مجلة «عمران» في عددها الجديد...

سوسيولوجيا إنتاج المعرفة الكولونيالية

نشر في 27-09-2016
آخر تحديث 27-09-2016 | 00:03
No Image Caption
يشمل العدد الجديد من الدورية العلمية المحكّمة «عمران» للعلوم الاجتماعية والإنسانية (صيف 2016، صادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات)، ملفاً بحثياً بعنوان «سوسيولوجيا إنتاج المعرفة الكولونيالية - حالة المغرب»، إضافةً إلى خمس دراسات تناولت الإشكاليات البحثية في المعرفة الكولوينالية، قدم لها الدكتور إيليا زريق، مُعدّ المحور.
في بحثه «المعرفة الاستعمارية»، يناقش طوني بالانتاين كيفية تحوّل الهمّ المعرفي الاستعماري، بعدما كان حكراً على علماء الاقتصاد والمؤرخين، إلى علماء الأنثروبولوجيا، وعلماء الاجتماع، وغيرهم من باحثي العلوم الإنسانية. وضمن هذا السياق، تتبوّأ الثقافة مكانةً متناميةً، ودوراً متعاظماً في الدراسات الاستعمارية وما بعد الاستعمارية. وكان أوّل من أشار إلى ضرورة دراسة التابع في الدراسات الاستعمارية كلّ من ميشيل فوكو وإدوارد سعيد. فلم يعُد باحثو الدراسات الاستعمارية يركّزون على دور النخب، بل أبدوا، على نحوٍ متنامٍ، اهتماماً بتجارب المهمّشين لأجل فهم أشكال المقاومة أو السلطة من منظور آخر.

أما الباحثة بشرى زكاغ فركزت في العدد الجديد من مجلة «عمران» على ظاهرة «تدبير الشأن الثقافي في المغرب خلال مرحلة الاستعمار»، عبر التعرض للمظاهر الثقافية والاجتماعية والمعرفية التي أفرزتها صدمة الحداثة واللقاء مع الآخر المختلف والغريب، على أساس أنّ تدبير الشأن الثقافي - بالمعنى الحديث - لم يتأتَّ للمغرب إلا من خلال اطلاعه على الآخر المختلف ونهج أساليبه في العصرنة والتحديث.

بحث محمد فاوبار «سوسيولوجيا الإنتاج المعرفي الاستعماري حول التربية والتعليم بالمغرب»؛ تمحور حول دراسة نقدية للخطاب الاستعماري على مستوى تطور مفاهيمه الأساسية، وذلك عبر تقسيم الإنتاج الاستعماري إلى ثلاثة أنواع من الخطابات: الإثنوغرافي الوصفي، التحليل الاجتماعي التاريخي الذي يستخدمه جاك بيرك لدراسة التعليم المغربي وتطوراته التاريخية، خصوصاً فئة العلماء، السوسيولوجي وهو خطاب تبلور بعد انتظام المعرفة الاستعمارية وتحكُّم الاستعمار في السياق التعليمي، بهدف إبراز كيفية بناء سوسيولوجيا ناقدة للاستعمار تضَع الأسس لبناء سوسيولوجيا تحريرية منفتحة على أسئلة العصر الراهن.

في دراسته «السوسيولوجيا الكولونيالية أمام ظاهرة الهجرة القروية في المغرب» أعاد عبد الرحمن المالكي قراءةٍ الأدبيات السوسيولوجية الغربية حول الهجرة الريفية إلى المدن في المغرب. وأوضح أنّ كثيراً من الباحثين يعتقدون أنّ السوسيولوجيا أدّت دوراً كبيراً في تسهيل استعمار المغرب. فبعد انتقال الثقل الاجتماعي والسياسي تدريجياً من البادية (القبيلة) إلى المدينة، بسبب الهجرة من البوادي إلى المدن، شرع روبير مونتاني، أحد رواد السوسيولوجيا الكولونيالية في المغرب، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية مباشرةً، في إنجاز أول دراسة سوسيولوجية عن ظاهرة الهجرة القروية. وكان الهدف منها، أساساً، محاولة فهم الطبقة الاجتماعية الجديدة التي أنتجها التصنيع والتحديث الاستعماريان (البروليتاريا)، وذلك لهدف أيديولوجي واضح هو: البحث عن كيفية تحويل هذه القوة الاجتماعية الجديدة إلى حليف للمستعمر في مواجهة التطلعات التحررية التي بدأت تظهر في الأوساط الحضرية الجديدة وفي الأوساط المدينية التقليدية على حدّ سواء.

وبيّن الباحث محمد مزيان من خلال دراسته «المغرب في الأدبيات الكولونيالية الفرنسية ومشروعية الغزو والإلحاق» ظاهرةً مفادها أنّ «الغزو السلمي» و«التغلغل المعرفي» للبنى المغربية بدآ بعد احتلال الجزائر، وانفتاح الباب حينئذ على مصراعيه أمام البعثات العلمية الاستكشافية الفرنسية لتحقيق هدف «احتلال المغرب بأقلّ التكاليف الممكنة». وهكذا، اقتحمت الأدبيات الفرنسية البلد لفهم ذهنية المجال وتركيبته الإثنية والدينية، واتخذت هذه الأعمال بُعداً مؤسساتياً منذ عام 1904 عندما أُسست البعثة العلمية للمغرب، لتتضح العلاقة بين المعرفة والأجندة الاستعمارية أكثر فأكثر. فقد ظهرت كتابات جمعت بين الغرائبية والبحث الممنهج، وركزت على تبيان أنّ المغرب يسبح في فوضى مزمنة، وبذلك تحولت البعثة العلمية إلى مختبر لدراسة البنى المغربية وتفكيكها، وشكّلت مركزاً لتكوين رجالات الحماية بوصفهم مراقبين مدنيين.

بحث ومراجعات

تضمّن العدد بحثاً ميدانياً عن «واقع العمالة السورية الذكور في لبنان»، حاول فيه صبر درويش إلقاء الضوء على أوضاع تشغيل العمالة السورية في لبنان، والأطر القانونية التي تعمل ضمنها.

في العدد أيضاً دراسة بعنوان «توظيف تقنيات نظم المعلومات والاستشعار عن بُعد في تحديد أفضل المواقع للمؤسسات التعليمية في مدينة أربيل» أبرز فيها الباحث عمر الرواندزي أنّ مدينة أربيل العراقية شهدت بعد عام 2003 تطورات كبيرةً، من ناحيتَي التوسع المساحي والنمو السكاني، على نحوٍ لم يُسبق، رافقتها تطورات في مجالات الحياة كلّها، من بينها مجال الخدمات التعليمية.

وفي باب المراجعات وعروض الكتب، تضمّن العدد ورقةً بعنوان «الكتابات الاستعمارية الإسبانية بشأن الصحراء الأطلسية»، وهي مناقشة للباحث محمد سبي لأربع كتب إسبانية، في فترات زمنية مختلفة، توضح الرؤى والسياسات الاستعمارية في المغرب. إضافةً إلى مراجعة محمد طيفوري لكتاب «إسلام السوق: الثورة المحافظة الأخرى» للمؤلف باتريك هايني.

back to top