اغتيال الكاتب الأردني ناهض حتر على يد «إمام مطرود»

• أثناء توجهه إلى المحكمة في قضية نشر «كاريكاتير» اعتبر مسيئاً للذات الإلهية
• إدانات وتحذيرات من «فتنة»

نشر في 26-09-2016
آخر تحديث 26-09-2016 | 00:04
استيقظت عمان، أمس، على نبأ اغتيال الكاتب اليساري المسيحي ناهض حتر، الذي كان متوجهاً إلى المحكمة في قضية نشره كاريكاتيراً اُعتبر مسيئاً للذات الإلهية. وتم اعتقال القاتل الذي يعتقد بأنه متطرف ويجري التحقيق بشأن ارتباطاته.
بعد نحو أسبوعين على إطلاق سراحه بكفالة مالية، في إثر نشره رسماً كاريكاتيرياً اعتبر أنه "يمس الذات الإلهية"، قُتل الكاتب الصحافي والناشط السياسي الأردني ناهض حتر أمس، أمام قصر العدل في منطقة العبدلي وسط عمان، اغتيالا بالرصاص من قبل شخص يعتقد أنه إسلامي متطرف.

وأفاد شهود عيان بأن مسلحاً ملتحياً يرتدي "دشداشة" رمادية اطلق ثلاث رصاصات من مسدسه على حتر (56 عاما) من مسافة قريبة جداً، خلال وصوله الى المحكمة صباحاً لحضور جلسة محاكمته التي يفترض أنها كانت سرية، فأصابه بمنطقتي الرأس والرقبة مما ادى الى وفاته فوراً.

وقال مصدر أمني إن "مطلق النار أردني يبلغ من العمر 49 عاما، وسلم نفسه لحرس المحكمة"، الا أن أحد مرافقي حتر ويدعى محمد الجغبير، أكد أن الجاني حاول الفرار من خلال كراج المركبات الخاص بالمحكمة، لكن نجل حتر ومجموعة من المواطنين، إضافة إلى رجال الأمن، طاردوه وتمكنوا من إلقاء القبض عليه.

وأفادت المعلومات بأن القاتل أردني من شرقي العاصمة عمان يدعى اسماعيل احمد عبدالله، ومن مواليد 1967 ويحمل البكالوريوس في الهندسة الكهربائية.

وأكد المصدر أن القاتل كان إمام مسجد "الاتراك" في العاصمة عمان، وتم الاستغناء عنه في عام 2009 بسبب أفكاره المتطرفة، وتعرضه لجهات عليا، وخلافاته المستمرة مع المصلين.

وأشار إلى أن المدعو رياض يحمل أفكار "حزب التحرير الإسلامي" المحظور، وأنه كان مؤيدا للتيار السلفي الجهادي، مضيفا أنه كان خارج الأردن وعاد إليه أخيراً، قادماً من الحج.

الكاريكاتير المثير للجدل

وحتر هو كاتب يساري مسيحي، معروف بعدائه للإسلام السياسي، وبمواقفه الداعمة لنظام الرئيس السوري بشار. وأوقف في 13 اغسطس الماضي عقب نشره رسما كاريكاتيريا، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، اُعتبر مسيئا للذات الالهية.

ووجه المدعي العام بعمان الى حتر تهمتي "اثارة النعرات المذهبية" و"إهانة المعتقد الديني"، معلنا حظر النشر في القضية، في حين نفى حتر حينها ما اتهم به، مؤكدا انه "غير مذنب".

وكانت عقوبة اي من التهمتين المسندتين إلى حتر قد تصل في حال ادانته الى الحبس ثلاث سنوات.

وكان رئيس الوزراء هاني الملقي قد طلب من وزير الداخلية سلامة حماد مطلع الشهر الماضي استدعاء حتر واتخاذ الاجراءات القانونية بحقه لنشره "مادة تمس الذات الالهية".

وكان حتر قد نشر رسما كاريكاتيريا، لم يرسمه، على صفحته الشخصية على "فيسبوك" بعنوان "رب الدواعش"، مما اثار جدلا واستياء على مواقع التواصل الاجتماعي.

لكنه حذف المنشور من صفحته بعدما أكد أن الرسم "يسخر من الارهابيين وتصورهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الالهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهية عما يروجه الارهابيون".

وأضاف، قبل ان يغلق صفحته الشخصية، أن "الذين غضبوا من هذا الرسم نوعان: أناس طيبون لم يفهموا المقصود بأنه سخرية من الإرهابيين وتنزيه للذات الإلهية عما يتخيل العقل الإرهابي، وهؤلاء موضع احترامي وتقديري، والنوع الثاني اخونج داعشيون يحملون الخيال المريض نفسه لعلاقة الإنسان بالذات الإلهية. وهؤلاء استغلوا الرسم لتصفية حسابات سياسية لا علاقة لها بما يزعمون".

العائلة

وحملت عائلة حتر، الحكومة، مسؤولية اغتياله، إذ قال شقيقه خالد إن المغدور كان قد أبلغ الأجهزة الرسمية حول تلقيه تهديدات بالقتل، وأن وزير الداخلية سلامة حماد على علم بذلك، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء لحمايته.

وأعلن مصدر مقرب من عائلة حتر ان "عائلته سترفض تسلم جثمانه إلى حين ظهور نتائج التحقيق".

الحكومة تندد

من جانبها، نددت الحكومة الاردنية بـ"الجريمة النكراء". وقال وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، في تصريحات اوردتها وكالة الانباء الاردنية (بترا)، إن "الثقة بالقضاء الأردني وبأجهزتنا الأمنيّة عالية في متابعة ومحاسبة من اقترف هذه الجريمة النكراء".

وأضاف أن "اليد التي امتدّت إلى الكاتب المرحوم حتّر ستلقى القصاص العادل حتّى تكون عبرة لكلّ من تسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الجريمة الغادرة".

وأكد الوزير أن "القانون سيطبق بحزم على من قام بهذا العمل الآثم، وأن الحكومة ستضرب بيد من حديد كلّ من يستغلّ هذه الجريمة لبثّ خطاب الكراهية الطارئ على مجتمعنا".

استنكار

واستنكرت دائرة الافتاء العام في بيان مقتل حتر، مؤكدة ان "الدين الاسلامي بريء من هذه الجريمة البشعة".

ودعت الدائرة "ابناء المجتمع الأردني جميعاً باختلاف أديانهم وأطيافهم إلى الوقوف صفاً واحداً خلف قيادتهم الهاشمية ضد الإرهاب ومثيري الفتنة".

كما دانت جماعة "الاخوان المسلمين" في الاردن الحادث. وقال بادي الرفايعة الناطق باسم الجماعة في بيان ان الجماعة "تستنكر هذا الاعتداء والطريقة البشعة التي جرت بها"، مضيفا: "نحذر من اثارة الفتنة وندعو الجميع في وطننا الغالي للحفاظ على أمنه واستقراره".

واستنكر حزب جبهة العمل الإسلامي الاغتيال، قائلا: "نستنكر مبدأ العقاب بصورة فردية، ونحذر من أن يكون هذا الحادث بداية لفتنة طائفية، ونسأل الله ان يحفظ بلدنا من كل مكروه".

ودان نقيب الصحافيين الأردنيين طارق المومني جريمة الاغتيال، مستنكرا "فعلة مجرم حاقد أطلق رصاصاته لسبب يقتصر على اختلاف وجهات النظر".

وطالب المومني بـ"محاسبة وإيقاع أقصى العقوبات بحق مرتكب الجريمة"، داعيا إلى "التنبه لمثل هؤلاء الأشخاص حاملي الفكر المتطرف".

وقال المومني إن "المجتمع الأردني معروف بتسامحه مع مختلف الأطياف، وتعايشه مع مختلف الأديان، حيث يمثل حالة فريدة بين دول المنطقة كافة".

حسابات مشبوهة

وتبادلت حسابات لمؤيدي تنظيم "داعش" التهاني باغتيال حتر، في حين اعلنت السلطات انها تلاحق 10 اشخاص بثوا مواد تحرض على فتنة طائفية.

الحكومة تتعهد بعقاب عادل وعائلة القتيل تحمّلها المسؤولية وترفض تسلّم الجثة
back to top