الزوج والقطة

نشر في 24-10-2016
آخر تحديث 24-10-2016 | 00:00
 فوزية شويش السالم "الزوج والقطة"، أول رواية أقرأها لكاتبة من نيبال اسمها إنديرا براسي، ترجمها من الإنكليزية برازش خانال، وإلى العربية عزة إمام، وراجعها خيري دومة، وصدرت عن سلسلة الإبداع القصصي بمصر.

عندما تقرأ رواية، فإنها تفتح باب عالم معرفي مجهول، تلقي بكشاف ضوئها على كل زوايا الحياة فيه.

الرواية ضوء كاشف تعري مجتمعا جاءت منه، وهذا ما عكسته الرواية عن مجتمعها وناسه وعاداته وتقاليده ومنطق تعامله وحياته.

اختيار موضوع النص يدل ويفضح اهتمامات الكاتب، مستواه الفكري والثقافي والاجتماعي، ومدى عمق تجربته الروحية والعقلية.

الرواية هذه جاءتني بعكس توقعاتي، فعندما قرأتها استغربت من موضوعها، الذي لا يشابه مجتمعها، كما أتصوره وأتخيله عن نيبال، كبلد آسيوي فقير مجاور للهند والصين.

الرواية صوَّرت لي مجتمعا مختلفا تماما، عكس توقعاتي، قصتها تدور حول امرأة مطلقة لديها بنت تدرس في الجامعة، تزوجت من رجل وسيم ثري مطلق لديه ولد وبنت يدرسان في مدارس داخلية، عاشت في حب وسعادة معه إلى أن يدخل بحياتهما قط صغير وجده زوجها في مزرعته، فأخذه معه إلى منزلهما. وهنا تبدأ مشاكلها وغيرتها من القط المحتاج إلى الرعاية، بسبب صغر عمره.

زوجها يحب القطط، وله تاريخ معها منذ طفولته، وسبب طلاق زوجته الأولى هو كرهها لقططه التي سممتها.

ورغم كل الرفاهية والحياة الرغدة والدلال والحب، فإنها تقرر شراء بيت صغير لها من دون علم زوجها، الذي فوجئ بطلبها بالانفصال عنه. تهجره فقط بسبب حبه للقط الصغير.

استغربت جدا من تصرفها هذا، وغيرتها من قط جعلها تهجر زوجا تحبه، وحياة رائعة تتمناها النساء، وربما لأني أعشق القطط، وخاصة "القطيطات"، لم أفهم سببا لغيرتها، وحب زوجها لقط صغير مريض.

أن يحدث مثل هذا الأمر في دولة كنيبال، فهو أمر مستغرب جدا، ولو كان الموضوع حدث في بيوت الغربيين الأثرياء لكان أمرا عاديا، لكن أن يحدث في نيبال، فهو أمر في منتهى الغرابة.

النص ألقى الضوء على نوع من النساء الحمقاوات التافهات اللاتي يدرن حول أنفسهن، وبطلة الرواية باعترافها قالت إنها أهملت ابنتها وركضت خلف عواطفها ومشاعرها، وباعت هذه المشاعر في لحظة حنق وغيرة، هدمت فيها بيتها بلا مبالاة بعواطف زوجها.

سألت نفسي ماذا كنت أفعل لو كنت مكانها؟

قلت أحضر قطا ثانيا، ليلعب مع القط الصغير، وأسعد الرجل بفعلي هذا.

قرأت في الصفحة الأخيرة المعلومات والبيانات الخاصة بالكاتبة، فإذا هي مستشارة للسيدة الأولى في نيبال.

هذا الوضع يبرر حالة القصة ووسطها الاجتماعي الدائر بين طبقة يبدو أنها صفوة المجتمع النخبوي النيبالي.

هذه فقرة تبين وتشرح سبب ابتعادها: "هل أنا بحاجة إلى حبه أو إلى ثروته؟ كيف أتوسل إليه أن يحبني بدلا من القط؟ وحتى لو فعل ذلك، هل أستطيع أن أقتنع بحب مثل الصدقة؟ إذا رضيت بذلك على أنه حل وسط، فلن أكون أبدا سعيدة.

فكرت نيلا بصمت، وهي تحدق في أباهاش، ولم تستطع أن تحدد أي شيء أبدا، لقد بدا بالنسبة لها غريبا، شخصا تعرفه، لكن لا تستطيع التواصل معه، شخصا يمتلكك، لكنك لا تنتمي إليه، لم تستطع التحديد. فنظرت بعيدا.

الزواج بالنسبة لها كان مسألة حسابية، فهما يعرفان المعادلة، لكنهما غير قادرين على حلها. إنها تعلم أن أباهاش لن يفهم السبب أبدا".

ليس أباهاش وحده لن يفهم السبب، أعتقد أن كل قارئ لهذا الرواية، إن جاز أن يطلق عليها مسمى رواية، فهي لا تتجاوز 100 صفحة من القطع الصغير، مثقلة بمقدمة المصدر والمترجم من النيبالية إلى الإنكليزية، ومترجمها إلى الإنكليزية عمل لها سيناريو لعمل فيلم يعرض في المهرجانات السينمائية الدولية.

كل هذه الضجة على قصة امرأة تركت زوجها بسبب غيرتها من قط صغير يعتني به.

بصراحة من تفاهة وبساطة هذه الرواية تجعل القارئ حين ينتهي منها، يقلب الكتاب ويفكر مئة مرة عن سبب ترجمتها للعربية، وما المضمون المهم الذي يراد توصيله للقارئ العربي من وراء ترجمتها؟ وهل هي من الروايات الأولى في نيبال؟ أم أنه لا توجد روايات في نيبال، وهذه تعتبر من باكورة كتاباتها؟

أظن أن هناك كاتبا عالميا من أصل نيبالي، لكني نسيت اسمه.

back to top