انتصرت الكويتية في «الطب» أم خذلتنا؟!

نشر في 22-09-2016
آخر تحديث 22-09-2016 | 00:08
 عبدالمحسن جمعة حقق حكم محكمة التمييز الأخير بشأن مساواة الإناث بالذكور في نسب القبول بجامعة الكويت انتصاراً جديداً للمرأة الكويتية، وأكد أن القضاء الكويتي يثبت يوماً بعد يوم، وحدثاً تلو الآخر، تمسكه بالتطبيق الحرفي والصحيح للنصوص الدستورية، التي تشكل ضمانات للأفراد والجماعات لحقوقهم في المساواة والعدل.

نعم هو انتصار للمبدأ، وحقوق الإنسان ككل، حتى لو كانت المرأة هي المستفيدة من ذلك الحكم، لأن تكريس حقوق الإنسان يكتمل بمنح كل مكونات المجتمع حقوقها وحاجاتها التي كفلتها لها ما توصلت له الحضارة الإنسانية من شريعة حقوق الإنسان.

الكلام السابق كله جميل وإنساني وحقوقي وحضاري، لكننا أيضاً علينا مراجعة حقوق الوطن والمجتمع، مثلما نراعي حقوق الفرد، فهما كفتان، إن اختلت إحداهما اختلت الأخرى بالتأكيد.

بعد هذا الحكم ستصبح الأغلبية المطلقة في كلية الطب للإناث الكويتيات، وفقاً لإحصائيات نتائج الثانوية العامة خلال أكثر من عشر سنوات، والتي تبين تفوق الفتيات في مجتمعاتنا على الذكور في نسب شهادة الثانوية العامة، لأسباب مختلفة لا مجال لسردها.

في الواقع، إن دراسة الطب البشري هي مشوار طويل ومكلف مادياً، لتأهيل طبيب ذي كفاءة عالية، وذلك يستغرق أيضاً زمناً طويلاً، علماً أن قانون التأمينات الاجتماعية في الكويت يعطي المرأة الحق في التقاعد في سن مبكرة.

وبخلاف المجتمعات الأخرى، فإنه ولأسباب اجتماعية ودينية، لا تحبذ الفتيات الكويتيات التخصصات ذات الطبيعة المتعلقة بالأمراض الذكورية، وهذا يتطلب المحافظة على نسبة معينة من المقاعد للطلاب الذكور – ونرى في المستوصفات بعض الطبيبات يطلبن حتى من المرضى الذكور الذهاب لممرض لأخذ قياس ضغط الدم، لعدم رغبتهن في لمس الرجال- بالإضافة إلى المعاناة في قبول الطبيبة الكويتية للخفارة في المستشفيات والمستوصفات.

طبعاً هناك استثناءات بسيطة من ذلك، لكن التجارب والمشاهدات تثبت أن عطاء الطبيبة الكويتية في المرافق الطبية محدود، ونتيجة لارتفاع الرواتب والبدلات المالية للطبيبات الكويتيات، فغالباً ما يكون لديهن مدخرات ممتازة في الأربعينيات من أعمارهن تدفعهن للتقاعد المبكر. فما هو العائد على المجتمع والدولة بعد صرف مبالغ طائلة لتأهيل طبيبات لن يقدمن المطلوب منهن عندما يكن في أفضل سنوات خبرتهن؟ علماً أن تكلفة "البورد" لطبيب واحد في كندا أو بريطانيا تزيد على مليوني دولار مع البدلات والرواتب.

بالطبع، سيدفع كل ذلك الدولة إلى التعاقد مع المزيد من الأطباء الأجانب، في زمن أصبح فيه الطبيب الوافد المؤهل وذو الخبرات المناسبة وليست الممتازة "عملة نادرة"، بالإضافة إلى كلفة ذلك على المجتمع من الناحية المالية، وجودة الخدمات الصحية، لذا إذا كانت المرأة الكويتية عادلة مع وطنها، كما كان عادلاً معها في منحها حقوقها، فعليها أن تطالب الطبيبات وكل النساء الكويتيات اللاتي يحصلن على بعثات في تخصصات رفيعة ومكلفة مالياً باستثنائهن من قانون التقاعد المبكر للمرأة الكويتية حتى لا يخذلنا.

***

ستتعذر السيدات بأن بعض الرجال يستقيلون من الوظيفة بعد حصولهم على بعثات ودراسات عليا مكلفة على الدولة، وهذا الأمر صحيح، لكن تلك حالات استثنائية محدودة، وليست عامة، كما هو وضع المرأة، وفي جميع الحالات عليه أن يستمر في الخدمة، حتى يُكمل السن القانونية الأعلى للموظف "الذكر"، ليحصل على راتب تقاعدي.

back to top