منظور آخر: «مثل النسيم»

نشر في 01-09-2016
آخر تحديث 01-09-2016 | 00:03
 أروى الوقيان في صباح جميل زاده جمالا صوت نوال، وهي تغني «مثل النسيم»، صباح لا تفوقه روعة سوى تلك العبارات التي تحثنا على الإيجابية من مدربي التنمية البشرية الذين يصرون أن يجعلونا نرى الحياة بمنظور فائق الإيجابية بشكل مستفز أحيانا ولكن لا بأس، لا ضير من جرعة من التفاؤل في صباح جميل.

حتى ذلك المقطع الذي تصدح فيه نوال «أنا بخير وطيب وحالي على أحسن ما يرام»، وإذ بذلك الأحمق يسوق مسرعا ويكاد أن يصدمك فقط لأن الإشارة صفراء، ولا يريدها أن تتحول إلى حمراء، لم يهمه أن يصدمك أو يروعك منذ الصباح الباكر، المهم ألا يقف أمام الإشارة وهي حمراء، يتجمد قلبك لوهلة كدت للتو أن تصدم، تتنفس الصعداء وتتعوذ من إبليس وتحاول أن تجدد أوصال التفاؤل رغما عنك.

‎وتستكمل نوال متغنية «أفا عليك إن ما ابتسمت وراحت الذكرى تجرك لأيامنا وأسرارنا وأول لقا وأعذب غرام»، فلا تملك سوى أن تبتسم لهذا الأداء الجميل، والكلمات التي أبدع بها فهد المساعد، ولكن الشارع يصر أن يسرق منك أي ابتسامة، تقود سيارتك مسالما متوسطا الشارع حتى لا يستعجلك أحد، فتجد مستخدمي الحارة اليمنى واليسرى يتسارعان ويكادان أن يصدماك فتضطر أن تقود بسرعة لتتفادى حادثا مؤكدا.

تلعن مرة أخرى الشارع، وجميع مدربي التنمية البشرية، وهذا السائق الأحمق نفسه الذي كاد أن يصدمك عند الإشارة الصفراء هو نفسه من كاد للتو أن يصدمك قبل قليل.

سرقوا منك النسيم والابتسامة وأعذب غرام! ومع ذلك تحاول أن تتشبث بشيء من العقلانية الآن، وليس الأمل حتى لا تفقد أعصابك بيوم من المفترض أنه بدأ جميلا!

تزفر غضبك، تستنشق أوكسجينا، تحاول أن تستذكر جميع ما تعلمته من التأمل، وجلسات اليوغا المطولة حتى لا تضيع هدرا بسبب غبي في شارع، لكن هذا السائق لا ينكف عن مضايقتك، واقفٌ أنت في حالك، الإشارة حمراء الآن، ولكن لسرعته المفرطة لم يتمكن من الوقوف بسلام وصدمك هذه المرة.

تخرج لترى الحادث وبغضب تقول «اشفيك الله يهديك من الصبح إلا بتدعم»؟ فينزل متأففا وقحا غير معترف بخطئه «بلحق على الدوام عندي دورة يعني ضروري نروح المخفر، الدعمة بسيطة»، ترد مدافعا أن حقك المنتهك كأبسط رد اعتبار لهذا الصباح الذي أصبح به التفاؤل مبتذلا: «عفواً سيارتي ما راح تتصلح بدون ورقة مخفر وبنروح الحين حتى أنا وراي دوام حضرتك أخرتني عليه».

يذهب معك متأففا للمخفر دون أي اعتذار أو شعور بالندم، بل على العكس كان وقحا، طلب الضابط بعض البيانات سأله ما مهنتك، أجاب مدرب تنمية بشرية، ومستجعل عندي دورة بقدمها عن كيفية التعامل مع صعوبات الحياة، الضابط: «استريح».

قفلة:

باتت العديد من الدورات تجارية، أصحابها لم يطبقوا ما تعلموه على أنفسهم، يحاكونك عن الهدوء وهم يعانون الغضب وهكذا، بات الموضوع مربحا وتجاريا، لذا امتهنه الكثير إلا قلة تجدهم مخلصين ومحبين لمساعدة الآخرين لتطوير أنفسهم، ولكن الطابع التجاري للموضوع هو الغالب في أغلب دورات التنمية البشرية مع كل أسف!

back to top