الإصلاح الاقتصادي... في ذمة الله

نشر في 09-10-2016
آخر تحديث 09-10-2016 | 00:15
No Image Caption
قدر الله، وقضى، فقد تكالبت قوى المجلس والحكومة وتآزرت من أجل وأد مشروع الإصلاح الاقتصادي قبل أن يبصر النور، وواضح أن هذه هي الخطوة التي تسبق تشييع الاقتصاد برمته ومواراته الثرى والترحم على ذكراه.

قدر الله، ولطف بأن منّ على هذه الأرض الطيبة بالنفط كي يعيش أهلها على ريعه ويقضوا لوازمهم من خيراته، أما المستقبل والغيب فأمرهما موكول إلى رب العالمين.

قلنا قبل أقل من أسبوع إننا غدونا في دولة يسير اقتصادها على البركة، "بلا إرادة ولا إدارة"، وقلنا إن لنا في تجارب الحكومة والمجلس في التراجع والنكوص أمثلة لها أول وليس لها آخر... وقد صدق ما قلنا.

كتبنا حرفياً فوق هذه المساحة في ختام افتتاحية "الجريدة": "ستبقى قصة البنزين مجرد وقود زاد النار اشتعالاً رغم محاولات التراجع والالتفاف حول القرار... كالعادة"، وتم التراجع بالتفاف مضحك حول قرار زيادة أسعار البنزين، وهو تنازل لم يُرضِ الأغلبية، بل فتح باب الاستجوابات الذي تتحاشاه الحكومة ويحرص أقطاب المجلس على تجنبه.

كيف يمكن لإدارة سياسية واقتصادية (مجلساً وحكومة) أن تحظى بثقة الناس، وهي التي تصدر قرارات في الصباح ثم تتراجع عنها في المساء؟! كيف سيثق المواطن بإدارة تقول إننا متمسكون بقراراتنا ثم تتراجع عنها بأساليب الالتفاف؟

إن مسرحية الـ75 لتراً فضحت المستور أو بالأحرى ما بقي منه... وكشفت الحقيقة، فلم يعد هناك داعٍ لترديد تلك الأسطوانة المشروخة عن سياسة الإصلاح الاقتصادي وتحويل الكويت إلى مركز مالي، وتحقيق طموحات القيادة السياسية... فإذا كانت الإدارة السياسية (مجلساً وحكومة) غير قادرة على حل مشكلة البنزين، فهل يمكن أن نتصور قدرتها على تحقيق تلك الطموحات والأحلام؟!

لقد تحولت آمالنا إلى آلام، وأحلامنا غدت كوابيس تطاردنا ليلَ نهارٍ... كنا نعتقد أن الأحلام والآمال والأمنيات هي التي ترسم الطريق إلى المستقبل، وأن الإدارة السياسية هي التي تبْسط ذلك الطريق وتحدد مساراته، لكننا خسرنا آمالنا وأحلامنا، وأدخلتنا تلك الإدارة السياسية (مجلساً وحكومة) في دهاليز اليأس والإحباط والاكتئاب.

إن الإصلاح الاقتصادي، شأنه شأن أي مشروع، لكي يكتمل لا بد له من عزم وإرادة تترجمهما إدارة نيرة واعية تتحلى بالكفاءة والإصرار... فأين نحن من كل هذا؟ بكل أسف وأسى ليس لدينا من ذلك شيء.

لا نملك إلا أن نقول: كفى شعارات وكفى لغواً وكفى لجاناً وكفى دراساتٍ وكفى خداعاً للعالم ومؤسسات التصنيف والائتمان الدولي بوعود وأحاديث لسنا أهلاً لها.

كانت مؤسستا "موديز" و"ستاندر آند بورز" للتصنيف تحذران قائلتين: "نخشى ألا تكون الحكومة الكويتية قادرة على تنفيذ مناهج الإصلاح"... ومع شديد التحسر والألم تحقق ما خشيتا منه، فها هي الإدارة السياسية تغرق في أول شبر من البنزين!

لقد تراجعت الحكومة عن قراراتها بحجة حماية المواطن وعدم المساس بمستواه المعيشي... ترى أين كان هذا المواطن حين أُعدّ ذلك القرار ثم أُقرّ؟ ألم يكن في حسبانها ثم انتبهت إليه الآن؟ ألم يأتِ تراجعها إرضاء لنواب يريدون ضمان ود ناخبيهم، ومن ثم ضمان عودتهم منتصرين ظافرين على حساب قيم الإصلاح والإرادة ومصلحة البلاد ومستقبل أجيالها القادمة؟!

وختاماً نتساءل: أي إصلاح وأية تنمية هذين اللذين تتحدثون عنهما؟ أين القدوة فيما تفعلون؟ وأين الإصرار والعزم؟ بل أين الصدق فيما تقولون؟

اليوم ودعنا المأسوف عليه مشروع الإصلاح الاقتصادي، وواريناه الثرى، وربما غداً أو بعد غدٍ، سننعى لكم اقتصادنا الوطني برمته.

الجريدة

back to top