«حلب الشرقية»: نقص في الغذاء... والمشافي تضيق بالمصابين

● موسكو غاضبة من واشنطن ولندن
● أنقرة ترحب بانسحاب «الوحدات الكردية» من منبج

نشر في 27-09-2016
آخر تحديث 27-09-2016 | 00:05
لليوم السادس على التوالي، واصلت قوات النظام السوري والجيش الروسي قصفها الوحشي لأحياء حلب الشرقية، التي باتت تعاني نقصاً في الغذاء والدواء في وقت غصت المشافي بالمصابين.
تتضاعف معاناة سكان أحياء حلب الشرقية تحت وطأة الغارات الكثيفة التي تنفذها طائرات روسية وسورية منذ أيام، من جراء ندرة الخبز والمواد الغذائية الرئيسية، والنقص في الدم والمستلزمات الطبية الضرورية، في وقت نددت دول غربية بما وصفته «جرائم حرب» تُرتكب في المدينة.

وقال حسن ياسين، وهو أب لأربعة أطفال يقيم في حي الفردوس «تحملنا القصف على مدار السنوات الماضية، ولم ننزح من حلب إلى مكان آخر. واليوم بالإضافة الى القصف يقوم النظام بتجويعنا»، مضيفا بغضب «لا يوجد شيء في السوق، والوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم».

وأوضح الرجل الأربعيني بانفعال وهو يختبئ مع أسرته خوفا من الغارات في محل في أسفل المبنى الذي يقطن في الطابق الثالث منه «لا خبز ولا طعام ولا مياه صالحة للشرب»، متابعا «بتنا نأكل وجبة واحدة في اليوم، ولم أشعر وأطفالي بالشبع منذ اسبوعين».

ولليوم السادس على التوالي، استهدفت عشرات الغارات بعد منتصف ليل الأحد- الاثنين الأحياء الشرقية في مدينة حلب المحاصرة من قوات النظام السوري منذ شهرين تقريبا.

وأحصى المرصد «عشرات الضربات الجوية» التي استهدفت أحياء عدة في شرق المدينة، متسببة في مقتل شخصين على الأقل واصابة آخرين بجروح، ما يرفع عدد الضحايا منذ ليل الخميس- الجمعة الى 128 بحسب المرصد، والى اكثر من 228 بحسب قناة «اورينت» المعارضة.

وقال مراسل لـ»فرانس برس» في الأحياء الشرقية ان الغارات اشتدت فجراً، خصوصا في حيي سيف الدولة والمشهد، حيث تسببت في اندلاع حرائق كبيرة.

وشهدت الأحياء الشرقية تصعيداً في القصف الجوي منذ اعلان الجيش السوري الخميس بدء هجوم على هذه الأحياء، بهدف استعادة السيطرة عليها.

وتزداد معاناة نحو 250 ألف شخص يقيمون في الأحياء الشرقية، مع شح إضافي في المواد الغذائية الرئيسية وارتفاع أسعار ما توفر منها. وتسببت الغارات في توقف محطة ضخ مياه رئيسية عن العمل السبت، وفق ما أعلنت منظمة الامم المتحدة للطفولة «يونيسف». وقبل حملة القصف الأخيرة، كان عدد كبير من السكان يعتمد جزئيا على وجبات العدس والبرغل والأرز، التي تعدها جمعيات خيرية تتوزع على احياء عدة، لكن هذه الجمعيات أوقفت عملها من جراء كثافة الغارات، وفق مراسل فرانس برس، خصوصا بعد استهداف طابور من الناس أمام مخزن لشراء اللبن الأحد في حي بستان القصر، ما تسبب في مقتل سبعة اشخاص على الأقل، وفق المرصد. ولم تدخل أي مساعدات انسانية الى شرق حلب منذ نحو شهرين، في وقت لاتزال قافلة انسانية تابعة للامم المتحدة تنتظر عند الحدود التركية- السورية فتح طريق لها الى حلب الشرقية.

وقال مراسل «فرانس برس» ان سعر ربطة الخبز التي تضم سبعة أرغفة ارتفع من 350 ليرة سورية (0.70 دولار) مطلع الاسبوع الماضي الى 500 ليرة (دولار) أمس، فيما باتت سلع اخرى كاللحوم والسكر غير موجودة اطلاقا. وترتب الحملة الجوية الكثيفة ضغطا اضافيا على المشافي الرئيسية والبالغ عددها 3 على الأقل.

ونقل المراسل عن مصدر طبي أن المشافي العاملة «تعاني ضغطا هائلا من جراء العدد الكبير من الجرحى والنقص الحاصل في اكياس الدم». وأضاف أن «أقسام العناية المشددة بات ممتلئة بالمصابين، ويجري كل مشفى ثلاثين عملية جراحية في اليوم الواحد منذ بدء الغارات».

ومع تعرض العشرات لإصابات خصوصا في الاطراف، وفق ما عاين مراسل «فرانس برس»، تزداد وطأة عدم وجود جراحين متخصصين في الشرايين والأوعية الدموية في شرق المدينة.

ويقول المصدر الطبي «جراء هذا الواقع، يتم التعامل مع الإصابات الخطيرة بعمليات بتر فوراً». ونقلت منظمة «سايف ذي تشيلدرن» عن طبيب في شرق حلب يدعى أبورجب ان «الجرحى ممدون على الأرض (...) والفرق الطبية المرهقة تعمل بأقصى قدرتها على التحمل»، لافتا إلى أن نصف المصابين في المستشفيات من الأطفال. وفي دمشق، قال مصدر عسكري سوري لوكالة فرانس برس: «سيقوم الطيران باستهداف كل تحرك للارهابيين، وهذا قرار أساسي ودائم وثابت»، مشدداً على أن هدف الجيش «استعادة السيطرة على كل المناطق» الخارجة عن سيطرته في سورية. وتتعرض دمشق وموسكو لانتقادات دولية قاسية على ضوء التصعيد الأخير.

وخلال اجتماع طارئ عقده مجلس الأمن حول سورية أمس الأول بناء على طلب الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، اتهمت سفيرة الولايات المتحدة سامنثا باور موسكو بأنها «تدعم نظاما قاتلا وتتمادى في الاستفادة» من كونها تتمتع بالفيتو في مجلس الأمن.

واعتبر السفير الفرنسي لدى الامم المتحدة فرنسوا دولاتر، أن «جرائم حرب» ترتكب في حلب، ويجب «ألا تبقى من دون عقاب».

وندد السفير البريطاني ماتيو رايكروفت بـ»الخروق الفاضحة للقوانين الدولية» في حلب، متطرقا إلى احتمال اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية.

ورد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أمس على هذه الاتهامات، قائلا ان «النبرة العامة وخطاب مندوبي بريطانيا والولايات المتحدة غير مقبولين، ويضران بعلاقاتنا».

وكان السفير الروسي فيتالي تشوركين حمل في نهاية الاسبوع التحالف الدولي بقيادة واشنطن مسؤولية المأزق الذي آلت اليه الأوضاع في سورية، وقال «تم تسليح مئات المجموعات، وتم قصف البلاد من دون تمييز. في هذه الظروف، باتت إعادة السلام مهمة شبه مستحيلة».

ريف دمشق

في المقابل، سيطر «جيش الإسلام» المعارض في ريف دمشق الشرقي على عدد من مواقع القوات السورية، خصوصا في بلدة تل الصوان.

في سياق آخر، قال نعمان قورتولموش، نائب رئيس الوزراء التركي، أمس، إن عددا كبيرا من مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية الموجودين في منبج بشمال سورية ينسحبون إلى شرقي نهر الفرات، في خطوة ترحب بها تركيا.

وكانت أنقرة طالبت مقاتلي «الوحدات» بالتحرك شرقي الفرات، إذ تعتبرهم على صلة وثيقة بمقاتلي حزب العمال الكردستاني الذي يقاتل في جنوب شرق تركيا، وتعتبر تركيا الجماعتين من المنظمات الإرهابية.

حمص

وأعلن محافظ حمص السورية طلال البرازي أمس بدء اجلاء الدفعة الثالثة من المسلحين وعائلاتهم من حي الوعر الحمصي، في إطار المرحلة الثالثة من اتفاق لجان التسوية، تمهيداً لإخلائه من السلاح والمسلحين، وعودة جميع مؤسسات الدولة التابعة للنظام إليه.

زعيم «النجباء» في مطار حلب
نشرت قناة «حركة النجباء» العراقية الشيعية المتشددة على الـ«يوتيوب» فيلماً يظهر زعيم الحركة أكرم الكعبي «وهو يحطّ في مطار حلب الدولي»، في زيارة قالت إنها «لتفقد المقاتلين في معركة تحرير حلب». وأظهر الفيلم الكعبي يحط في مطار حلب الدولي القريب جداً من خطوط التماس مع أحياء الميسر والكرم الطراب، ليتوجه لاحقاً إلى أحد المواقع العسكرية التي يقيم فيها عناصر الحركة. وأظهر الشريط سيطرة كاملة من الميليشيات غير السورية على مطار حلب الدولي، حيث ملأته أعلام «حركة النجباء»، وعبارات الطائفية.

back to top