العقار الكويتي بين الهبوط والارتفاع

نشر في 24-11-2016
آخر تحديث 24-11-2016 | 00:00
 محمد طارق النوري في الآونة الأخيرة، احتدم النقاش بين ضفتين، الأولى تسوق لهبوط العقار وانخفاضه حتى وصل الأمر بها إلى إشاعة انهياره، والثانية أن العقار لا ينخفض بهذه السهولة، إنما الانخفاض حركة تصحيحية للدورة الاقتصادية في جميع القطاعات، ومنها العقاري، وأن الارتفاع آت لا محالة!

لست هنا بصدد تفسير سلوكيات وحديث الضفتين، ومن يسوق الفكرة وفقاً لأهوائه ومصلحته الشخصية، سواء من يريد أن يثبت انخفاض القيم العقارية أو ارتفاعها، وان كان وسيطاً عقارياً (دلالاً) أو حتى خبيراً.

فالحديث بموضوعية بعيداً عن الأهواء والتحليل العلمي والعملي المناسب، يحدد عدة أسباب لانخفاض قيمة العقار في الكويت، والسبب الرئيسي من وجهة نظري لهذا الانخفاض منذ أواخر 2015 تقريباً، هي اتفاقية «بازل الثانية» وكفاية رأس المال في البنوك التجارية، وقد بدأت المواءمة لتطبيق الاتفاقية بين بنك الكويت المركزي والبنوك التجارية في السنوات الثلاث الأخيرة، مما يعني الحد من النشاطات الأساسية، وهي الإقراض والاقتراض وإلزام البنوك بالتكيف ومواكبة القرارات والتشريعات لتقليل المخاطر، ومنها مخاطر الائتمان، ومخاطر السوق والمخاطر التشغيلية، مما عزز تقليص الشريحة المقترضة لشراء العقارات المدرّة للدخل سواء كانت سكنية أو استثمارية أو حتى تجارية، بزيادة الضمانات للحد من مخاطر الائتمان على الأفراد على وجه الخصوص، مما أدى إلى قلة الطلب وانعدام هذه الشريحة في السوق وانخفاض نسبة عمليات البيع والشراء بين عامي 2015 و2016 من الفترة نفسها.

فالنشاط الملحوظ في القطاع العقاري في الوقت الحالي، هو من الشركات العقارية والاستثمارية بحكم مراكزها المالية القوية والضمانات المقدمة للبنوك، ناهيك عن بعض التجار وتركيزهم على المزادات، التي تطرح من خلال المحاكم لقضايا الورثة.

أما الأسباب، التي يتداولها من له شأن بالعقار، ومن ليس له شأن، فترتكز على انخفاض أسعار النفط وتوزيعات المؤسسة العامة للرعاية السكنية لقسائم السكن الخاص.

والجدير بالذكر أن المخطط الهيكلي للدولة الصادر بمرسوم رقم 255-2008 خصص أراضي لأكثر من 250 ألف وحدة سكنية، تم توزيع نحو 20 ألفاً تقريباً منها، منذ صدور المرسوم، ساهمت بشكل ملحوظ في انخفاض الأسعار لبعض المناطق، خصوصاً المناطق الجديدة في جنوب الكويت.

والسبب الأخير في انخفاض أسعار العقار، بالتحديد أسعار السكن الخاص، هو العامل النفسي للمشتري بغرض الاستثمار، وليس السكن، فرأس المال جبان، والحفاظ عليه أهون للمستثمر من الخسارة أو الصبر لاستثمار طويل الأجل، فالكسب السريع إحدى سمات المستثمر الكويتي.

أخيراً وليس آخراً، لا يوجد مقياس واضح لقياس العرض والطلب أو انخفاض وارتفاع العقار، وحتى الإيجارات، بسبب عدم وجود هيئة تعنى بالأراضي والعقارات تنظم السوق وتفرض الشفافية في عمليات البيع والشراء وتقييم العقارات، وتحد من مخالفات البناء وتفرض ضريبة الشراء للحد من المضاربة وتسن قانون تعمير الأراضي الفضاء وغيرها من أفكار، يمكن تطبيقها في السوق العقاري الكويتي للحد من الافتاء بكل شاردة وواردة.

back to top