«عشان خارجين»!

نشر في 23-09-2016
آخر تحديث 23-09-2016 | 00:00
 مجدي الطيب نكاية في الرقابة التي تبنت موقفاً غير مفهوم، ولا علاقة له بالمنطق، حيال عنوان «البس عشان خارجين»، الذي رأته مسيئاً للذوق، وخادشاً للحياء، ويتنافى والأخلاق، لن أجد حرجاً في التنويه إلى العنوان الأصلي للفيلم، الذي كتب قصته شيكو وهشام ماجد، وصاغ له السيناريو والحوار فادي أبو السعود، وأخرجه خالد الحلفاوي صاحب «زنقة ستات» و{لعبة كل يوم»، فالأحرى بالرقابة أن تولي عناية بالأساسيات بدلاً من الاهتمام بالتفاهات، وأن تنأى بنفسها عن الدخول في معارك وهمية لا طائل من ورائها، ولا جدوى من إثارتها!

«البس عشان خارجين» عن الشاب «رمزي» (حسن الرداد) الذي اتهمه رئيسه «مراد» (بيومي فؤاد) بالفشل في العمل والعاطفة، لكنه لا يُمانع في التوفيق بينه وبين ابنته «ليلى» (إيمي سمير غانم)، وفي الموعد المحدد للتعارف يترك مجهول (طاهر أبو ليلة) حقيبة على مائدتهما تحتوي على مليون من الجنيهات. في تلك اللحظة تحديداً ينحو الفيلم إلى المبالغة، إذ تتبرع «ليلى» بنصف المبلغ لمركز مخصص لإيواء الكلاب، وتُجبر «رمزي» لأسباب ساذجة على التبرع بالنصف الآخر من المبلغ لمؤسسة خيرية. وكما هو متوقع تكتشف العصابة، ورئيسها «أمان» (مراد مكرم)، أن الحقيبة ذهبت بالخطأ إلى «رمزي» و{ليلى»، وتُخطط لاستعادة المليون جنيه أو تنفيذ الخطة التي تستهدف خطف طفل لأجل ابتزاز أمه «خلود» (نسرين أمين) التي نكتشف أنها طليقة رئيس العصابة، التي حرمته من رؤية ابنه، فأراد عقابها!

فكرة مأخوذة، على استحياء، من الفيلم الأميركيDate)Night 2010)، الذي يحكي مغامرة زوجين من نيوجيرسي ذهبا للعشاء في مطعم شهير في مانهاتن فاختلط الأمر على رجلي عصابة، وظنا أن في حوزتهما {فلاشة} تتضمن أسراراً تخص زعيمهما الشرير، وطارداهما بجنون. لكن الاقتباس لم يقف عند حد الفكرة والملصق فقط، بل تجاوزهما إلى عدد من المشاهد، على رأسها تقديم {ليلى} إلى القواد (ضياء الميرغني) بوصفها فتاة تعرٍ Stripper قبل أن يتبين أنه مثلي الجنس (صورة طبق الأصل من الفيلم الأميركي). وفيما صُنِّف الفيلم الأميركي بأنه فيلم حركة يتأرجح الفيلم المصري بين الكوميديا، وإن كانت شحيحة، والحركة، وإن جاءت ساذجة وسطحية، ما اضطر كاتب السيناريو، ومعه المخرج، إلى الإفراط في الاعتماد على المحاكاة الساخرة للأعمال الفنية أو ما اصطلح على تسميته {البارودي}، كما في فيلم {بخيت وعديلة} و{الأرض} وموسيقى {تايتانيك} فضلاً عن محاكاة أدوار شهيرة لنجوم كبار، أبرزهم: نور الشريف في {العار} ومحمود عبد العزيز في {جري الوحوش}. لكن {المسخرة} الحقيقية تمثلت في تناول فيلم {قبضة الهلالي}، وتناقضه بين الوطنية المفتعلة، والتلفيق الصارخ، وإن زادت الجرعة بعض الشيء، على عكس الرسائل السياسية الخاطفة التي صبت سخرية لاذعة على التعاطف المفتعل بين الأغنياء والفقراء {ماراثون العدو} والتناقض الشاسع بين النشطاء وما يجري على أرض الواقع (البحث عن {الواي فاي}) والتبرع للكلاب (نتبرع للحيوانات بـ 500 ألف جنيه ونصبح على مصر بجنيه)!

عانى الفيلم أزمة في الكتابة، والإيقاع (مونتاج مينا فهيم)، والأغنية الطويلة المملة في النهاية، بالإضافة إلى كثرة المواقف الدرامية (تدريب الجودو وحفلة الأطفال)، وما نتج عنها من شخصيات ثانوية ({هاني} (محمد علي رزق) صديق {ليلى} والضابط أحمد فتحي في الحلم)، والزج بالأسود من دون معنى، والحيلة الركيكة التي استهدفت إرباك المتابع من خلال توريط التوأم {ياسر} و{آسر} في عصابتين إجراميتين. أما الطامة الكبرى فتمثلت في محاولة تمرير رسالة تحذيرية زاعقة حول خطورة انفصال الآباء والأمهات والتأثير السلبي على الأبناء الذين يتربون على الانتهازية والأخلاق الفظة، وهي رسالة عبر عنها المخرج بفجاجة، عبر مشهد {السقوط} الاسمي والفعلي للطفل من البناية، وإنقاذه بواسطة {رمزي}، الذي تعلق به هو و{ليلى}، قبل أن يعود والداه إلى جادة الصواب، ويلتئم شمل العائلة في نهاية مفتعلة للغاية.

{إلبس عشان خارجين}، على عكس فيلمي {زنقة ستات} و{لعبة كل يوم}، للمخرج خالد الحلفاوي، الأكثر إرباكاً واضطراباً، بسبب خلل في الكتابة، أو غياب السيطرة على إيمي سمير غانم، والانفعال الزائد من حسن الرداد، رغم خفة ظله الواضحة، ولولا تألق مراد مكرم وطاهر أبو ليلة، ومعهما بيومي فؤاد أفضل من يتقمص الشخصية بسلاسة، ومهارة مدير التصوير (محمد عز العرب) والموسيقى (تامر عطا الله) والديكور (حسين بكري) والستايلست (غادة توفيق) لعانى الفيلم مشاكل عدة، أخطرها التدخل السافر من المنتج أحمد السبكي، سواء في ما يتعلق بإقحام الأغنية الجماعية الطويلة، التي شارك فيها البطلان حسن الرداد وإيمي سمير غانم الغناء مع محمود الليثي وبوسي، أو ظهور المنتج نفسه وكأنه {هيتشكوك}.

back to top