هل تمهد أميركا لعقوبات اقتصادية ضد السعودية؟!

نشر في 17-09-2016
آخر تحديث 17-09-2016 | 00:08
 محمد صالح السبتي القانون الأخير الذي أقره الكونغرس الأميركي بالإجماع وقبله وافق عليه مجلس الشيوخ، والذي يقضي بأحقية الأفراد المتضررين من هجمات 11 سبتمبر في مقاضاة السعودية ومطالبتها بالتعويضات، والذي قد يرفضه الرئيس الأميركي باستخدام حق الفيتو ضده، ومن ثم يعاد إلى الكونغرس ليصوّت عليه من جديد، فإن وافق عليه ثلثا أعضاء المجلسين أصبح قانونا نافذا، يعني لنا في الخليج الكثير، وعلينا قراءة مثل هذه الخطوات بعقلية تستشرف المستقبل، فقد يقر هذا القانون وقد لا يقر، لكنه في النهاية يرسل إلينا إشارات محددة علينا فهمها، السؤال بطريقة ثانية: هل ترسل أميركا بالون اختبار إلى الخليج ينذر بما وراءه؟

أولاً علينا أن نعي عدة حقائق يتضمنها هذا القانون سواء تمت الموافقة عليه أو لم تتم، فالقانون ومضمونه وحقيقته أن الكونغرس الأميركي ومجلس الشيوخ يريان أن الدولة السعودية هي من خططت لأحداث 11 سبتمبر وهي التي رعت هؤلاء الإرهابيين، وإلا فما مسؤوليتها تجاه هذه الأحداث لتُطالَب بالتعويض؟ حتى لو رُفض هذا القانون فإنه يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن تيارا كبيرا داخل المطبخ السياسي الأميركي يرى أن السعودية هي التي خططت لهذا العدوان وهي مسؤولة عنه! كما يجب أن نعي أنه إن أبيح للأفراد مطالبة الدولة السعودية بالتعويض لمسؤوليتها عن هذا العدوان فهذا يعني بالضرورة أن أميركا ذاتها كدولة يحق لها المطالبة بالتعويض أيضا من باب اللزوم، كما يحق لأي دولة أخرى أو أفراد أن يفعلوا الشيء ذاته داخل المحاكم الأميركية! وإن صدر هذا القانون بما يتضمنه من اتهام مباشر للسعودية بالتخطيط لهذه الهجمات فإن هذا بلا يشك قد يصدق على أي دولة أخرى خليجية أو عربية، وقد تتخذ ضدها مثل هذه الإجراءات! وهذا يعني تلقائيا خلق مناطق غير آمنة لأموال السعودية أو حتى الخليجية في أميركا أو في غيرها أيضا من الدول التي قد تتعاون معها لحجز هذه الأموال! ذاك كله إن صدر مثل هذا القانون، لكن إن لم يصدر فماذا يعني؟ وكيف علينا قراءة مثل هذه الخطوات والإشارات؟

إن لم يصدر مثل هذا القانون فهو يعني بالضرورة اللازمة "بالون اختبار" يُرسَل إلى دول المنطقة وتهديداً "خفيف اللهجة" بإمكان صدور مثل هذا القانون أو غيره في أي وقت يشاءه ساسة البيت الأبيض، ولا يمكن قراءة مجرد اقتراح هذا القانون إلا بمثل هذه القراءة، خصوصاً أن هناك عدة عوامل تؤكد هذه القراءة التي قد نظنها متشائمة!

وتتلخص هذه العوامل في ثلاثة أمور:

أولها: تغير خريطة التحالفات الأميركية في المنطقة، وثانيها: العودة للسياسة الروسية الفاعلة بعد أن استفردت أميركا كشرطي أوحد في العالم، وثالثها: أن هناك أحد احتمالين لكل التصرفات والقرارات الأميركية على مدى ثلاثة عقود، فإما أن هناك إخفاقاً كاملاً في كل الملفات السياسية وفشلا للخطط، أو أن هناك تعمداً واضحاً لنشر الفوضى في المنطقة! وإن كنا لا نحمّل أميركا مسؤولية نشر الديمقراطيات والعدل في دولنا أو إعادة تأهيلها إلا أنها هي من وعدت بذلك، وبشّرت به، ومن ثم كان العكس تماما!

فأُسقط نظام "طالبان" في أفغانستان بدعوى نشر العدالة والديمقراطية، ثم أُقفل هذا الملف تماما، وأُسقط نظام صدام حسين بهدف إنشاء نظام ديمقراطي، غير أن ما آلت إليه الحال هناك أشهر من أن نذكره، كانت التصريحات الأميركية منذ بداية الأزمة في سورية "أنه لا مكان للأسد في سورية الجديدة"، ثم استبان أن له كل الأمكنة أو يتم تقسيم هذا البلد!! وهكذا قس على باقي كل الملفات التي تدخلت بها أميركا واعدة المجتمع الدولي والشعوب بكل تطور وعدالة.

في الأربعاء الماضي كان لرئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان البريطاني تصريح هذا نصه: "لم نكن مستعدين لتغيير نظام القذافي، وكل التحليلات كانت معتمدة على فهم محدود للوضع في ليبيا"، وهو يشير في تقريره إلى خطأ بريطانيا وفرنسا في التدخل لضرب ليبيا! المحصلة أنه إما أن يكون هناك تعمد بنشر الفوضى في الشرق الأوسط أو أن هناك إخفاقاً غير مسبوق في إدارة هذه الملفات!

ووفق هذه المعطيات علينا قراءة هذا القانون سواء أُقر أم لم يقر، فهل هي مقدمة لفرض عقوبات اقتصادية على دول الخليج؟ أم هي مجرد مناورة وتلويح بهذا التهديد لمكاسب سياسية في الخلافات الدائرة في المنطقة؟

back to top