The Lovers and the Despot

نشر في 01-10-2016
آخر تحديث 01-10-2016 | 00:00
شوي أون هي
شوي أون هي
أيُعقَل ألا يرغب محبو السينما في أن تُحسّن بلدانهم الأفلام التي تنتجها، وألا يتعاطفوا مع كيم جونغ إيل حين سُمِع وهو يقول «لا شيء جديداً في أفلامنا! لا يشارك أيٌّ منها في المهرجانات السينمائية. الناس هنا منغلقون فكرياً»؟
لم يكن كيم جونغ إيل رجلاً عادياً من محبّي الأفلام السينمائية، بل كان الحاكم المطلق لكوريا الشمالية. ربما نظنّ أنه كان يركّز على مسائل أكثر أهمية. لكنه لم يكتفِ بالتحرك لتغيير الوضع السينمائي الذي يزعجه، بل نفّذ خطته بطريقة لا يتصورها عقل!
يتناول الفيلم الوثائقي The Lovers and the Despot (الحبيبان والطاغية) للمخرجَين روب كانان وروس آدم قضية المخرج الكوري المرموق شين سانغ أوك والممثلة الشهيرة (وزوجة شين السابقة) تشوي يون هيي.

في أواخر السبعينيات، أمر كيم جونغ إيل بخطف النجمين اللامعين في عالم السينما وبجلبهما إلى بلده حيث أُجبرا على صناعة أفلام لكوريا الشمالية. قال لهما الدكتاتور: {أريدكما أن تحظيا بشهرة عالمية. لنثبت للغرب ما نستطيع فعله!}.

نظراً إلى غرابة القصة، أدرك شين أن الناس لن يصدّقوها بسهولة. لذا عمد مع زوجته إلى تسجيل بعض محادثات كيم سراً (تمّت الاستعانة بعميل سابق في {وكالة الاستخبارات المركزية} للتأكد من صحّة الصوت)، ويشكّل التسجيل الصوتي عنصراً أساسياً من القصة.

مات شين عام 2006 ثم توفي كيم، حاكم كوريا الشمالية، بعد خمس سنوات. لكن لا تزال تشوي (89 عاماً) على قيد الحياة، ويتمحور فيلم The Lovers and the Despot حول ذكرياتها أمام الكاميرا.

قصة الحبيبَين

يتعلّق أول جزء من الفيلم الوثائقي بقصة الحبيبَين. تتحدث تشوي عن شغفها بالتمثيل وشعبيتها (تقاسمت الأضواء مع مارلين مونرو) وعلاقتها مع شين الذي قابلته في موقع تصوير أحد الأفلام. كذلك تتذكّر الممثلة أنه أكّد لها ضرورة أن يمثّلا الأفلام معاً إلى الأبد، لكن سبّب لها دورها كزوجة المخرج مشاكل كثيرة، إذ كان شين مدمناً على العمل ولم يعبّر يوماً عن عواطفه. حتى أنه تركها وابنَيهما بالتبني (أصبحا راشدين اليوم ويشاركان في الفيلم) لأجل امرأة أخرى.

في عام 1978، ذهبت تشوي إلى هونغ كونغ لمقابلة امرأةٍ ظنّت أنها منتِجة، لكنها كانت عميلة لصالح كوريا الشمالية. أُرغِمت الممثلة على ركوب زورق سريع اصطحبها إلى كوريا الشمالية حيث قابلها كيم شخصياً على متن الزورق. كان الحاكم المطلق لائقاً ومحترماً، واعتبرته تشوي {فناناً يحب الأفلام}. لكن رغم سحره الظاهري، أبلغ الممثلة بطريقة غير مباشرة بأنه سيقتلها إذا فكّرت بخيانته.

في البداية، كانت حياة تشوي في كوريا الشمالية عبارة عن جمود قسري واقتصرت نشاطاتها على تقليم الأشجار وزراعة الحديقة والتنزه لفترات طويلة: {كانوا يحددون ما آكله وأرتديه وسرعان ما خسرتُ جميع معالم شخصيتي. كنتُ أنفّذ ما يُطلَب مني وكأنني دمية جامدة}.

17 فيلماً

واجه المخرج شين في تلك الفترة مشاكل مالية فقصد هونغ كونغ بعد فترة قصيرة بحثاً عن زوجته السابقة. لكنه وصل في النهاية إلى كوريا الشمالية أيضاً ولم تكن تجربته سلسة بقدر الممثلة. فقد سُجِن لسنوات واضطر إلى كتابة رسائل إلى كيم ذكر فيها: {إذا أطلقتَ سراحي، سأصنع أفلاماً جيدة لكوريا الشمالية}.

كان كيم جونغ إيل بارعاً في خوض الألعاب الطويلة فانتظر خمس سنوات قبل أن يجمع بين الممثلة والمخرج وقدّم لهما شكلاً من الاعتذار على {سوء التفاهم} الحاصل وطريقة التعامل معهما.

خلال 27 شهراً، ابتكر الثنائي الذي كان ينام لبضع ساعات في الليلة 17 فيلماً لكوريا الشمالية على الأقل، منها أول قصة حب تُعرَض على الشاشة المحلية كما قالت تشوي.

كانت تشوي تستمتع طبعاً بتطورها المهني بفضل صناعة تلك الأفلام كلها، حتى أنها نالت جائزة أفضل ممثلة في {مهرجان موسكو السينمائي}. ويُقال إن شين كان مسروراً لأنه لم يعد مضطراً إلى القلق بشأن ميزانيات الأفلام للمرة الأولى في حياته.

لجوء سياسي
وفق جزء من التسجيل الصوتي، استمتع المخرج أيضاً بتقرّبه من الحاكم المطلق: {اتفقنا بطريقةٍ ما. حين كنا نتقابل، كان يترك حراسه في الخارج. كان يحبّني كثيراً}.

لكن كانت مخاوفهما هائلة مما يمكن أن يصيبهما حين يسحب الحاكم الاستبدادي دعمه لهما، لذا هربا إلى السفارة الأميركية خلال رحلة متّجهة إلى فيينا عام 1986 وطلبا اللجوء السياسي. اتخذت قصتهما منعطفات غير متوقعة (أنتج شين فيلم Three Ninjas سلاحف النينجا الثلاث مثلاً!). لكن لم تنجح مشاريعهما اللاحقة في مضاهاة سنواتهما الذهبية في كوريا الشمالية.

back to top