتخذ القرارات! على مر حياتنا، نضطر دوماً إلى الاختيار: مجال الدراسة، المهنة، الشريك، مسار المستقبل... غالباً ما ترتبط تلك الخيارات بطفولتنا ونمط عيشنا وأخلاقياتنا وقيمنا. لكن قد لا نتوصّل دوماً إلى اتخاذ القرارات فنفوّت فرصاً مهمة!
يجب أن نفهم أولاً الفرق بين {الخيار} و{الأفضلية}. تشير الأفضلية إلى الحكم أو الشعور الذي يجعلنا نضع شخصاً أو هدفاً فوق كل شيء آخر. قد تفضّل مثلاً المشي على الهرولة، والمأكولات المالحة على السكريات، وصديقك المفضّل على رفيق الطفولة!

أما الخيار، فيشير إلى القرار الذي يجعلنا نفضّل احتمالاً معيناً على جميع الخيارات الأخرى. يفترض الخيار إذاً اتخاذ قرار واضح ولا يرتكز مطلقاً على الانفعال أو العفوية بل يتعلق بتصرف طوعي يدفعنا إلى التحرك. يكون الخيار إذاً أكثر صعوبة!

الاختيار في علم النفس

يعني الاختيار اتخاذ قرار حاسم بعد التفكير باحتمالات متعددة. بحسب رأي أرسطو، يرتكز الخيار دوماً على {الأمور التي تتوقف علينا}، ما يعني أننا لا نستطيع اختيار أهدافٍ نعجز عن تحقيقها. يتناقض هذا المفهوم مع الرغبة التي يمكن أن تتألف من أهداف مستحيلة.

لكن هل يعني الاختيار التمتع بحرية كاملة لاتخاذ قرار معين بعيداً عن أي أفضلية كامنة؟ إذا اضطررنا مثلاً إلى الاختيار بين احتمالَين من دون أن يحمل أحد الخيارين قيمة أعلى من الثاني، سيكون الخيار عشوائياً وغير مبرر. لذا يجب أن يكون أحد الاحتمالين أفضل من الخيار الثاني لتبرير القرار النهائي.

سبب الاختيار

لا بد من تحليل السبب الكامن وراء الاختيار: هل يتعلق بشعور معين أم عاطفة حساسة (مثل المتعة) أم حكم يرتكز حصراً على الحقيقة أو الأخلاقيات؟ للقيام بخيار معين، لا بد من تفضيل احتمال على آخر، لكن هل يشير التفضيل في هذا الإطار إلى تكوّن شعور محدد أم يرتبط بإصدار الأحكام؟ في الحالة الأولى، يكون التفضيل مرادفاً للميل الشخصي أو الرغبة الداخلية. أما الحالة الثانية، فتتطلب تقييم الاحتمالات القائمة والتفكير بها.

سلوك طوعي ومدروس

لا يتطلب الاختيار أن نحكم على ما نفضّله بالضرورة بل يجب تحديد أفضل قرار بالنسبة إلينا وإلى الآخرين. إنه سلوك طوعي لأن أحداً لا يجبرنا على اتخاذ هذا القرار. كما أنه سلوك مدروس لأنه يستلزم تقييم الإيجابيات والسلبيات. يؤكد جميع علماء النفس ضرورة التفكير بالخيارات في جو هادئ حين نضطر إلى القيام بخيار مهم لأن الأجواء المشحونة بالانفعالات لن تسمح لنا باتخاذ قرار صائب وسيرتكز القرار في هذه الحالة على حاجة ملحّة أو مشاعر سلبية أحياناً. لكن حين يسود الهدوء من حولنا، سنتمكن من سماع آراء الأشخاص الذين يحبوننا ويريدون مصلحتنا.

اطرح المشكلة بهدوء

بعد سماع آراء الآخرين، يمكنك التعامل مع المشكلة بهدوء وتقييم مختلف جوانبها. في النهاية سيتوقف الخيار عليك وحدك. خذ ورقة بيضاء واكتب عليها جميع الأفكار والأحاسيس التي تراودك. ثم ارسم عمودين على ورقتين مختلفتين لتدوين الإيجابيات والسلبيات الخاصة بكل خيار محتمل. ثم عد إلى الورقة الأولى للتأكد من أنك لم تنسَ أي نقطة. راجع مواقف أفراد عائلتك وأصدقائك وأضف النقاط الناقصة إلى الجداول التي حضّرتها. أخيراً تخيّل أن ذلك الخيار ليس شخصياً بل يخصّ أكثر شخص تحبه في العالم. ضع نفسك مكان ذلك الشخص وحاول أن تحلل ما كان ليفعله أو يقوله لو كان في وضعك. أضف هذه المشاعر إلى جداولك.

كن أنانياً

ستحصل في المرحلة الأخيرة على {أسلحة} كافية كي تحلل إيجابيات الخيار البديل وسلبياته. كن أنانياً لأن موقفك يحتل الأهمية الكبرى في وقت الاختيار. لا تتخذ قرارك بناءً على مواقف الآخرين بل اتكل على مشاعرك ومصلحتك ووجهة مستقبلك. إذا كان خيارك مبرراً ومدروساً، يُفترض أن يضمن لك السعادة أو الراحة الداخلية على الأقل. وستتمكن حينها من نقل تلك الراحة إلى الآخرين. يقوم كثيرون بخيارات سيئة لأنهم يتأثرون بمواقف الآخرين ويشعرون بالذنب إذا خالفوهم الرأي. يجب أن تكون واثقاً بخيارك كي لا تشعر بالندم لاحقاً وكي تتمكن من المضي قدماً وتبتكر مشاريع جديدة مستقبلاً.

باختصار، حاول أن تركّز دوماً على الناحية الإيجابية من خيارك لأن الخيار فرصة حقيقية تقدمها لك الحياة، وإذا لم تحصل على تلك الفرصة سيتدهور وضعك وستدخل في حلقة مفرغة...

back to top