وعد ترامب الكارثي إزاء الوظائف في الولايات المتحدة

نشر في 03-12-2016
آخر تحديث 03-12-2016 | 00:00
سوف يمضي برنامج ترامب في الحماية إلى ما هو أبعد من التدخل في شؤون التجارة الدولية، وسوف يكون السيناريو الأكثر تفاؤلاً أن يجري ترامب اتصالات مع قادة رجال الأعمال الأميركيين ليقول إنه أنقذ فرص العمل في الولايات المتحدة عبر الحد من خروج رأس المال من البلاد.
 بلومبرغ • تمثل أحد وعود دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية في منع انتقال الشركات الأميركية الى المكسيك – سواء عن طريق الضرائب أو الضغط أو الاجراءات الأكثر جذرية وشدة مثل الحظر التام، وقد يعتبر خبراء الاقتصاد ذلك صورة غير سليمة للحماية، ولكنه في حقيقة الأمر أسوأ من ذلك: واذا تحقق بشكل دستوري فإنه قد يشكل خطوة رئيسية نحو فرض رقابة على رأس المال في الاقتصاد الأميركي اضافة الى تسييس العديد من قرارات الشركات والأعمال التجارية.

ولننظر في كيفية تطبيق هذه السياسة بصورة عملية.

عندما تقوم شركة أميركية "بنقل الوظائف الى المكسيك" فهي لا تفكك المعمل وتعمد الى تحميل كل القطع على شاحنات تعبر الحدود، وذلك أمر يسهل ايقافه بشكل نسبي، وبدلاً من ذلك تقوم الشركة بإغلاق أو تقييد البعض من الانتاج الأميركي فيما تتوسع أو تبدأ بانتاج جديد الى الجنوب من الحدود، وفي ضوء هذه الحقيقة كيف يفترض أن يكون رد الحكومة؟

سوف يكون لاستخدام القوة من أجل منع اغلاق معمل عواقب وتداعيات سلبية خطيرة، ويرجع ذلك الى أن تلك المعامل تواجه خسائر مالية وقد ينتهي الأمر بها الى اعلان افلاسها، كما أن منع اغلاق المعامل القديمة سوف يجعل الولايات المتحدة في وضع يحد من التقدم والتطور الاقتصادي.

السياسة البديلة

وقد تتمثل السياسة البديلة في منع الشركات من خفض الانتاج الأميركي والتوسع في المكسيك خلال فترة زمنية تمتد الى عامين مثلاً، ولكن السؤال هو هل سيكون ذلك فعالاً؟ واذا دعت الحاجة الى وجود قانون يفترض أن يعني ذلك أن الانتاج في المكسيك أكثر فائدة وربحية من الانتاج في الولايات المتحدة. وهكذا وفي حال لم تتمكن الشركات الأميركية من نقل انتاجها الى المكسيك فإن الشركات المكسيكية يمكن أن تزيد انتاجها الخاص بها – أو ربما تبحث عن شركات متعددة الجنسية غير أميركية. وسوف تتمثل النتيجة النهائية في تحقيق المستثمرين في آسيا وأوروبا والمكسيك لمكاسب على حساب الشركات الأميركية.

وربما يتمكن المستثمرون الأميركيون من الالتفاف على القانون، وعلى سبيل المثال اذا منع القانون شركة فورد من نقل أموالها الى المكسيك فما الذي يمنعها من استخدام شركات فرعية أو تحالفات تجارية ووسائل تحويل عبر الشبكة العنكبوتية من أجل تحقيق النتيجة ذاتها بشكل تقريبي؟

والأكثر من ذلك اذا منعت الولايات المتحدة تحويل الأموال الأميركية الى المكسيك فإن الصين سوف تكون الرابح الأكبر لأن واحدة من أكبر منافسيها في الأجور المتدنية – المكسيك – سوف تصبح فجأة في وضع حرج.

ولعل الجانب الأكثر أهمية هو أن سياسة تعمل على الحد من قدرة الشركات الأميركية على تحريك ونقل الأموال الى خارج الولايات المتحدة سوف تخلق مجموعة جديدة من السلطات الحكومية، ولنتخيل اعطاء الحكومة القدرة على تحديد ما اذا كانت عملية تحويل مالي سوف تهدد خلق الوظائف في الولايات المتحدة، عندها سوف يصبح كل تحويل للمال خاضعاً لتقييم السياسيين والبيروقراطيين. وليس من الصعب تخيل استخدام ادارة ترامب لمثل هذه الخطوة من أجل دعم الشركات المؤيدة لها ومعاقبة خصومها في الوقت ذاته، وحتى في حال غياب المحاباة الواضحة لن تعرف الشركات قوانين اللعبة مسبقاً ولن تعلن عن رفضها بطريقة تغضب القوى الفاعلة.

وبكلمات اخرى، سوف يمضي برنامج ترامب في الحماية الى ما هو أبعد من التدخل في شؤون التجارة الدولية. وسوف يكون السيناريو الأكثر تفاؤلاً أن يجري ترامب اتصالات مع قادة رجال الأعمال الأميركيين – كما فعل مع شركة فورد – وأن يقول إنه أنقذ فرص العمل في الولايات المتحدة من خلال الحد من خروج رأس المال من البلاد. وفي عيد الشكر قال الرئيس الأميركي المنتخب إنه أجرى مفاوضات مع شركة كاريير لمنع اغلاق مصنع لها وإبقاء الوظائف في الأسواق الأميركية. وقد نصح مرشح الرئاسة السابق بيرني ساندرز في وقت سابق ترامب باستخدام عقود وزارة الدفاع على شكل وسائل ضغط.

فرعتسييس الاقتصادي

سوف يشكل الاستمرار في وسائط الضغط هذه صورة مؤسفة من تسييس الاقتصاد، ولكن ذلك لن يفضي على الأقل الى أنظمة أو قوانين جديدة للدعم بطرق منهجية.

والمفارقة الكبرى في مبادرة ترامب هي احتمال أن تفضي في نهاية المطاف الى ارتفاع في معدل العجز التجاري في الولايات المتحدة، ويشدد خبراء الاقتصاد على ضرورة الحد من تدفقات رأس المال، ثم إن الارتفاع في العجز التجاري يعادل مستوى التدفق الأعلى في رأس المال (ولنتخيل طبيعة مثل تلك العمليات من خلال قيام الصين ببيع بضائع وتجميع سندات الخزينة الأميركية في المقابل، وهو أحد أشكال الاستثمار في هذا البلد).

وهكذا فإن خطة ترامب الهادفة الى الحد من تدفقات رأس المال الى الخارج، وعبر أي وسيلة، تبقى خطة من شأنها أن تفضي الى رفع مستوى العجز التجاري في الولايات المتحدة.

إذا منعت الولايات المتحدة تحويل الأموال الأميركية إلى المكسيك فإن الصين سوف تكون الرابح الأكبر

في عيد الشكر الماضي قال ترامب إنه أجرى مفاوضات مع شركة كاريير لمنع إغلاق مصنع لها وإبقاء الوظائف في الأسواق الأميركية
back to top