حماية التعليم في مناطق الحرب

نشر في 06-12-2016
آخر تحديث 06-12-2016 | 00:06
ينبغي علينا أن نخلق عالما آمنا، حيث يستطيع كل شخص يرغب في التعلم أو التعليم، أو إجراء البحوث الأكاديمية القيام بذلك في سلام وكرامة، لكن هذا الطموح المشترك يتطلب العمل المشترك، لأنه ينبغي التعاون، والتعامل، والثقة المتبادلة لتطوير الترتيبات الدولية الجديدة اللازمة لحماية المؤسسات التعليمية من الصراعات.
 بروجيكت سنديكيت إن الأطفال هم غالبا من يتحملون وطأة العنف في مناطق الصراع. في الشهر الماضي تسببت الضربات الجوية المتكررة على مجمع المدارس في إدلب بسورية، في مقتل 22 طفلا على الأقل، ولم تكن لدى الأطفال في المدينة السورية المحاصرة حلب أي وسيلة للهروب من القصف شبه المستمر لعدة أشهر، كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في سبتمبر "لا يمكنهم اللعب، أو النوم، أو الذهاب إلى المدرسة، لا يمكنهم حتى الأكل".

قبل بضعة أسابيع فقط من صدور هذا التقرير، تم تفجير قنبلة خارج مدرسة في جنوب تايلند، عندما كان الآباء يوصلون أطفالهم إلى المدرسة، وقد تسبب الانفجار في قتل أب وابنته البالغة من العمر أربع سنوات على الفور، وأصيب عشرة آخرون، ووصف براد آدامز من هيومن رايتس ووتش التفجير بأنه عمل من الأعمال "الوحشية الغامضة": "إن وصف ما حدث بجريمة حرب لا ينقل بشكل كامل الأضرار التي لحقت بالضحايا، أو التأثير الكبير لمثل هذه الهجمات على الأطفال في المنطقة".

وقبل أسابيع فقط من تفجير تايلند، يوم 13 أغسطس تسببت غارات جوية على مدرسة في منطقة صعدة، شمال غرب اليمن، في مقتل عشرة أطفال وإصابة نحو 30 آخرين.

وبالنظر إلى هذه الأمثلة الحديثة فمن الواضح أن هناك حاجة ملحة لمنع الهجمات على المؤسسات والمرافق التعليمية، من قبل الدولة والجهات المسلحة الفاعلة غير الحكومية على حد سواء، ولهذا أنشأت منظمة التعليم فوق الجميع (EAA) برنامجاً دعته "حماية التعليم في حال انعدام الأمن والصراع" (PEIC).

إن الأساس المنطقي الذي يقوم عليه برنامج PEIC واضح ومباشر: يوفر التعليم فرصا مهمة للأطفال والشباب، وهذا صحيح خصوصا بالنسبة إلى أولئك الذين يعيشون في مناطق الصراع، وتعطي المدارس والجامعات الطلبة فرصة حيوية لاستعادة الحياة الطبيعية، مع تشجيعهم على الحفاظ على الأمل وتحقيق تطلعاتهم، فالمدارس لا تُكَون فقط الجيل القادم من الأطباء والصحافيين والمحامين وقادة المجتمع المدني، بل توفر المعلمين، والغذاء، والمياه، والمعرفة الصحية الأساسية والصرف الصحي للأطفال، فمن خلال ما تُبينه الهجمات على المدارس في دول مثل سورية واليمن وجنوب السودان، تتعرض الأماكن التي يفترض أن تكون آمنة للتهديد المباشر في كثير من الأحيان.

وإذا سُمِح للأطفال بحضور المدرسة أثناء النزاعات رغم كل شيء، فسيكونون بمثابة البراعم الخضراء التي ستساهم في إعادة بناء المجتمعات التي مزقتها الحرب، ولحماية حق التلاميذ الأساسي في التعليم ينبغي حماية الجامعات والمدارس في مناطق الصراع بالطريقة نفسها التي نحمي بها مرافق الرعاية الصحية، وتشكل المدارس مثلها مثل المستشفيات واحدة من المكونات المجتمعية الأكثر ضعفا في أي مجتمع.

وغالبا ما تثير الهجمات على الأطفال والمدارس الإدانة الدولية، لكن الكلام وحده لا يشكل رادعا فعالا، وبالتالي تتمثل مهمة برنامج PEIC في استخدام آليات الإنفاذ المتاحة بموجب القانون الدولي لتعزيز إرادتنا السياسية الجماعية من أجل منع الهجمات على المرافق التعليمية، ويرقى جهاز الشؤون التنفيذية إلى ضمان الاعتراف بأن التعليم شرط أساسي للتنمية البشرية، وبالتالي يجب منحه أكبر قدر من الحماية.

وينبغي علينا أن نخلق عالما آمنا، حيث يستطيع كل شخص يرغب في التعلم أو التعليم، أو إجراء البحوث الأكاديمية القيام بذلك في سلام وكرامة، لكن هذا الطموح المشترك يتطلب العمل المشترك، لأنه ينبغي التعاون، والتعامل، والثقة المتبادلة لتطوير الترتيبات الدولية الجديدة اللازمة لحماية المؤسسات التعليمية من الصراعات.

ولتحقيق هذه الغاية، وبالشراكة مع الائتلاف العالمي لحماية التعليم من الهجومات، فقد لعب برنامج PEIC دورا رائدا في تعزيز "إعلان المدارس الآمنة"، والذي يتضمن الوعد بحماية "المدارس والجامعات من أي استخدام عسكري أثناء النزاع المسلح". هذا البند أمر ضروري لحماية أطفال المدارس والمعلمين والمرافق في أوقات الحرب، ونأمل أن يصبح هذا الإعلان في مجمله معيارا دوليا معترفا به عالميا.

كانت ألبانيا في سبتمبر من البلدان الـ56 التي وقعت على هذا الإعلان، وقد التزمت الحكومة الألبانية علنا بحماية التعليم خلال فترات النزاع المسلح، وفي هذه الأثناء انضمت ألبانيا إلى دول مثل العراق، حيث هناك حاجة ماسة لحماية مستقبل الأطفال، فضلا عن الأرجنتين، والبرازيل، وتشيلي، وإيطاليا، وكينيا، ونيجيريا، ونيوزيلندا، والنرويج وقطر وجنوب السودان.

ويلتزم جهاز الشؤون التنفيذية بإبعاد المدارس عن ساحات القتال، كما يطالب جميع الدول التي لم توقع بعد على الإعلان بالقيام بذلك، ويُعبر التوقيع على الإعلان بالالتزام السياسي لحماية التعليم، حتى إبان الصراعات الأكثر وحشية، وهو ما يعني الالتزام بحماية الأطفال في العالم، فمن مصلحة كل بلد ضمان إتاحة الفرصة لطلاب اليوم لكي يصبحوا قادة الغد، وبما أن العالم يشاهد المدارس التي دمرت في سورية واليمن ومناطق الصراع الأخرى، فإن إعلان المدارس الآمنة أمر مُلح ومن الأهمية بمكان.

* بيتر كلاندوش هو مدير برنامج حماية التعليم في حال انعدام الأمن والصراعات، بالدوحة. ومليحة مالك هي المديرة التنفيذية لحماية التعليم في حال انعدام الأمن والصراعات، بالدوحة.

«بروجيكت سنديكيت، 2016» بالاتفاق

مع «الجريدة»

* بيتر كلاندوش ومليحة مالك

back to top