تراجع الطبقة الوسطى في روسيا

نشر في 27-10-2016
آخر تحديث 27-10-2016 | 00:11
 موسكو تايمز مع حلول فصل الشتاء تكون ثلاث سنوات قد مرت منذ انطلاق روسيا فجأة في مسار العزلة السياسية والاقتصادية، وقد سدد انخفاض أسعار النفط وتراجع قيمة الروبل ضربة قوية لخير الشعب الاقتصادي، فقد تقلصت طبقة روسيا الوسطى، وفق تقديراتها الخاصة، أكثر من 16%، بعد أن مُنيت بخسارة كبيرة بلغت 14 مليون شخص.

هذه أحدث البيانات من "مؤشر مستهلك إيفانوف" (نسبةً إلى الاسم الأكثر انتشاراً في روسيا) الذي يستند إلى تقييم محللي مؤسسة Sberbank CIB.

وكشف مسح أجرته Sberbank CIB أن 61% من الروس اعتبروا أنفسهم من الطبقة الوسطى قبل تراجع قيمة الروبل في خريف عام 2014، لكن هذه النسبة انخفضت راهناً إلى 51% مع تحوّل العشرة في المئة المتبقية إلى جزء من طبقة أدنى، ولكن ما السبب؟ ترتفع الكلفة بسرعة أكبر، مقارنة بالعائدات، لذلك يُضطر مَن يملكون الدخل الأدنى إلى خفض الاستهلاك ليقتصر على ضرورات الحياة والبحث عن خيارات أقل كلفة للسلع والخدمات التي يشترونها. منذ فصل الصيف الماضي تراجع الدخل الحقيقي بنحو 7% من سنة إلى أخرى، في حين انخفضت رواتب التقاعد الحقيقية بنسبة 4% بعد أخذ التضخم في الاعتبار.

تنشر Sberbank CIB مؤشرها لثقة المستهلك منذ مطلع عام 2013، ومنذ ذلك الحين فاق في كل ربع سنة عددُ المستهلكين، الذين شعروا أن حالتهم الاقتصادية ازدادت سوءاً في الأشهر الأخيرة، مَن لاحظوا تحسناً، أما الفترتان الأكثر سوءاً فحلتا في شتاء عام 2014-2015، عندما تراجعت قيمة الروبل وارتفعت الأسعار، وفي شتاء عام 2015-2016، عندما بات الارتفاع في الأسعار يتخطى المداخيل بأشواط. صحيح أن المؤشرات شهدت تحسناً بسيطاً في الآونة الأخيرة، إلا أنها تبقى سلبية عموماً ولم تعد بعد إلى معدل عام 2013 حين كانت المداخيل لا تزال ترتفع.

يرى المستهلكون بعض أسباب التفاؤل، فقد تباطأ التضخم وعادت مجموعة من الشركات إلى التوظيف، مما حد بالتالي من الخوف من خسارة الوظائف، لكن التوقعات للمستقبل لا تزال حالكة عموماً.

ولكن ما الطبقة الوسطى في روسيا؟ تختلف هذه الطبقة باختلاف تعريفها، فضلاً عن أن من الصعب تحديدها بسبب التفاوت الكبير في التوزيع المالي في مختلف أرجاء البلد.

كان للعقوبات المضادة، التي فرضتها روسيا واستهدفت منتجات غذائية تُستورد من أوروبا وأوكرانيا، دور بارز: لم تحرم هذه العقوبات الفئات العليا من الطبقة الوسطى من عدد من الأطعمة الفاخرة المستوردة التي اعتادتها فحسب، بل ساهمت أيضاً في ارتفاع أسعار السلع الغذائية الروسية بشكل كبير.

تشير الأكاديمية الرئاسية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة، التي ترأسها تاتيانا ماليفا، إلى أن العائلات الروسية بلغت حدودها القصوى، مكتفيةً بتسديد كلفة السلع الأساسية من طعام، وماء، وكهرباء، وتدفئة.

منذ ربيع عام 2015 تحوّلت الأزمة الاقتصادية إلى ركود بطيء، وبخلاف الأزمات الأخرى كان وقع هذا الركود على الطبقة الوسطى وسكان المدن الروسية الكبرى أشدّ، مقارنة بفقراء المجتمع، وما من مؤشر إلى أن هذا الوضع سيتحسّن.

في العقد الماضي شكر الروس بوتين لمساهمته في استقرار الاقتصاد، وبعد مرور 18 شهراً على المرحلة الأسوأ من هذه الأزمة عاد الاستقرار إنما كميل سلبي.

بدأ الشعب يقيّم بوعي الوضع الاقتصادي، فتذكر منظمة الرأي العام أن 41% من الروس امتلكوا المقدار الضروري من المال أو أقل منه حتى لشراء الطعام فحسب في صيف عام 2016، لكن معظمهم لا يرون أي رابط بين فراغ جيوبهم وأعمال السلطة، سواء في الشؤون الخارجية أو الاقتصاد المحلي.

* «موسكو تايمز»

back to top