معركة حلب تفضح قوة الروس... وهجوم تركيا يهدد واشنطن

• تنسيق القوات الروسية مع طهران دون المستوى
• لقاء أوباما وإردوغان آخر فرصة لإنقاذ الاتحاد

نشر في 31-08-2016
آخر تحديث 31-08-2016 | 00:05
 مسؤولون أتراك يتفقدون بناء جدار على الحدود بين مدينة سروج وكوباني الكردية السورية أمس الأول   (رويترز)
مسؤولون أتراك يتفقدون بناء جدار على الحدود بين مدينة سروج وكوباني الكردية السورية أمس الأول (رويترز)
فشل سلاح الجو الروسي في استغلال قاعدة همدان في تحقيق أي هدف يذكر سوى الخلاف السياسي في إيران، التي يحظر دستورها إقامة أي شكل من أشكال القواعد العسكرية الأجنبية على أراضيها، في وقت وضع التوغل التركي في سورية واشنطن في أزمة باتت تهدد اتحاداً يسعى طرفاه لإنقاذه على هامش قمة مجموعة العشرين.
جاء القرار الروسي بشن غارات قصف جوي على سورية من الأراضي الإيرانية، رغم حساسيته السياسية وفشله في نهاية المطاف في إحراز نتائج إيجابية، ليفضح حدود القوة الجوية الروسية لتصبح موسكو في حاجة لوضع استراتيجية جديدة لتدعيم أهدافها.

وقال مطلعون على ما يدور في الجيش الروسي، إن موسكو اختارت تنفيذ الطلعات الجوية من إيران، وإن الأخيرة وافقت على السماح بها لأن الطرفين كانا يواجهان صعوبات في تحقيق هدف مشترك يتمثل في سحق المعارضة في حلب، وفشلت المقامرة، ومازالت المعارضة التي تقاتل حليفهما الرئيس بشار الأسد متحصنة في المدينة.

وفي خضم القصف المكثف، شنّت قوات المعارضة في حلب هجوماً مضاداً منتصف الشهر الجاري، وكسرت الحصار، وأعادت فتح طرق الإمدادات.

وقال مصدر على صلة وثيقة بوزارة الدفاع الروسية، طلب عدم نشر اسمه، "لدي إحساس وكأننا مثل حصان في السيرك يدور في دائرة منذ 30 سبتمبر عندما نشرنا طائراتنا لأول مرة هناك"، مضيفاً: "قواتنا غير كافية وتنسيقنا مع الإيرانيين ليس على المستوى المطلوب. نحن بحاجة لتغيير شيء ما. ولا علم لي بما هو هذا الشيء".

وفي الشهر الجاري، وفي مواجهة مشاكل لوجستية بمواصلة حملة باهظة الكلفة في حين تعاني ميزانية الدولة ضغط الإنفاق، كثفت موسكو من قصف حلب فيما اتضح أنها غارات انطلقت الطائرات فيها من إيران.

ويبدو أن الغارات على حلب لم تحقق شيئاً يذكر باستثناء إثارة خلاف سياسي في إيران، التي يحظر دستورها إقامة أي شكل من أشكال القواعد العسكرية الأجنبية على أراضيها.

وفي 16 أغسطس، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أنها استخدمت للمرة الأولى قاعدة "نوجه" الجوية بمدينة همدان لشن هجمات جوية في سورية، في قرار له حساسيته السياسية في إيران، فآخر مرة استخدمت فيها قوة أجنبية قاعدة جوية كانت في الحرب العالمية الثانية.

ووصف بعض المشرعين الإيرانيين ذلك بأنه انتهاك للدستور، بينما قال وزير الدفاع حسين دهقان، إن موسكو ارتكبت "خيانة الأمانة" عندما كشفت على الملأ عن هذا الترتيب.

انتهاء الاتفاق

ويوم 22 أغسطس، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن استخدام روسيا للقاعدة قد انتهى، وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الطائرات العاملة من القواعد الإيرانية أنجزت مهامها.

وبرر عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الدوما آندريه كليموف ذلك بأن كلفة العملية السورية ربما كانت عاملاً من العوامل المؤثرة في هذا الصدد، قائلاً: "نحن نحاول تنفيذ العملية بمبالغ معينة، فوزارة الدفاع لديها نفقات أخرى، لذلك نسعى لتحقيق الاستفادة القصوى من التكلفة والمسارات ذات الجدوى الاقتصادية الأكبر".

معضلة دبلوماسية

وفي المقابل، تثير المناورات التركية لمنع القوات الكردية من التقدم في شمال سورية توتراً بين بلدين متحالفين في الحرب على تنظيم "داعش" وتشكل معضلة دبلوماسية جدية لواشنطن.

و"البقاء متحدين" هو الهدف المعلن لواشنطن من اللقاء المقبل، الذي أعلن عنه أمس الأول بين الرئيسين باراك أوباما ورجب طيب إردوغان، لكن هذا الهدف يتعثر بسبب التوتر المتصاعد بين البلدين العضوين في حلف شمال الاطلسي، منذ الأربعاء مع إطلاق أنقرة عملية "درع الفرات" التي تستهدف إضافة إلى "داعش"، حزب "العمال الكردستاني" و"وحدات حماية الشعب" الكردي وهما حليفا واشنطن، اللذان تعتبرهما أنقرة "منظمتين إرهابيتين".

مواجهات ودعم

وقال المبعوث الأميركي في التحالف الدولي بريت ماكغورك، إن المواجهات بين تركيا والقوت الكردية "غير مقبولة"، داعياً إلى "وقف" المعارك.

وكان نائب الرئيس جو بايدن "قال بشكل واضح" خلال زيارة إلى انقرة الأسبوع الماضي، أنه على القوات الكردية أن "تعبر مجدداً" إلى شرق الفرات، وإلا ستفقد دعم الولايات المتحدة.

وقال مات بريزا العضو السابق في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، إن هذه الاشارات المتناقضة التي تصدر عن واشنطن تعرض للخطر فرصة جيدة بالاستفادة من الرغبة المعلنة لأنقرة لمكافحة "داعش"، معبراً عن قلقه لأن "الولايات المتحدة يمكن أن تحول انتصاراً إلى هزيمة".

سياسة أميركية

وذكر بريزا، الذي أصبح عضواً في المركز الفكري الأميركي "أتلانتيك كاونسل" أنه "على الرئيس أن يحدد بوضوح السياسة (الولايات المتحدة) لأننا نواجه حالياً هذا التناقض بين ماكغورك وبايدن"، مضيفاً أن إغضاب أنقرة عبر دعم الأكراد ينم عن تهور من قبل واشنطن، بعدما طلبت لسنتين من تركيا اتخاذ موقف أكثر حزماً حيال "داعش".

وتابع بريزا، أنه في المقابل "التأكد من عودة وحدات حماية الشعب الكردي إلى شرق الفرات" كما أكد مسؤول أميركي، هو الاستراتيجية الجيدة، التي يجب على واشنطن اتباعها.

مواجهة كبيرة

لكن جون هانا المستشار السابق للنائب السابق للرئيس ديك تشيني رأى أن أنقرة تتحمل جزءاً من المسؤولية في تصاعد التوتر بين تركيا والولايات المتحدة، لأنها تباطأت في مكافحة التنظيم.

وقال إن "وحدات حماية الشعب الكردي لم تكن الخيار الأول للولايات المتحدة لتصبح شريكتها وحليفتها في مكافحته على الارض، بل كانت كل ما تبقى لنا".

وحذر هانا من أنه "إذا تحول الوضع إلى مواجهة كبيرة بين الجيش التركي ووحدات حماية الشعب، فالأمر سيؤدي بالتأكيد الى توتر حقيقي بين واشنطن وأنقرة".

تصعيد شامل

في باريس، حذر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس، من "مخاطر تصعيد شامل" مع "التدخلات المتكررة والمتضاربة" لتركيا وروسيا.

وقال خلال في مؤتمر للسفراء في قصر الاليزيه، إن "الضرورة القصوى، هي وقف المعارك وتطبيق هدنة فورية" مذكراً بأن "سورية تعيش مأساة رهيبة"، لاسيما في حلب حيث "تجري كارثة إنسانية واسعة النطاق".

وتابع الرئيس الفرنسي: "منذ قرابة سنة، تقدم روسيا خبراتها لنظام بشار الأسد، الذي يستخدم هذا الدعم لقصف المعارضة، لكن أيضاً السكان المدنيين، ما يصب في مصلحة المتطرفين من كل الجهات".

محادثات الهدنة

إلى ذلك، قال مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا أمس، إن المحادثات بين مسؤولين أميركيين وروس الأسبوع الجاري "مهمة" من أجل استعادة وقف إطلاق النار، الذي فشل وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، في التوصل إليه خلال محادثات استمرت يوماً كاملاً في جنيف يوم الجمعة.

الأمم المتحدة تبني آمال التهدئة على محادثات جنيف
back to top