«أوروبا والعالم العربي»... رؤية نقدية للسياسات الأوروبية من 1957 إلى 2014

نشر في 25-09-2016
آخر تحديث 25-09-2016 | 00:03
No Image Caption
{أوروبا والعالم العربي... رؤية نقدية للسياسات الأوروبية من 1957 إلى 2014}، كتاب جديد للدكتور بشارة خضر صدر عن {مركز الجزيرة للدراسات} و«الدار العربية للعلوم ناشرون}، يتضمن رؤية نقدية للسياسات الأوروبية من 1957 إلى 2014، ويناقش المأزق الذي وقعت فيه السياسات الأوروبية، بوصفها موجهة بالأساس صوب التجارة والأمن، من دون اكتراث بمسألة التنمية المشتركة، والتكامل الإقليمي، ودعم ديمقراطية حقيقية في المنطقة العربية.
من وجهة نظر المطَّلع على عمليات اتخاذ القرارات الأوروبية وما تنطوي عليه من انعطافات، فإن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي لا يفرضها التعاطف التلقائي أو التقارب الثقافي أو التشابه في نظام القيم، بل تقودها مصالح وتحديات حقيقية، لكن اللافت الفجوة بين أجواء الاجتماعات المشتركة التي تسودها اللياقة والودُّ والصورة المشوهة للخليج المنطبعة في ذهن الرأي العام الأوروبي.

{أوروبا والعالم العربي... رؤية نقدية للسياسات الأوروبية من 1957 إلى 2014} كما يقدم له مؤلفه هو {جمع وتحديث لكتبي العشرة الأخيرة التي حاولت فيها أن أتتبَّع العلاقات الأورومتوسطية والأوروعربية، وأنظر فيها بعين النقد في السنوات الخمسين الأخيرة}.

يتوجه الكتاب إلى الطلاب والدبلوماسيين والسياسيين والمسؤولين الرسميين من الاتحاد الأوروبي ومن العرب ومنظمات المجتمع المدني... كونه يكشف حقائق مهمة لمجمل العلاقات الأوروبية وما يليها من البلدان ويرسم ملامح مسار عمل جديد مشترك.

يقع الكتاب في أربعة فصول، تتبَّع في أولها المراحل المختلفة التي مرَّت بها العلاقة بين الجماعة الأوروبية والاتحاد الأوروبي، الذي خلَفَها، من جهة، والعالم العربي من جهة أخرى، منذ إبرام معاهدة روما عام 1957 حتى اليوم.

تغطية جغرافية

أما الفصول الثلاثة الأخرى من الكتاب فهي أكثر تحديداً، سواء في التركيز أو في التغطية الجغرافية؛ فقد خصص المؤلف الفصل الثاني لـ «أوروبا والقضية الفلسطينية منذ 1957 إلى يومنا هذا»، لما لأوروبا من دور مهم في القضية الفلسطينية. وقد آثر ألا يتطرق إلى الإرث التاريخي في العلاقات الأوروبية الفلسطينية، إذ تناوله بتفصيل في كتابه «أوروبا وفلسطين... من الحملات الصليبية حتى اليوم».

يلاحظ الكاتب أن الموقف الأوروبي انتقل، وإن ببطء، من التجاهل التام للبعد السياسي للقضية الفلسطينية في السنوات ما بين 1957-1967، إلى الاعتراف بـ»الحقوق الشرعية» للفلسطينيين عام 1973، وحاجة الشعب الفلسطيني إلى «وطن» (1977) وحقه في «تقرير المصير» الذي ينبغي التوصل إليه عبر مفاوضات تشارك فيها منظمة التحرير الفلسطينية (إعلان البندقية 1980)، وهو ما يتضمن قيام «دولة فلسطينية» (إعلان برلين 1999)، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، وتكون القدس عاصمة لها، كما جاء في بيان الاتحاد الأوروبي عام 2009.

على رغم أن سياسات الاتحاد الأوروبي لم تكن مُتسقة ولا مترابطة، كما هي الحال على سبيل المثال في التصويت الأوروبي المميز في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن تحسين الوضع الفلسطيني في نوفمبر 2012، فإن بياناته، حسب الدكتور خضر، أسهمت في دعم المطالب الشرعية للفلسطينيين، وكان لها دور كبير في الاعتراف العالمي بالحقوق الفلسطينية.

لكن، من جهة أخرى، يرى المؤلف أن الاتحاد الأوروبي ببقائه تابعاً وفياً للولايات المتحدة، وشريكاً ثانوياً في عملية السلام، وإخفاقه في إجبار إسرائيل على وقف العنف، رغم تكرار مخالفاتها للقانون الدولي، واقتصاره على تقديم المساعدة المالية للفلسطينيين دون إيجاد حل دائم لقضيتهم؛ أخفق في إظهار روح الإصرار والريادة في الشرق الأوسط، وهو ما أدى في النهاية إلى تسليم دفة القيادة للولايات المتحدة، وكان سبباً في ما شهدته القضية الفلسطينية من مآلات مأساوية، كاستمرار الاحتلال الإسرائيلي وتوسعه، وانهيار جميع مساعي السلام.

الاتحاد الأوروبي والمغرب العربي

يركز الفصل الثالث على أقرب البلدان خارج أوروبا، وهو المغرب العربي، بسبب قربه الجغرافي، وإرثه التاريخي، وأهمية الهجرة من بلدان المغرب العربي إلى أوروبا، وهو يتصدر قائمة أولويات البرامج الاقتصادية والأمنية والسياسية الأوروبية، منذ عام 1957.

نُظمت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبلدان المغرب العربي في أُطر سياسات مختلفة: سياسة المتوسط العالمية (1972)، وسياسة المتوسط المجددة (1990)، وسياسة الجوار الأوروبي (2004)، والاتحاد من أجل المتوسط (2008)، وجميع هذه السياسات تضمّ شركاء من غير بلدان المغرب العربي ومن غير العرب. أما السياسة الوحيدة التي كانت مُوجهة لبلدان المغرب العربي الخمسة فهي سياسة {مجموعة 5+5}، وهي صيغة دون إقليمية تُسمى غرب البحر المتوسط (دول المغرب العربي الخمس إضافة إلى فرنسا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال ومالطا).

على أن بلدان المغرب العربي تتحمل، في نظر الدكتور خضر، كِفلاً ثقيلاً من المسؤولية لإخفاقها في تناول التحديات الاقتصادية، ومعالجة اختلال التوازن الإقليمي والاجتماعي، وتسوية ما بينها من خلافات، وانصرافها عن تحقيق التكامل الإقليمي، وعدم استجابتها لتطلعات مجتمعاتها. وعليه، فالإخفاق في انتشال بلدان المغرب العربي مما تعانيه من ركود اقتصادي وضعف سياسي مسؤولية يتحملها كل من الاتحاد الأوروبي وبلدان المغرب العربي.

أما الفصل الرابع من الكتاب فيركز على مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، فدول الخليج وإن كانت بعيدة جغرافياً، ترتبط بشراكة وثيقة مع الاتحاد الأوروبي، ويأتي اهتمام الأخير ببلدان الخليج لأسباب من بينها: إذا لم تتمكن أوروبا من اعتماد طريقة أكثر وضوحاً في التعاطي مع دول الخليج، مع بعض المرونة وتفعيل الدور، فإنها ستُخلي الساحة للاعبين الآسيويين الجدد في القريب العاجل. وعلى الجانب الآخر، يجب أن تُدرك دول الخليج أن اتفاقية التجارة الحرة لن تُؤتي ثمارها دون قبول ما يحيط بها من مصاعب وعقبات.

back to top