هزيمة محتكري الرعاية الصحية في أميركا

نشر في 28-09-2016
آخر تحديث 28-09-2016 | 00:06
يعد امتناع المستهلك عن الشراء بمنزلة المنافس الأساسي، إذ لا يمكن للشركات توفير أو تدبير حل للمستهلكين الذين يتخذون قرار عدم الشراء، لكن هيئة مكافحة الفساد بالولايات المتحدة تطالب الأفراد بشراء التأمين الصحي، وبالتالي تخلق طلباً متزايداً لفائدة المحتكرين المحتملين.
 بروجيكت سنديكيت بعد قانون الرعاية الصحية المتاح في الولايات المتحدة (ACA)، وتوقيع الرئيس باراك أوباما سنة 2010 على إصلاح نظام الرعاية الصحية، هناك حاجة ماسة إلى قوانين فعالة لمكافحة الاحتكار في أسواق التأمين الصحي، ورغم الأخبار الجيدة في الآونة الأخيرة، لا تزال هناك احتمالات كثيرة لتعرض المستهلكين للأذى.

وكما أشار أستاذ الاقتصاد في بيركلي هارون إدلن، فإن امتناع المستهلك هو بمنزلة المنافس الأساسي، إذ لا يمكن للشركات توفير أو تدبير حل للمستهلكين الذين يقولون: "لن نشتري هذا"، لكن هيئة مكافحة الفساد تطالب الأفراد بشراء التأمين الصحي، وبالتالي تخلق طلباً متزايداً لفائدة المحتكرين المحتملين، وفي ظل هذه الظروف، يمكن أن ترتفع الأرباح واستغلال المستهلك، من خلال التواطؤ.

إذن ليس مستغرباً أنه في عام 2015 بدأت أكبر الشركات الأميركية الخاصة في قطاع التأمين الصحي (أنثيم، وسينيا، وإيتنا، وهيومانا) البحث عن إمكانية للدمج، فإذا كان بإمكانها نقص عدد شركات التأمين الوطنية من 5 إلى 3، فإنه يمكنها بعد ذلك زيادة قوتها في السوق والحصول على مزيد من الأرباح من المستهلكين.

أعطى القطاع كل الحجج الممكنة لتبرير مثل هذا الدمج، مع الادعاء أنه سيفيد المستهلكين عن طريق جعل عمليات التأمين الصحية أكثر كفاءة، لكن لم يذكروا أنه، وفقاً لمركز التقدم الأميركي، فإن نقص المنافسة بين إيتنا وهيومانا في سوق التأمين الصحي للرعاية الطبية سيخفض متوسط القسط السنوي الذي يدفعه الزبائن لكل شركة بمقدار 155 دولار اً و43 دولار اً على التوالي.

في يوليو، رفعت وزارة العدل الأميركية دعوى قضائية لمنع الاندماج بين إيتنا وهيومانا، بعد أن كانت الصفقة على وشك المصادقة عليها من قبل المنظمين في ولايات إيلينوي، وآيوا، وكنتاكي، وكارولينا الشمالية، وغيرها من الولايات، وفي الواقع، وافقت إدارة التأمين لمحافظ ولاية أوهايو التي يرأسها جون كاسيش على الاندماج في مايو، ثم كتمت قرارها أكثر من شهر.

ومن شأن شراكة بسيطة أن تساعد في تفسير السبب الذي يجعل بعض الولايات تريد أن تدعم هذا الاندماج، فالجمهوريون ليسوا حريصين على ضمان حسن سير الإصلاح الرئيسي الذي سُن من قبل إدارة ديمقراطية، فهم ينسون بسهولة أن السمات الرئيسية لقانون الرعاية المتاح أنه تفويض فردي لشراء التأمين الصحي وإقامة تبادل التأمين الصحي، وقد صُمم من قبل مؤسسة التراث المحافظ وتم تنفيذه في الأصل من قبل ميت رومني عندما كان الحاكم الجمهوري لولاية ماساتشوستس في منتصف عام 2000.

هناك تفسير آخر لهذا الاندفاع وراء عمليات اندماج شركات التأمين الصحي وهو التأثير، إذ إن الذين يتخذون أسلوب التأثير في هذا القطاع يحافظون على التقارب الاجتماعي مع المنظمين والسياسيين الذين كانوا يعملون في الحكومة أو القطاع الخاص، والذين لا يزالون يجتمعون بهم في حفلات واشنطن العاصمة، وعواصم الولايات، إنهم يدافعون عن أهدافهم بحجج تبدو معقولة ظاهريا، حيث يقومون باقتراحات أحيانا ما تجد طريقها للسياسيين الذين تهمهم فقط مصالحهم، حتى لو كانوا سيئين للغاية بالنسبة لمستهلكي أميركا غير المنظمين.

وبذلك، لدينا على جانب من الفجوة شركات التأمين الصحي الكبرى، التي لها مجموعات ضغط وطنية ممولة تمويلا جيدا. وعلى الجانب الآخر، لدينا على الأقل خلال الأشهر التسعة الماضية، أصغرنا سنا، مايكل ديلونغ، الذي يتولى منصب مدير الائتلاف لحماية اختيار المريض (CPPC)، بتمويل من خدمة نقابة العمال الدولية لجمع الحقائق والأرقام حول عمليات اندماج التأمين الصحي لجماعات المستهلكين بالولايات والحكومات المحلية، وإذا عقدت الولايات جلسات استماع علنية لتحديد ما إذا كانت عمليات الاندماج الصحية مضمونة وتخدم المصلحة العامة، يمكن لهذه الهيئات تقديم تعليقات وربما الإدلاء بشهادتها.

كانت الدولة وجماعات المستهلكين المحليين على الصعيد الوطني قلقة للغاية بشأن احتكار التأمين الصحي، لكنه غالباً ما يعاني نقص التمويل والإمكانيات لتقييم العواقب المحتملة لعمليات الدمج، وتقديم الحجج التكنوقراطية القانونية ضدهم.

كما يعمل الائتلاف لحماية اختيار المريض أيضا بميزانية صغيرة، وهو يخوض معركة شاقة، وقد قدم تعليقات على اندماج التأمين الصحي للمتابعة في ولايات كاليفورنيا، وديلاوير، وفلوريدا، وجورجيا، وإلينوي، وآيوا، وإنديانا وميسوري ونيويورك وأوهايو وفرجينيا وويسكونسن، وقد شهد جلسات الاستماع في ولايات كاليفورنيا، وديلاوير، وفلوريدا، وميسوري، ونيويورك، وفرجينيا، وويسكونسن، وقام بتسليح مجموعات المستهلكين والنقابات بالحقائق والأرقام ذات الصلة، وعلى الرغم من كل هذا النشاط، لم يتفوق.

في واحدة من أسوأ المقالات على الإطلاق التي تظهر في صحيفة واشنطن بوست، ادعى كاتب الافتتاحية روبرت صامويلسون أن النزاعات بين جماعات الضغط في أميركا اليوم تجري على فرص متكافئة، وكتب: "لو كان الأغنياء كلهم أقوياء، لكانت ضرائبهم أقل بكثير". "إن لدى الطبقتين الفقيرة والمتوسطة مؤيدين أقوياء. لدينا ثلاثة على سبيل المثال: رابطة للمتقاعدين AARP؛ والاتحاد الأميركي للعمل ومؤتمر المنظمات الصناعية لعمال النقابات العمالية AFL-CIO ؛ ومركز أولويات الميزانية والسياسات للفقراء CBPP".

رابطة المتقاعدين هي بالتأكيد نقابة قوية، فغالبا ما تأخذ اهتمامات أعضائها في الحسبان على أعلى المستويات الحكومية، لكن صامويلسون يتعامل بطريقة غير واقعية مع الاتحاد الأميركي للعمل ومؤتمر المنظمات الصناعية كما لو كان لا يزال يمثل منبع القوة التي كانت له في عام 1950. واقتراحه بأن مركز أولويات الميزانية والسياسات له نفس الدرجة من التأثير التشريعي، كما شركات التأمين: أنثيم، سينيا، إيتنا، وهيومانا، هو مثير للضحك لأي مراقب غير متحيز، على الرغم من عمله الرائع.

وقد ارتقى الائتلاف لحماية اختيار المريض إلى مستوى التحدي وقدم خدمة جديرة بالاهتمام، من خلال جلب الانتهاكات الماضية لحماية المستهلك وقضايا عدم الامتثال لمنظمي التأمين الصحي الذين هم على استعداد للاستماع، لكن كل واحد منا يريد وضع المستهلكين قبل الشركات عليه استخدام مزيد من المعلومات الأساسية والموارد البشرية منذ البداية، فعندما تفتقر العديد من الولايات ومجموعات المستهلكين المحلية حتى إلى موظف واحد متفرغ ومطلع على قضايا مكافحة الاحتكار، فنحن بعيدون كل البعد عن تفعيل الديمقراطية بشكل صحيح.

وبما أن وزارة العدل قد تدخلت، يمكننا أن نأمل أن تكون لهذه القصة نهاية سعيدة، وأن تدرك المحاكم أن هذه الاندماجات تحد من المنافسة ومضرة جدا للمستهلكين.

مايكل م. ديلونغ - Michael M. DeLong & جايمس برادفورد ديلونغ - James Bradford DeLong

* برادفورد: نائب مساعد وزير الخزانة الأميركي السابق، وأستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا ببيركلي، وباحث مشارك لدى المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، أما مايكل فهو مدير الائتلاف لحماية اختيار المريض.

«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»

الجمهوريون ليسوا حريصين على ضمان حسن سير الإصلاح الرئيسي الذي سنته الإدارة الديمقراطية
back to top