الذكاء الاصطناعي... هل يساعد البشرية؟

نشر في 07-09-2016
آخر تحديث 07-09-2016 | 00:03
No Image Caption
لنعتبره ذكاء اصطناعياً بلمسة بشرية. أعلنت جامعتان في كاليفورنيا، كل منهما على حدة، تأسيس مركزين جديدين مخصصين في دراسة طرائق يستطيع الذكاء الاصطناعي مساعدة البشرية من خلالها.
أفادت كلية {فيتربي للهندسة} وكلية {العمل الاجتماعي} في جامعة جنوب كاليفورنيا أنهما وحّدتا جهودهما في مسعى إلى إطلاق مركز الذكاء الاصطناعي للحلول الاجتماعية. وكانت جامعة كاليفورنيا ببيركلي كشفت عن تأسيسها مركز الذكاء الاصطناعي المتوافق إنسانياً.

رغم تحذيرات الباحثين في مجال العلوم والتكنولوجياً (بمن فيهم ستيفن هوكينغ، بيل غيتس، وإلون ماسك) كلها من طغيان الذكاء الاصطناعي على الإنسان (علماً أن الخبراء يؤكدون أن الاحتمال لا يبدو وشيكاً)، يسعى العلماء باستمرار إلى وسائل يمكنهم من خلالها استغلال الذكاء الاصطناعي لمساعدة الإنسان في حياته.

سيركّز مركز جامعة كاليفورنيا ببيركلي، بإدارة الباحث في الذكاء الاصطناعي ستوارت راسل، على فهم كيفية تضمين تصاميم الذكاء الاصطناعي قيماً إنسانية، فضلاً عن تطوير إطار عمل رياضي يساعد الناس على بناء أنظمة ذكاء اصطناعي تعود بالفائدة على البشرية.

على سبيل المثال، تشمل الأسئلة التي سيسعون إلى الإجاية عنها: كيف يمكننا جعل الآلي يفهم ما يريده الإنسان حقاً (لأن الأخير يعجز عن التعبير عن أهدافه بوضوح غالباً)؟ يدعو راسل هذه المشكلة {لعنة الملك ميداس}. في الأساطير اليونانية، طلب الملك ميداس أن يتحوّل كل ما يلمسه إلى ذهب. نتيجة لذلك، تحوّل طعامه وشرابه إلى ذهب، فمات جراء البؤس والجوع. لم يدرك ميداس أنه أخطأ حين استخدم عبارة {كل ما يلمسه} إلا بعد فوات الأوان.

مراقبة الناس

ربما ينجح العلماء في تخطي مشكلة التواصل هذه بتصميمهم ذكاء اصطناعياً قادراً على مراقبة الناس وتعلّم قيمهم من خلال أعمالهم (مع أن ذلك لا يضمن أيضاً النتيجة لأن الإنسان لا يعمل دوماً بطرائق تتلاءم مع قيمه، وفق راسل).

يذكر العالِم: {هدفي الأول البحث عن سبل تتيح لنا تصميم أنظمة ذكاء اصطناعي تضمن حصول الإنسان على نتائج مرضية}. وإذا صمموا بعض البرامج والأجهزة المفيدة خلال بحثهم، فلا ضرر في ذلك بالتأكيد.

أما مركز جامعة جنوب كاليفورنيا، الذي يديره الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي ميلند تامب وعالِم العمل الاجتماعي إريك رايس، فيعمل على ما يبدو بطريقة معاكسة لما يعتمده مركز جامعة كاليفورنيا ببيركلي: يسعى المركز إلى استغلال قدرات الذكاء الاصطناعي القائمة راهناً بغية حلّ المشاكل في الأطر البشرية المعقدة والفوضوية.

قاد تامب ورشة عمل رعاها مكتب سياسة العلوم والتكنولوجيا في البيت الأبيض كان هدفها استخدام الذكاء الاصطناعي {للخير الاجتماعي}. على سبيل المثال، استعمل هذا الذكاء لمساعدة الجوالة في الحد من عمليات صيد الحيوانات البرية غير المشروعة ومساعدة المسؤولين الأمنيين في مطار لوس أنجلس الدولي في اكتشاف عدد أكبر من الأسلحة، المخدرات، وغيرهما من مواد مهرَّبة. ويعمل تامب ورايس راهناً على مشروع يجسّد ما يستطيع المركز إنجازه: استخدام الذكاء الاصطناعي في تحديد أشخاص أساسيين في الشبكات الاجتماعية بغية المساهمة في الحد من انتشار فيروس نقص المناعة البشري بين الشبان المشردين في لوس أنجلس.

يشمل الذكاء الاصطناعي أيضاً مجموعة واسعة من الأدوات، مثل تعلّم الآلة، رؤية الكمبيوتر، معالجة اللغة الطبيعية، ونظرية اللعبة (مع أن البعض يعتبر نظرية اللعبة جزءاً من علم مختلف، وفق تامب). ويضم بعض هذه المجالات أوجهاً مماثلة لما نراه مع الذكاء البشري. ويؤكد تامب أنه يأمل النجاح في الاستفادة من عدد أكبر من مجموعات الأدوات الحاسوبية هذه مع انضمام المزيد من الباحثين إلى المركز. يوضح في هذا المجال: {من الصعب التوصل إلى تعريف للذكاء الاصطناعي يقبله الجميع. لكن أنواع التحليل المنطقي البشري كافة تهدف إلى حل المشاكل. ولا شك في أن الذكاء الاصطناعي يريد تحقيق ذلك وأكثر}.

كذلك يقول رايس إنه لاحظ إمكان تطبيق هذه التقنيات لحل مجموعة من المشاكل الشائكة في أطر بشرية مختلفة، من تأثيرات الاحتباس الحراري والمجتمعات الفقيرة إلى تعقيدات نظام رعاية الأطفال، التشرد، والقدرة على الاستفادة من الرعاية الصحية.

صحيح أن مديرَي المركز يأتيان من خلفيتَين مختلفتَين تماماً، إلا أن لكل منهما مهارات مميزة تكمّل مهارات الآخر وتحسّنها، وفق رايس.

يذكر: «إذا أتيت بخبراء في مجال العمل الاجتماعي يفهمون جيداً تعقيدات العالم الحقيقي وآخرين متخصصين في علوم الكمبيوتر يستطيعون تطوير أنظمة بالغة التعقيد، فلا شك في أنك ستتوصّل إلى طريقة مذهلة للمضي قدماً وتحقيق النجاح في حلّ هذه المشاكل المعقدة».

back to top