علي اليوحة: انفتاحنا لم يؤثر سلباً في هويتنا

«المجتمع الكويتي محصن ضد أمراض التواصل الاجتماعي»

نشر في 30-11-2016
آخر تحديث 30-11-2016 | 00:04
شدد الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب علي اليوحة، على أن انفتاح الثقافة الكويتية على الآخر لم يؤثر سلباً على الهوية الكويتية، بل ساهم في تطويرها وتعزيزها، ولاسيما أن ثمة مؤسسات عامة وخاصة حرصت على تحصين الهوية المحلية.
ولفت إلى أن الكويت تولي الثقافة اهتماماً كبيراً، وتراهن على أهميتها في مجال الوعي الإنساني، لذلك حرصت على تضافر الجهود، لتكوين منارة حضارية في المنطقة العربية.
وتحدث اليوحة في حوار لمجلة منتدى الخليج والجزيرة العربية للدراسات في جامعة أكسفورد البريطانية عن قضايا ثقافية متنوعة، وفيما يلي التفاصيل:
* كيف تصف الحركة الثقافية في الكويت؟ وما أبرز معالمها؟

- تولي الكويت الثقافة اهتماما كبيرا، بل تراهن عليها في مجال الوعي الإنساني، وقد تضافرت أسباب عديدة لجعلها منارة حضارية في المنطقة العربية، ومنها طبيعة السكان المتنوعة، والتسامح الذي يتميز به الكويتيون، وحبهم للثقافة والفنون.

وتعد الحركة الثقافية بالكويت، بقضاياها وشخوصها، من الحركات البارزة على مستوى المنطقة العربية، ما ساهم في اختيارها عاصمة للثقافة العربية عام 2001 وعاصمة للثقافة الإسلامية عام 2016.

وحين الحديث عن الحركة الثقافية في الكويت، فإننا نعني حركة النشر النشطة، والمسرح وبداياته القوية، والفنون التشكيلية، وحركة التأليف في مجال الشعر والرواية والمسرح والغناء والموسيقى والعديد من الأنشطة الأخرى.

ويتميز المشهد الثقافي الكويتي منذ انطلاقته الباكرة وقبل استقلال الكويت بالمشاركة الفاعلة للمرأة فيه، من خلال مجالات الأدب والفن والثقافة المختلفة، إضافة إلى النشاط الملحوظ من الشباب من الجنسين، وخاصة في السنوات الأخيرة.

وتساهم مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وكذلك المؤسسات الخاصة والأهلية، في رفد هذا المشهد بالكثير من الإنجازات المستمرة، والتي رسمت للكويت وجهاً حضارياً مميزاً نفخر بتسويقه محلياً وخارجياً.

دعم الثقافة

• ما دور المجلس الوطني في دعم الحراك الثقافي والفني؟

- بحكم صلاحيات المجلس واختصاصاته التي رسمها مرسوم إنشائه، هناك الكثير من المجالات التي يسهم في رعايتها وتطويرها.

أما عن دعمه للحراك الثقافي، فإن ذلك يتضح من خلال رعايته وتشجيعه لجميع من تتوافر فيهم بوادر الإبداع، سواء في مجال الكتابة أو التمثيل أو الموسيقى، وغيرها من الفنون، وفي سبيل ذلك أنشأ المجلس جائزة الدولة التشجيعية، التي تمنح للمتميزين في أفرع الثقافة المختلفة، وبشكل سنوي، ويستفيد منها قطاع الشباب على الأخص. وهناك جائزة الدولة التقديرية، التي تمنح سنوياً أيضاً، وفي احتفال كبير لعدد من الشخصيات التي تسهم في دعم البنية الثقافية بالكويت، يضاف إلى ذلك دعم المجلس للمطبوعات الإبداعية، وتشجيع المؤلفات المحلية.

كما يساهم المجلس، بالتعاون مع الجمعيات الأهلية والنوادي ذات الصلة بالشأن الأدبي والثقافي، في تشجيع العديد من الأنشطة، مثل دعم صناعة الأفلام القصيرة، وكتابة النص المسرحي، وغيرها من الفنون.

وللمجلس دور في التدريب على الحفاظ على الآثار وترميمها، وذلك في مواقع تاريخية عديدة داخل البلاد وفي الجزر التابعة لها.

وأشير أيضا إلى أنه في هذا العام تم توقيع اتفاقية ثنائية مع قسم التاريخ بجامعة الكويت تختص بالبحث عن الآثار والعناية بها.

• تعد الكويت دولة ذات تنوع ثقافي، رغم صغر حجمها، هل يمكن التوسع في الحديث عن عناصر الهوية الكويتية وكيفية انعكاس ذلك على الثقافة والفنون؟

- التنوع الثقافي والنبض المتيقظ للحركة الثقافية في الكويت يرجع في جذوره إلى أسباب وعوامل عديدة، منها وأهمها انفتاح المجتمع الكويتي وقبوله للآخر، والتي يشهد لها في ذلك فتح أبواب الهجرة للكثير من الجنسيات وخاصة العربية، والأمر الآخر يقع في حالة الاهتمام والتوق الكويتي الشديد لكل ما له صلة بالثقافة والفن والأدب.

وإزاء ذلك، ونظراً لاختلاط هذه العوامل مع بعضها البعض – المحلي والخارجي– نتج ما يمكن أن تسميه اليوم الوجه الثقافي الكويتي، والذي أكثر ما يميزه الانفتاح والتأثير والتأثر في الآخر من دون أي انعكاس سلبي على الهوية الكويتية.

فقد ساهم المجلس، باختصاصاته وواجباته المهنية، ومؤسسات الدولة الرسمية والأهلية على مدى عقود من الزمن، في تثبيت هذه الهوية، بدءاً من المدارس ونشاطاتها، ودور كليات جامعة الكويت في البحث والدراسة حول كل ما له علاقة بالهوية الكويتية، ودور الرموز الاجتماعية، والمبادرات التطوعية، والجهود الموجهة للطفل، لتعزيز هذه الهوية.

وساهم هذا المجهود المشترك في الكثير من الإنتاج الثقافي والأدبي، سواء في المسرح أو الرواية أو السفر أو الكتابة بشكل عام، وترسيخ مفهوم الهوية الكويتية الوطنية، دون التماس بالجذور الأساسية لها، وهي الانفتاح والتسامح وقبول الآخر.

الهوية الكويتية

• ما أثر ثورة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي على المشهد الثقافي في الكويت، ولا سيما الشباب؟ وما مميزات وعيوب هذه الشواهد في نظركم؟

- قد يكون الحديث عن الإيجابيات أكثر من سلبيات ثورة الاتصال والمعلوماتية حول المشهد الثقافي الكويتي، وتحديداً على الشباب.

نحن نشاهد اليوم بروز كوكبة من الشباب من الجنسين، وقد ساهمت ثورة الاتصال في الترويج لأعمالهم ونشرها على نطاق واسع وترجمتها، وكان آخرها رواية "ساق البامبو" للمؤلف سعود السنعوسي، وهو شاب كويتي برز في فن الرواية، وحصلت روايته على جائزة البوكر العربية، وحولت إلى مسلسل تلفزيوني كويتي.

وهناك العديد من الأسماء التي اشتهرت بشكل أكبر، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال إنتاجها الأدبي.

ومعلوم أن المجتمع الكويتي، ومن ناحية إحصائية، يتفاعل بشكل كبير مع هذه الوسائل، واستطاع توظيفها بشكل مسؤول وعقلاني خدم المشهد الثقافي ولم يضر به. وقد استغلت الكثير من المجاميع الشبابية هذه الوسائل في الترويج للعديد من الفنون، كالرسم التشكيلي والكاريكاتير والقصة القصيرة وإقامة الورش المتخصصة والندوات وغيرها.

وأعتقد أن المجتمع الكويتي محصن من التأثير السلبي للعولمة، لأنه مجتمع منفتح بالأساس، وقبل ظهور هذه الوسائل، لذلك وعبر عقود من الزمن استطاع الكويتيون استيعاب معنى الاختلاط بالآخر، ومعرفة كيفية الاستفادة من تجاربهم، دون التنازل عن أسس الهوية الكويتية.

فعاليات مسرحية وتشكيلية وإصدارات دورية

تحدث اليوحة عن نشأة المجلس الوطني للثقافة الفنون والآداب بمرسوم أميري في 17 يوليو 1973، باعتباره هيئة مستقلة تابعة للدولة، ويرأسه وزير الإعلام، ويضم في عضويته ممثلين عن جهات حكومية وشخصيات أدبية وثقافية وفنية.

وأشار إلى أن عمر المجلس يزيد على 40 عاما، ويرتبط نسبيا بمسيرة الكويت، ويقوم بالدور الرئيسي في التنمية الفكرية والثقافية والفنية وتطوير العناية بالآداب والفنون وتقوية الروابط مع الهيئات العربية والأجنبية المماثلة.

وتابع: "من مهامه عمل المسوحات للواقع الثقافي، وجمع البيانات عن جهود الهيئات فيما يتعلق بأوجه أنشطتها، والقيام بالدراسات الدورية في مجال اختصاصه وإصدار المؤلفات والمعاجم وتجميع الوثائق وإقامة المهرجانات والمعارض والندوات وإنشاء الجوائز في المجال الثقافي وحفظ التراث الشعبي والتراث العربي وتشجيع القراءة والكتابة، ونشر الثقافة العامة، من خلال الإصدارات الدورية وغير الدورية".

وفيما يتعلق بإنجازات المجلس الوطني، قال: "قام منذ إنشائه بتنظيم وتطوير الحركة الثقافية الأدبية والفنية في الكويت، واستطاع عبر أكثر من 4 عقود تأسيس الكثير من التظاهرات الثقافية التي تعكس الإرث المجتمع الكويتي في هذا المجال".

وأوضح أن المجلس أسس معرض الكويت الدولي للكتاب، الذي أقيم عام 1975، ويعد من بين معارض الكتب العربية الشهيرة في النطاق العربي، وهناك مهرجان القرين الثقافي السنوي الذي انطلق عام 1994، ليصبح تظاهرة فنية وأدبية مشهودة على مستوى خليجي وعربي.

وأضاف: "هناك أيضا المهرجانات المتخصصة الأخرى، مثل المهرجان الثقافي للأطفال والناشئة، ومهرجان الكويت المسرحي، ومهرجان الموسيقى الدولي، ومهرجان أجيال المستقبل، وصيفي ثقافي، إلى جانب تنشيط فكرة الأسابيع الثقافية العربية والعالمية، وإقامة معارض الفن التشكيلي".

وذكر اليوحة أن المجلس "يساهم في إصدار سلسلة من الكتب والدوريات المتميزة التي لاقت رواجا منقطع النظير في الساحة العربية، كعالم المعرفة والمسرح العالمي وعالم الفكر، والثقافة العالمية وإبداعات عالمية وغيرها. كما ساهم في تأسيس فرق وطنية للمسرح، وباشر اهتمامه بالمباني التاريخية والآثار، ويرتبط المجلس بالكثير من الاتفاقيات الثقافية والأدبية مع العديد من المكتبات المماثلة بدول عربية وأجنبية".

المجلس الوطني ينعى العميري

نعى الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب م. علي اليوحة إلى الأسرة الفنية وفاة عميد الفنون البحرية الفنان الشعبي خليفة العميري الذي وافته المنية عن عمر يناهز 84 عاماً. وقال م. اليوحة إن الفقيد العميري يعد أحد أعمدة تراث الفن البحري في الكويت ومنطقة الخليج العربي، حيث ساهم في حفظ هذا التراث المرتبط بأنشطة البحر.

المشهد الثقافي الكويتي يتميز بالمشاركة الفاعلة للمرأة

سعود السنعوسي روائي كويتي بارز وحصل على جائزة البوكر العربية
back to top