السيناريو القادم للمنطقة

نشر في 18-10-2016
آخر تحديث 18-10-2016 | 00:09
 يوسف عبدالله العنيزي هل يستطيع أحد أن يتنبأ متى، وكيف، وإلى أين تسير الأمور في المنطقة؟ ومتى ستنتهي هذه الأزمات التي لا تكاد إحداها تخبو حتى تبدأ الأخرى بالبروز، مآس وكوارث، قتل وتهجير، تدمير وتفجير، جماعات مسلحة وجيوش نظامية، أموال تنفق وجوع ينهش الأجساد، وأنهار من الكراهية والأحقاد، وفضائيات وإعلام عربي امتهن الفتن وغدا كالذئاب المسعورة، تستهويها الدماء، وشارك في جرائم القتل والتهجير.

ترى متى سينتهي كل ذلك؟ وهل يمكن أن نتصور بعض السيناريوهات الممكنة، ففي سورية من المؤكد عدم إمكانية الحل العسكرى نظرا لهذه الأعداد من الجماعات المتحاربة، وتدفق الأسلحة والمقاتلين والدعم اللا محدود من روسيا التي لن تتخلى عن آخر منطقة نفوذ لها في المنطقة، وكذلك الحال بالنسبة إلى إيران، وفي اعتقادي واهم من يعتقد بسقوط النظام السوري بالحل العسكري، والذي أعتقد أنه من أقوى الأنظمة في المنطقة لاستمراره أكثر من خمس سنوات في مواجهة خصومه، والعداء الظاهري له من أميركا وبعض الدول الغربية، فالمصالح هي من تحدد المواقف.

إذاً فالحل السلمي هو الحل الممكن، ولكن كيف الوصول إليه؟ في اعتقادي أن السيناريو الممكن تصوره يفرض اتخاذ خطوات جادة وحاسمة، منها: استبعاد المنتفعين وتجار الحروب والمحللين والمنظرين من المعادلة، ووقف تام لكل أنواع الدعم لـ"داعش" من كل الأطراف المعروفة والسرية حتى تصل ميزانيته إلى الصفر، وعندها سيختفي فجأة كما ظهر فجأة، ووقف فوري وتام لإطلاق النار وإعادة الأسلحة والمعدات إلى الثكنات، وإزالة جميع المظاهر العسكرية من كل المدن والقرى السورية، وتكوين جيش وطني سوري يضم كل مكونات الشعب، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى كل مناطق سورية.

أما الجانب السياسي فيمكن تلخيصه بالآتي: يتم الاتفاق بين كل الأطراف الفاعلة على الساحة السورية على بقاء الرئيس بشار الأسد حتى نهاية فترة رئاسته، على أن يتم تعيين مجلس رئاسة يضم أعضاء ممثلين لكل الأطراف الموجودة على الساحة السورية، ويكون لهذا المجلس حق المشاركة في الحكم واتخاذ القرارات، وتكوين لجنة عالية المستوى من الحقوقيين والمستشارين مع الاستعانة بالمنظمات الدولية لتعديل الدستور الوطني السوري بما يسمح بتعدد الأحزاب واستبعاد حكم الحزب الواحد، وإقرار الحرية الشخصية وحرية الرأي، وقيام صحافة حرة، ثم بدء المنظمات الدولية بالعمل الجاد لتأهيل المدارس والجامعات والمستشفيات والطرق، وإعادة الحياة الطبيعية لكل أنحاء سورية. أما آن الأوان لهذا الشعب أن يشعر بالأمن والأمان والحب لهذا الوطن الذي حكمت عاصمته "دمشق" في فترة من التاريخ نصف العالم؟

أما في اليمن فيمكن أن يكون السيناريو أو تصور الحل مختلفا، ولكن بالتأكيد مع عدم إمكانية الحل العسكري، وإن كان يتميز الوضع بعدم وجود قوات لدول عظمى تقاتل على الأرض، ولكن في اعتقادي أن من يعقد الحل العسكري التضاريس الجغرافية للحدود بين المملكة العربية السعودية واليمن، وقد كان لي فرصة التحليق فوقها، فرأيت تلك الجبال التي تعانق الغيوم، وأودية تغوص في باطن الأرض، وشعاباً يتوه فيها الدليل، إنها فعلا مناطق يسكنها الجان، فلن يجدوا أفضل منها للانعزال عن العالم.

وفي اعتقادي أن السيطرة على تلك المناطق بالقوة العسكرية تكاد تكون مستحيلة، إذاً فالحل العسكري مستبعد في اليمن كما في سورية، وعليه لا بد من التفكير بالحل السلمي، ولعل النقطة الأساسية في الحل ضرورة مراعاة المصالح السعودية، فمن حق المملكة الشرعي عدم قيام نظام على حدودها يكن لها العداء والضغينة والسعي لزعزعة أمنها واستقرارها، وعليه يجب التركيز على قيام نظام حكم في اليمن يتميز بالسعي لإقامة علاقات حسن جوار مع جيرانه ومحيطة الخليجي ليعم الأمن والاستقرار، وتبدأ عجلة التنمية بالدوران مدفوعة بالدعم الخليجي والعالمي.

وقد اقترحت أثناء رئاستي للبعثة الدبلوماسية في اليمن في الفترة بين 2000 و2003 إقامة برنامج دعم لليمن مشابه لمشروع "مارشال"، ومن هذه النقطة يبدأ وضع أسس قيام نظام حكم يكون للشعب اليمني الصوت الأعلى فيه، وذلك بإجراء انتخابات رئاسية متزامنة مع انتخابات برلمانية تكون من مهماتها الأساسية إعادة الأمن والسلام إلى اليمن وإعادة المحبة والمودة بين كل أطياف الشعب اليمني.

أما في العراق فإنه يصعب وضع سيناريو أو تصور لما تسير إليه الأحداث، وأذكر في هذا المقام أنه أثناء رئاستي للبعثة الدبلوماسية في الأردن الشقيق سعدت باستقبال فخامة نائب رئيس الجمهورية العراقية السابق د. طارق الهاشمي في مكتبي، وقد جرى حديث لا تنقصه الصراحة استمر أكثر من ساعة، وقد طرحت على فخامته استفسارا مفاده أننا نرى الآن المواطن العراقي السني والعراقي الشيعي والعراقي الكردي والعراقي التركماني... وهكذا، ولكن أين المواطن العراقي العراقي؟ في اعتقادي أن أغلب مشاكل العراق ستنتهي عند ظهوره وأخذ دوره في الحياة وبناء الوطن.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top