دماء السوريين في رقبة ترامب

نشر في 03-12-2016
آخر تحديث 03-12-2016 | 00:03
 مشاري ملفي المطرقّة ما بين قصف النظام لهم بالطائرات والأسلحة الفتاكة والمحرمة دولياً وبين إرهاب داعش وطغيانه وقنابله وألغامه يعيش الشعب السوري المغلوب على أمره، يعاني الموت والحصار والفرار والتشرد في الدول المجاورة، وعلى الحدود هرباً من آلات القتل التي تحصد أرواح الأبرياء يومياً بلا شفقة أو رحمة في ظل صمت دولي مريب وترهل عربي مخزٍ وفشل ذريع، حتى في إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين.

والصراع على كعكة سورية الدموية مستمر منذ 5 سنوات، سقط خلاله المئات من الضحايا وتأرجحت السيطرة على المدن بين قوات النظام والميليشيات الداعمة له، وبين قوى المعارضة المعتدلة والمتطرفة، وأصبح الوضع السياسي والإنساني خلال الشهور الأخيرة متأزماً أكثر من أي وقت مضى، ولم تعد هناك بوادر للحل السلمي، وبات المستقبل أكثر تعقيداً ويحتاج إلى معجزة في زمن اختفت فيه المعجزات.

لقد تشابكت خيوط الأزمة السورية وتعقدت كثيراً، فبعد أن كانت الفرصة سانحة أمام الغرب لتزويد الثوار في حلب بالذخائر والسلاح فإنه أضاعها بالمماطلة والاجتماعات والمؤتمرات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، كما أن الحرب في اليمن صرفت أنظار الدول الخليجية التي كانت تدعم المعارضة السورية بالسلاح والأموال، كذلك أوقف الأردن الإمدادات التي كان يقدمها للجيش الحر، أما تركيا فقد أصبح شغلها الشاغل هو وقف تقدم الأكراد قرب حدودها وبقي الشعب السوري يواجه جبروت النظام وإرهاب "داعش" بمفرده دون حول منه أو قوة.

ولعل ما يحدث الآن في مدينة حلب ويروج على أنه نصر لنظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين يعطي مبرراً للجماعات المعارضة المعتدلة التي يدعمها الغرب وحلفاؤه في المنطقة أن ترتمي رمياً في أحضان المتشددين، حيث إنها تدرك أن النظام الدموي السوري يخطط لاستقطاب الثوار وعزلهم في جيوب ومناطق محددة ليواصل مهاجمتهم والتخلص منهم دون صعوبة، أو أنه يريد فرض شروطه عليهم للموافقة على اتفاق سلام يخرج به الأسد منتشياً رافعاً رايات النصر المزعومة.

والمتابع للأزمة السورية يحزن كثيراً لفرحة أنصار النظام الأسدي من الشبيحة والمرتزقة بالتقدم الميداني في حلب والذي يصورون أنه انتصار رغم أنه يأتي على حساب الأبرياء الذين تسفك دماؤهم ويشردون، وحتى إن كان انتصاراً فهو بطعم العار لأن النظام استعان بقوات احتلال دولية وإقليمية لفرد عضلاته على أبناء شعبه من فصائل محاصرة ومعزولة هدفها أن ينال السوريون حريتهم ويتخلصوا من البطش والقمع الذين يعيشون تحت وطأته منذ عقود من الزمن.

في المقابل، يتحمل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مسؤولية كبيرة للتصعيد الذي يحدث الآن في سورية، حيث أعلن عن إعادة إصلاح العلاقات مع موسكو، وتعهد بأنه لن يدخل أبداً في حرب مع روسيا من أجل الشعب السوري، لذا فإنه فور الإعلان عن فوزه عادت طائرات روسيا والنظام السوري إلى قصف حلب بشكل وحشي، وكأنها أخذت ضوءاً أخضر من الولايات المتحدة لاستكمال مسلسل قتل الشعب السوري بل وإبادته إن لم يرضخ لبشار وأعوانه.

ومما لا شك فيه أن بشار الأسد أصبح الآن أقوى من أي وقت مضى بفضل المساندة الروسية وضعف الإرادة الدولية وعدم قدرتها على وقف المذابح في حلب وباقي أرجاء سورية إضافة إلى الاتفاق بين ترامب وبوتين على بقاء الأسد في السلطة، ليظل السؤال قائماً: إلى أين تذهب الأزمة السورية؟ وماذا سيفعل هذا الشعب المسكين الذي يقتل ويشرد على مدار سنوات؟ وبالتأكيد لا نملك الإجابة ولا أحد في العالم يملكها، وإنما الجميع ينتظر ويترقب ما ستكشفه لنا الأيام المقبلة.

back to top