الاستبيانات العشوائية... فوضى لا تحترم عقل القارئ

• استبيان محدود بعينة موجهة متحيزة خالٍ من الشفافية
• 961 فرداً لا يمكن أن يعكسوا حجم التعدد الطبقي والعلمي في الكويت

نشر في 28-09-2016
آخر تحديث 28-09-2016 | 00:03
للاستبيانات الاستقصائية اصولها وقواعدها واساساتها العلمية، وهذا يعني ان للحقيقة طريقا واحدا، فيما للاستبيانات المعلبة التي تحوي اخطاء منهجية تفضي الى نتائج غير حقيقية تستهدف تحديد نتيجة مسبقة طرق عدة.

فارق كبير بين الاستبيان العلمي الذي يهدف الى تكريس واظهار حقيقة ما، وبين استبيان موجه على حساب الاخرين من منافسين او ممن استغلت اراؤهم من الأفراد لاصطناع نتائج مضللة.

وقبل الأساسيات العلمية للاستبيانات الاستقصائية ثمة قاعدة اساسية عامة وهامة هي المصداقية، كيف لا ولغة الأرقام تفضح عدم دقة النصوص غير المطابقة للنتائج والمعطيات والواقع؟

ولنسلط الضوء فيما يلي على استبيانات خرجت للعلن في الأيام القليلة الماضية يدعي كل منها ادعاء على اسس غير سليمة ومتناقضة ومتضاربة لم تحترم عقل القارئ ومتلقي نتائج تلك الاستبيانات.

1- عند اطلاق استبيان علمي بنتائج حقيقية لا يمكن الاعتماد على عينة محدودة جدا قوامها 961 شخصا لإظهار نتيجة تختزل سوقا تجاريا بحجم السوق الإعلاني والصحافي الذي يفوق انفاقه نصف مليار دينار سنويا.

2-961 شخصا لا يمكن لا علميا ولا خياليا ان يحددوا نتيجة مقنعة يمكن تعميمها وتحدد اتجاهات قوى السوق الشامل الذي يضم نحو 4.2 ملايين نسمة.

3- لنحترم عقل القارئ قليلا، كيف نقتنع باستبيان يدعي انه استهدف عينة عشوائية ثم يصف عينة الاستبيان لاحقا بأنها استهدفت المقاهي والأسواق؟! قمة التناقض في وصف العينة، وهو دليل كاف على ضعف كفاءة ونتائج الاستبيان، فشريحة كبيرة من المجتمع لم تكن لهم فرص متساوية.

4- حسب الدراسات العالمية ومدارس الاستبيانات العلمية الدقيقة يفترض الا يقل حجم العينة عن 2500 شخص على الأقل، وان يكون الاستبيان موزعا على فترات زمنية طويلة لا خلال شهر واحد وهو ما لم يحدث في الاستبيان المعلب لإظهار تقدم جريدة على حساب اخرى وحسم نتيجة محددة سلفا لدى القائمين عليه.

5- لا يمكن بناء استبيان سليم ودقيق خلال شهر واحد، فربما يكون على سبيل المثال صادف ذاك الشهر تنظيم حملة دعائية او مهرجان تسويقي، فتكون فرص المنافسين غير متساوية وهي عامل اساسي يجب ان يراعى، كما يتحتم ان يستهدف فترات زمنية مختلفة وهو ما لم يحدث او يؤخذ في عين الاعتبار.

6- تجمع اراء بيوت الخبرة والاستشارات في مجالات الاستبيانات الاستقصائية والقياس ان الاستبيان الدقيق لا يمكن بناؤه على استطلاع رأي لفترة شهر بل المدة الأنسب من 5 الى 6 اشهر.

7- كيف لاستبيان يتم اجراؤه في شهر يناير من العام الحالي ان ينشر بعدها بسبعة اشهر وهو فارق زمني لافت لم يتم استغلاله في قياس اراء اخرى؟!

8- استبيان يتحدث عن قطاع الصحف في الكويت، وواقعيا لم يكن متخصصا او محددا لهذا القطاع بل وضعت اسئلة عن الصحف ضمن مواضيع واستطلاعات عن قضايا وقطاعات اخرى! خلط و»نظريات جديدة لا اساس ولا اصل علميا لها في عالم الاستبيانات واساليب قياس الآراء!!».

9- من حصافة العمل الاستقصائي الدقة والشفافية واحترام عقل القارئ، وان تكون العينة واضحة، مثلا ما هي العينة ومؤهلاتها العلمية؟ وكم نسبة الكويتيين؟ وكم نسبة العرب منهم؟ وغير ذلك من إيضاحات.

10- ايضا تطابق النسب والنتائج سقطة تكشف ضعف وسلامة التفريغ للأرقام والبيانات، فالتفاوت الكبير الظاهر في نتائج «الرسم البياني» بين النسبة الإجمالية ونسبة الذكور والإناث منفردين او الكويتيين وغيرهم تشكك القارئ في واقعية الاستبيان ونتائجه.

11- المجتمع الكويتي فريد من نوعه من ناحية التنوع والتعدد الهائل سواء الجنسي او السني، لذلك اي استبيان علمي دقيق يجب ان يراعي هذه التعددية الهائلة والتنوع الطبقي ايضا لضمان نتائج حقيقية وواقعية. فهل يمكن لعينة مكونة من 961 شخصا ان تعكس هذا التعدد والتنوع؟!

12- طريقة وضع الأسئلة في الاستبيان تحدد طريقا واتجاها واحدا امام الطرف المعني، فضلا عن حصر الخيارات وتحديد الجواب لينتهي باختيار محدد دون اعتماد على حقيقة رأي القارئ بالإجابة، ما يضعف النتائج وبالتالي لا يمكن التعويل عليها.

13- الاستبيان السليم يجب ان يكون مجردا من التحيز والذاتية الذين يؤثران على استجابة المبحوثين وانتقاء عينة ممثلة تمثيلا حقيقيا لخصائص المجتمع.

14- عندما تغلف الشكوك انواع العينات وآليات القياس وتعمم النتائج عشوائيا، فماذا تبقى من مصداقية في الاستبيان؟!

15- رغم محدودية العينة وحصرها في 961 شخصا كانت عملية تجميع النسب والتفريغ خاطئة وغير متطابقة بين الإجمالي مقارنة بنتيجة الذكور والإناث، فكيف يمكن الاطمئنان لسلامة النتائج في استبيان محدود لم يراع الالتزام بالشفافية وتعميم النتائج؟!

دراسات «الآراء الخليجية» للجهات الحكومية
ورود أخطاء في الاستبيانات من شأنه إعطاء دلائل مغايرة للواقع والحقيقة التي يتطلب الوصول إليها لاتخاذ قرار أو فهم أمر معين، وحين تكون الاستبيانات بطلب من الحكومة والوزارات والجهات والمؤسسات التابعة لها، فإن هذا يتطلب دقة في نتائجها، حتى تستطيع الحكومة دراسة وضع ما، وإيجاد حلول له إذا ما تطلب ذلك.

مركز الآراء الخليجية قدمت العديد من الدراسات للجهات الحكومية بناء على نتائج الاستبيانات، ولعل الأخطاء العلمية التي وردت في دراسة الصحف الكويتية المقدمة لوزارة الإعلام تفتح تحقيقاً داخل الجهات الحكومية ذات الصلة، للتأكد من صحة ما قدم إليها من عينات وأرقام ونتائج، لاسيما أن تلك الدراسات مدفوعة من المال العام، وتهدف إلى قراءة المجتمع الكويتي ودراسته لأهداف التنمية.

استعانة الحكومة بشركات الاستطلاعات أمر يعمل به في جميع دول العالم، للحصول على دراسة محايدة ودقيقة، ولكن متى ما دخلت الشكوك في نتيجة أي دراسة، فهذا يعني أن جميع الدراسات السابقة معرضة لفقدان مصداقيتها ما لم توضح الجهة المختصة وتؤكد سلامتها.

كيف نقتنع باستبيان يدعي انه استهدف عينة عشوائية ثم يصف عينة الاستبيان لاحقا بأنها استهدفت المقاهي والأسواق؟!

لغة الأرقام تفضح عدم دقة النصوص غير المطابقة للنتائج والمعطيات والواقع

«الجريدة» تسلط الضوء على استبيانات خرجت منذ أيام للعلن تقوم على أسس متناقضة ومتضاربة

فارق كبير بين استبيان علمي هدفه إظهار حقيقة واستبيان موجه لاصطناع نتائج مضللة
back to top