وفاة شيمون بيريز.. قادة دوليون يشاركون في الجنازة وعباس حزين

مهندس «النووي» الإسرائيلي وباني أولى المستوطنات

نشر في 28-09-2016 | 14:49
آخر تحديث 28-09-2016 | 14:49
توفي الرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز (93 عاماً)، أحد المهندسين الرئيسيين لاتفاق أوسلو للسلام مع الفلسطينيين في 1993، بعد جلطة دماغية أصيب بها قبل أسبوعين.

وقال ابنه حيمي للصحافيين الذين توجهوا إلى مستشفى تل هاشومير في رامات غان بعد إعلان الوفاة «نودع اليوم بحزن عميق والدنا العزيز، تاسع رئيس لدولة اسرائيل شيمون بيريز».

وقال رافي والدن، طبيب بيريز وصهره، لوكالة فرانس برس أن بيريز توفي أثناء نومه قرابة الساعة الثالثة فجراً متأثراً بجلطة دماغية.

وبيريز هو الشخصية الأخيرة من جيل مؤسسي دولة اسرائيل وأحد المهندسين الرئيسيين لاتفاق اوسلو.

وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ببيريز على أنه «صاحب رؤية» و«بطل في الدفاع عن اسرائيل».

وقال نتانياهو الذي كان خصماً سياسياً لبيريز أن هذا الأخير كان «صاحب رؤية إلى المستقبل، وكبطل في الدفاع عن اسرائيل، قام بتعزيز قدراتها في نواح كثيرة بعضها لا يزال غير معترف بها حتى يومنا هذا»، في إشارة إلى دور بيريز في تطوير البرنامج النووي الإسرائيلي غير المعلن.

سلام الشجعان

وفي أول رد فلسطيني رسمي على الوفاة، عبّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأربعاء عن أسفه وحزنه لوفاة بيريز، وقال أنه «كان شريكاً في صنع سلام الشجعان» مع ياسر عرفات.

وجاء ذلك في برقية تعزية بعث بها إلى عائلة بيريز، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا».

وفي ردود الفعل الغربية على وفاته، أشاد الرئيس الأميركي باراك أوباما ببيريز «أحد الآباء المؤسسين لدولة إسرائيل ورجل الدولة الذي اعتمد في التزامه من أجل الأمن والبحث عن السلام على قوته المعنوية الثابتة وتفاؤله الراسخ».

كما أشادت به كل من برلين وموسكو وباريس وغيرها من العواصم.

وتم تحديد جنازة بيريز صباح الجمعة في القدس حيث سيدفن في مقبرة جبل هرتزل التي دفن فيها عدد من القادة الإسرائيليين الكبار، وسيشارك في الأجانب عدد من قادة العالم.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن الرؤساء الأميركي والفرنسي فرنسوا هولاند والألماني يواكيم غاوك وولي العهد البريطاني الأمير شارلز سيحضرون الجنازة.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن بيريز كان يعمل «بلا كلل في السعي إلى السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين».

معارك كبرى

وكان بيريز أصيب في 13 سبتمبر الماضي بجلطة دماغية رافقها نزيف داخلي نُقِلَ على إثرها إلى قسم العناية الفائقة في مستشفى تل هاشومير، حيث أعلن الأطباء أن وضعه حرج وأخضع للتنفس الاصطناعي في قسم العناية المركزة.

وأكد مصدر في محيطه طالباً عدم كشف هويته لفرانس برس أن وضعه الصحي تدهور الأثنين، مشيراً الثلاثاء إلى أن «الرئيس بين الحياة والموت»، وإلى أن الجلطة تسببت بأضرار دماغية دائمة.

وكان بيريز في وسط المعارك الكبرى في تاريخ دولة الاحتلال الاسرائيلي وفي صلب السجالات العنيفة التي واكبت الحياة السياسية في هذا البلد.

وإذا كان الإسرائيليون ينظرون إليه على شخصية توافقية وأحد حكماء البلاد، فيعتبر الشارع الفلسطيني أنه لا يختلف عن قادة اسرائيل الآخرين ويصفه بـ «المجرم».

في 1994، نال بيريز مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك اسحق رابين والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات جائزة نوبل للسلام عن «جهودهم لإحلال السلام في الشرق الأوسط».

ويرتبط اسم بيريز ببداية أنشطة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة وبقصف مخيم تابع للأمم المتحدة في بلدة قانا في جنوب لبنان في 1996 في مجزرة راح ضحيتها أكثر من مئة مدني.

وكان بيريز يصنف بين «صقور» حزب العمل، وقد وافق حين كان وزيراً للدفاع في السبعينات على بناء أولى المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة.

غير أنه انتقل فيما بعد إلى صفوف «الحمائم» ولعب دوراً حاسماً في ابرام اتفاقات اوسلو، في وقت كان اسحق رابين يشكك بقوة في العملية السلمية.

وقال بيريز المعروف عنه اعتناؤه الشديد بصحته ومحافظته على نشاطه رغم تقدمه في السن، مرة أن سر عمره المديد يكمن في ممارسة الرياضة يومياً وتناول كمية قليلة من الطعام وشرب كأسين من النبيذ يومياً.

وفي سن الـ93 كان بيريز لا يزال ينشط من خلال «مركز بيريز للسلام» الذي يشجع التعايش بين اليهود والعرب، في وقت باتت آفاق تسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني مسدودة أكثر من أي وقت مضى.

واضطر إلى وقف نشاطاته مرتين في يناير لإصابته بعارضين في القلب خلال عشرة أيام، غير أنه أكد بين الفترتين اللتين أمضاهما في المستشفى، عزمه على استئناف العمل.

وحين سألته مجلة «تايم» في فبراير عما يفتخر به بصورة خاصة، أجاب «الأمور التي سيتوجب علي القيام بها غداً، الأمور التي قمنا بها تمت، وهي من الماضي، ما يهمني هو الأمور التي يمكننا ويجب علينا القيام بها غداً».

ردود فعل

أشاد قادة عدد من الدول الغربية بشيمون بيريز بينما التزم العالم العربي الصمت.

في واشنطن، وصف الرئيس الأميركي باراك اوباما بيريز بانه أحد الآباء المؤسسين لدولة اسرائيل ورجل الدولة الذي اعتمد في التزامه من أجل الأمن والبحث عن السلام، على «قوته المعنوية الثابتة وتفاؤله الراسخ».

وأضاف اوباما الذي سيكون بين القادة الذين سيحضرون تشييع بيريز الجمعة «هناك عدد قليل من الأشخاص الذين نتقاسم معهم هذا العالم ويغيرون مجرى تاريخ البشرية، وصديقي شيمون كان أحد هؤلاء الأشخاص».

في نيويورك، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن بيريز «عمل بلا كلل من أجل حل بدولتين يسمح لإسرائيل بالعيش بسلام وانسجام مع الفلسطينيين والمنطقة بأكملها»، وأضاف «حتى في أحلك الأوقات، احتفظ بتفاؤله في فرص المصالحة والسلام».

وعبّر بان كي مون عن الأمل في أن يكون تصميم بيريز «دليلاً لنا في عملنا لجلب السلام والأمن والكرامة للإسرائيليين والفلسطينيين وكل شعوب المنطقة».

في موسكو، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «سنحت لي الفرصة مرات عدة للتحدث إلى هذا الرجل الرائع. في كل مرة، أعجبت بشجاعته وحسه الوطني وحكمته ورؤيته على الأمد الطويل»، مشيداً «بالمساهمة الشخصية لشيمون بيريز في الجهود للتوصل إلى حل سلمي في الشرق الأوسط، والتي كانت تلقى تقديراً من الأسرة الدولية».

وأضاف «بالنسبة لبلدنا، سيبقى في الذاكرة كداعم دائم لتطوير العلاقات الودية الروسية الإسرائيلية، فعل الكثير لتعزيز تعاون يفيد الطرفين».

ووصف الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون الذي أشرف على توقيع اتفاقات اوسلو في واشنطن في 1993 بيريز بأنه «عبقري قلبه كبير» و«مدافع شرس عن السلام والمصالحة ومستقبل يصنع فيه كل أبناء ابراهيم غداً أفضل».

وأضاف «لن أنسى أبداً كم كان سعيداً قبل 23 عاماً عندما وقع اتفاقات اوسلو في حديقة البيت الأبيض وفتح عصر أمل في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية».

أما الرئيس الأميركي السابق جورج بوش (الابن)، فقد أشاد بالتزام بيريز خلال حياته بالسلام والحرية.

في باريس، أشاد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بأحد «أشد المدافعين عن السلام» و«صديق وفي لفرنسا»، ووصفه بأنه «كان اسرائيل في نظر العالم».

وقال هولاند الذي التقى بيريز في 25 مارس أن «شيمون بيريز أصبح جزءاً من التاريخ الذي كان رفيقه طوال حياته»، وأضاف «برحيل هولاند، تخسر اسرائيل أحد المع رجال دولتها، ويخسر السلام أحد أشد المدافعين عنه وتخسر فرنسا صديقاً وفياً».

في برلين، عبّر الرئيس الألماني يواكيم غاوك عن «تعازيه الحارة لشعب اسرائيل»، وقال أن بيريز «ترك أثراً في اسرائيل أكثر من أي سياسي آخر وخدم بلده في وظائف عدة بمبادئ صلبة عندما يكون الأمر متعلقاً بأمن اسرائيل، وبإرادة قوية عندما يكون الأمر مرتبطاً بدفع عملية السلام مع الفلسطينيين قدماً».

وأضاف «على الرغم من الفظائع التي ارتكبت من قبل النازيين ضد عائلته، مد بيريز اليد» إلى الألمان «ومن أجل هذا الموقف نحن ممتنون له»، وأكد أن «حياته في خدمة السلام والمصالحة يمكن أن تكون نموذجا للشباب».

وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن بيريز «وضع الحجر الأساس لمستقبل مشترك قائم على السلام بين اسرائيل وجيرانها، وبقي وفياً لهذا الهدف حتى النهاية».

وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن بيريز «تعهد، بإرادة ثابتة، بربط الماضي والحاضر من أجل إعطاء دفع للصداقة الفريدة بين اسرائيل وألمانيا».

في لندن، أكد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، الموفد السابق للجنة الرباعية حول الشرق الأوسط، أن شيمون بيريز كان «عملاقاً في السياسة ورجل دولة، وسيبقى أحد أكبر عظماء عصرنا وكل العصور وشخصا أحببته بعمق».

في كييف حيث قطع الرئيس الإسرائيلي رئوفين ريفلين زيارة رسمية بعد الإعلان عن وفاة بيريز، قال الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو على صفحته على موقع «فيسبوك» أن بيريز «كان صديقاً وفياً لأوكرانيا، فعل دائماً ما بوسعه لحماية السلام، ووضع شرف واحترام الكرامة الإنسانية فوق كل المبادئ».

back to top