«بركة يقابل بركة» صورة مشرقة للمجتمع السعودي

محمود صباغ: «بركة يقابل بركة» يرصد صورة مغايرة للمجتمع السعودي

نشر في 01-09-2016
آخر تحديث 01-09-2016 | 00:00
لطالما عانى المجتمع السعودي الصورة النمطية السلبية، وربما هذا من الأسباب التي دفعت المخرج محمود صباغ إلى صناعة فيلمه الطويل الأول «بركة يقابل بركة»، الذي تدور أحداثه في جدة، ويعكس صورة حقيقية للمجتمع السعودي كما هو دون مبالغة أو تشويه. عن هذه التجربه التقيناه...
لماذا اخترت أن يكون فيلمك الأول شبابياً؟

- أردت التعبير عن الجيل الذي أنتمي له، فالشباب رغم أنهم الأغلبية في عدد السكان، فإن تمثيلهم ليس عادلاً، لذا اخترت التركيز عليهم، وأن أناقش قضية مرتبطة بهم، وأردت أن أقدم صورة عن السعودية وأهلها أكثر إشراقا، فنحن مثل أي مجتمع آخر يمر بمرحلة انتقالية يوجد فيه السيئ والجيد، وليس الهدف هو الدعاية، بل رصد الحياة بكل صدق وبشكل كوميدي اجتماعي.

هل حصلت على دعم لتمويل الفيلم؟

- استغرقت نحو عام للانتهاء منه بشكل كامل، وقمت بجمع الأموال من المحيطين به، لتقديم العمل، وتعاملنا بمعدات بسيطة، لخروجه للنور، فالفيلم لم يحصل على أي تمويل، سواء محلي أو عربي.

قلة الكوادر المؤهلة

هل وجدت صعوبة في اختيار ممثلين سعوديين للفيلم؟

- تعاني السينما السعودية قلة الكوادر السينمائية المؤهلة، من فنيين وممثلين، ويحتاج أي من صناع السينما هناك إلى رحلة بحث طويلة، للوصول إلى فريق عمل قادر على تقديم الفيلم بالشكل المطلوب، وتغلبت على هذه المشكلة، لنخرج فيلماً سعودياً خالصاً بفريق عمل معظمه سعودي، فالممثلون لم يظهر معظمهم على الشاشة من قبل، وورش التمثيل التي عقدناها للممثلين قبل التصوير ساعدتنا كثيراً.

كيف اخترت الشخصيات بالخط الدرامي للفيلم؟

- استلهمت الشخصيات من الحارة الشعبية في جدة، لذا وضعنا الحوارات عفوية بشكل كبير، وتتناسب مع ما يُقال في الحارة، وحرصت على أن يكون التصوير بالكامل في الحارة، لتكون واقعية، وترصد عفوية سكانها، لذا اخترت منطقة "الهنداوية الشعبية" لتكون مكان التصوير، وكثيرون ممن شاهدوا الفيلم لم يتوقعوا أن هذه المنطقة بالسعودية.

هل ترى أن صناعة السينما بالسعودية تواجه مشكلات مرتبطة بالتمويل؟

- صناعة فيلم في السعودية هو المرادف الحقيقي لكلمة تحدٍّ، وصعوبات صناعة فيلم ليست رقابية فحسب، فهناك أيضا صعوبات هائلة تمويلية وإنتاجية ومهنية. نحن لا نملك أي جهاز أعلى للسينما، ولا معاهد عليا، لا صناديق تمويل، ولا نقابات، ولا أنظمة حماية، فكان علينا أن نصنع كل شيء بأنفسنا.

«الرسالة»

كيف تغلبت على مشكلة التصوير داخل السعودية؟

- الأمر صعب بالفعل، ولعل من أبرز حوادث رفض السعودية للتصوير داخل المملكة كانت مع فيلم الرسالة، للمخرج مصطفى العقاد. فبعد أن نال موافقة الأزهر على كامل نص السيناريو، رفض ممثلو الرابطة الإسلامية في السعودية تصوير الفيلم، كما رفضت فكرة الأفلام السينمائية أساسا، ما دفع فريق العمل لتصوير الفيلم بالمغرب، لكن رغم ذلك كنت متمسكا بالتصوير في جدة، وعبرت عن ذلك في أحد مشاهد الفيلم، عندما يقوم بركة بالتحقق من تصاريح التصوير الخاصة بأحد إعلانات الموضة.

لكن السينما السعودية قدمت أفلاما عدة من قبل؟

- ظلت صناعة السينما في السعودية تعمل دون مظلة من الحكومة أو أي اعتراف بها حتى العام الماضي، حين تأسست لجنة السينما السعودية في مارس 2015، لتكون أول لجنة سينما سعودية تعمل تحت وزارة الثقافة والإعلام، إلا أن دورها شرفي، ولم تدعم أي فيلم، سواء مادياً أو معنوياً، وتؤكد العديد من الأصوات أن صناعة السينما في السعودية مازالت بلا دعم.

صناعة السينما داخل السعودية بالنسبة لكثير من القائمين عليها، هي مجرد تجربة في كثير من الأحيان، بسبب كل العراقيل التي تم ذكرها، والأهم من ذلك، قلة التجارب السينمائية، والتي لا تسمح للعديد من صناع السينما بالتعلم واكتساب الخبرة منها، فقد بدأ إنتاج الأفلام داخل المملكة في خمسينيات القرن الماضي، ومنذ تلك الفترة يبلغ مجموع ما تم إنتاجه 250 فيلماً فقط، معظمها من الأفلام الوثائقية والقصيرة التي لا تؤسس لصناعة سينمائية مستقرة، لكن الإشادات النقدية الواسعة بفيلم "بركة يقابل بركة"، وفوزه بجائزة في مهرجان برلين يؤكدان أن الفيلم ليس مجرد تجربة، بل هو عمل فني قوي يمهد لأفلام سعودية قادرة على المشاركة الجادة في المهرجانات العالمية، وصوت آخر يصور السعودية بصورتها الحقيقية.

هل ترى أن فيلمك يمكن أن يساهم بإنشاء دور عرض في السعودية؟

- رغم إنشاء السعودية هيئة عامة للترفيه وأخرى للثقافة في مطلع العام الحالي، والإفصاح عن نوايا رسمية بالبدء في منح رخص لتنظيم نشاط السينما التجاري، إلا أن بعض صناع السينما داخل السعودية يؤكدون أن الحصول على التصاريح اللازمة أمر أشبه بالمستحيل، وأتمنى أن يستطيع فيلمي التغلب على تلك المشكلة بعد العديد من الأصوات المطالبة بعرض الفيلم داخل السعودية، عقب النجاح الكبير الذي حققه على المستوى الدولي.

انطباع إيجابي

كيف ترى عرض الفيلم بأكثر من مهرجان سينمائي؟

- سعيد بالتأكيد بهذه التجارب التي تضيف لي على المستوى الشخصي، وتعطي انطباعا إيجابيا عن السينما بالمملكة، وأنها واعدة، وسيكون لها مستقبل كبير، والجائزة الأكبر بالنسبة لي دائما، هي انتظار رد فعل الجمهور الذي صنعت الفيلم من أجله.

هل تسعى للخروج من عباءة السينما السعودية التي تواجه مشكلات عدة، وخاصة أن دراستك في الخارج؟

- في الوقت الراهن لدي تركيز على العمل في السعودية، لأن مجتمعنا هو الأقل تمثيلاً في العالم، فدراستي في الخارج جعلتني أخطط لتقديم تجارب مستقبلية بها، لكن ليس الآن، فأنا أعتبر وجودي في السينما السعودية التزاما أدبيا تجاه بلدي.

حدثنا عن تفاصيل التجربة الجديدة؟

- هو مشروع في طور الإعداد لقصة بسيطة، حيث أسعى إلى تقديم فيلم محلي مستقل بميزانية بسيطة، وخاصة أن لدي قناعة بأن هناك عشرات القصص بالمجتمع السعودي التي تستحق أن تقدم أفلام عنها.

لمحة ذاتية

محمود صباغ مخرج سعودي وُلد في جدة، درس صناعة الأفلام الوثائقية في كلية الصحافة بجامعة كولومبيا بنيويورك، بعدها عمل مخرج أفلام مستقلا ومنتجا في السعودية. من أعماله الفيلم الوثائقي قصة حمزة شحاتة (2013)، مسلسل كاش (2014)، ويُعد "بركة يقابل بركة" أول فيلم روائي طويل له.

صناعة السينما تعمل دون مظلة من الحكومة أو أي اعتراف بها
back to top