مشاركة في الأوهام والتمنيات

نشر في 05-11-2016
آخر تحديث 05-11-2016 | 00:06
 حمد الدرباس معادلة رياضية بسيطة من الممكن تطبيقها لحساب مخاطر المشاركة في المجلس القادم لتبيان كيف أن المشاركة فكرة خاسرة وغير مجدية، وكلفتها أعلى مما نتصور، هذه المعادلة تتمثل في المخاطر التي تساوي "احتمالية الفشل مضروبة في عاقبة هذا الفشل"، وهي مرادفة لمعادلة تستخدم كمقياس في صناعة السياسة لمعرفة مدى "جدوى سياسة ما"، هذا المقياس معتمد بشكل واسع إلى درجة تطوير برنامج حاسوبي خاص بعمليات الحساب المعقدة لجدوى السياسات قبل الأخذ بها، حيث إن العشوائية في اتخاذ المواقف لم يعد لها مكان في العالم المتقدم!

لو افترضنا أن عدد الإصلاحيين "كوصف مجازي" الذين سيحققون النجاح في الانتخابات هم خمسون مرشحا أي أنهم سيحصدون "100%" من عدد المقاعد، فهذا لا يعني أن وعودهم ستتحقق بالضرورة لأن هذا العدد لن يؤثر بالنسبة العالية لاحتمال الفشل المتمثلة في احتمال صدور مرسوم لحل البرلمان، حيث إن المجلس قد يتعرض للحل كاحتمال واحد من اثنين: الحل أو عدمه، مما يعني أن نسبة احتمال الفشل للخمسين "إصلاحيا" هي 50% كحد أدنى، وعلى ذلك فهي مرشحة للزيادة كلما قل عدد الناجحين من "الإصلاحيين"، أما عاقبة هذا الفشل فتتمثل بالكلفة التي ستتسبب بها المشاركة، وهذه الكلفة هي الشرعية الشعبية التي ستُضفى على مرسوم الصوت الواحد والمجالس التي تشكلت أو التي ستتشكل على أساسه وما صدر عنها وسيصدر عنها من تشريعات، أي أن نسبة هذه العاقبة هي 100%. وبناءً عليه فإن نسبة المخاطر الناتجة عن عملية المشاركة تتراوح بين 50% و100%، بل إنه في حال تحقيق أقلية برلمانية فقط أي 39% وما دون فستؤدي إلى أن يصبح الحل خيارا مبالغا فيه! هذه الحسبة المبدئية واضحة ودقيقة وكافية لمعرفة أقصى ما يمكن تحقيقه في المجلس، بل انعدام الجدوى تماما في مواجهة فيتو الحل، وتكرار سيناريو تغيير قواعد اللعبة الانتخابية بمرسوم ضرورة، كما أنها كافية لتقدير خطورة آثار فشل المشاركة على المواطنين.

أما المقاطعة فهي، وإن رفعت من نسبة احتمال الفشل إلى 100%، إلا أن انعدام آثار الفشل سيحول معادلة المخاطر إلى معادلة صفرية، على أساس أن المجلس شرعيته ساقطة شعبيا وبالتالي أضراره قائمة على أسس غير ديمقراطية، وعلى كل حال فإن النسبة العالية للمخاطر تعني التخلي عن المشروع إن لم تكن هنالك وسيلة للتقليل من هذه المخاطر، والتخلي عن مشروع المقاطعة المعرض للفشل الذريع يعني المقاطعة!

الخلاصة هنا تتمثل بأن وعود كل المرشحين دون استثناء هي وعود باطلة لا يمكن تمريرها دون موافقة الحكومة، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول حماسة المشاركة، وما إن كانت هذه الحماسة مبنية على المعرفة الكافية وعلى الإخلاص في نقل الصورة الحقيقية للناس بدلا من إدخالهم في دوامة الأوهام!

وبما أن قرار المشاركة قد اتخذ وانتهى الأمر، ومن المشاركين من وصف مشاركته بأنها تأتي في أعقاب تجربة فاشلة بالمقاطعة، فالسؤال الآخر الذي يطرح نفسه على هؤلاء عن التجربة القادمة التي سيقومون بتجربتها على حساب الشعب في حال لو فشلت مشاركتهم بناءً على ما تواجهه من مخاطر حاسمة أهمها فيتو الحل؟!

من ناحيتي لا أتوقع إجابات واضحة حول هذه الملاحظات، وأعتقد أن الأمة ستكون مخطئة إن عولت كثيرا على جدوى المجلس القادم، وتبقى التمنيات بالنجاح محدودة كالعادة فيما ترضى السلطة بتمريره، وبذلك يكون الإنجاز محدوداً إن وجد.

back to top