الجمعيات التعاونية... تخصيص أو لا تخصيص

نشر في 30-08-2016
آخر تحديث 30-08-2016 | 00:05
تحولت الجمعيات التعاونية من داعم للاقتصاد الوطني إلى منافس للتاجر، ليس في توفير احتياجات المواطن بأسعار مناسبة، بل في السعى إلى تحقيق الأرباح، ولعل الأخطر من ذلك أن عضوية مجالس الإدارات تمر عبر القبيلة والطائفة والطبقة الاجتماعية والمحسوبية، ودخلت السلطتان التشريعية والتنفيذية في لعبة الاختيارات والمفاتيح الانتخابية بعيدا عن الكفاءة والإخلاص.
 يوسف عبدالله العنيزي في عام 1974 صدر مرسوم أميري ينص على قيام نظام الجمعيات التعاونية في مختلف مناطق البلاد، ويقضي بإقامة أسواق مركزية، ومراكز خدمات بكل مجالاتها بما فيها الصحية والأمنية، وكل ما تحتاج إليه المنطقة من خدمات متنوعة، على أن تدار تلك الجمعيات بواسطة مجلس إدارة منتخب من أهالي المنطقة المساهمين.

إنه نظام فريد من نوعه تميزت به الكويت كغيره من الأنظمة الرائعة عن باقي البلدان، ولكن للأسف انحرفت بعض الجمعيات عن أهدافها، وغدت بؤرا للفساد، فما تكاد تمر فترة حتى نقرأ أو نسمع عن تحويل بعض مجالس الإدارات للتحقيق، كما تسبب بعضها في ضياع أموال طائلة قد تصل إلى الملايين، كما غدت بعض الجمعيات مجالا لتجارة الإقامات بهذه الأعداد الكبيرة من الموظفين والمستخدمين، وأصبحت إحدى وسائل الهدر للمال العام من خلال تأجير المباني والمطاعم، ومحال هي ملك للدولة.

وتحولت الجمعيات التعاونية من داعم للاقتصاد الوطني إلى منافس للتاجر، ليس في توفير احتياجات المواطن بأسعار مناسبة، بل في السعى إلى تحقيق الأرباح، ولعل الأخطر من ذلك أن عضوية مجالس الإدارات تمر عبر القبيلة والطائفة والطبقة الاجتماعية والمحسوبية، ودخلت السلطتان التشريعية والتنفيذية في لعبة الاختيارات والمفاتيح الانتخابية بعيدا عن الكفاءة والإخلاص.

ولكن التساؤلات المرة تبقى مطروحة: هل نترك الفساد يدمر ما بناه الأوائل من أنظمة رائعة نعتز ونفتخر بها؟ أين الثقافة والفن؟ وأين المسارح والفرق الفنية؟ وأين الرياضة وأبطالها؟ وأين الإعلام والصحافة؟ وأين الديمقراطية والحياة النيابية والمعارضة الوطنية الصادقة؟ وأين الكويت التي كانت مهوى الرحال ومحطها للعديد من رجالات العلم في العالم العربي في كل المجالات؟ وأين رجالات الكويت؟ أين الأوائل؟ أين ذلك الرعيل الذي حمل روحه على راحته والكويت في قلبه؟ لماذا انسحب ذلك الجيل من الساحة، واكتفى بأن يحتل مقاعد المتفرجين، والحديث في الدواوين بحسرة على بلد أخذ الفساد ينخره، ويكاد الولاء للكويت يتلاشى في ظل أوضاع قاسية تلف المنطقة لا يعلم إلا الله إلى أين تسير.

لا نريد أن نبكى على الأطلال، ولكن ندعو الله أن يهيئ للكويت الغالية من يتصدى لمن يحاول المساس بها وجرها إلى القاع.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

هذا ما حذرنا منه

بتاريخ 24 /5/ 2016 كتبت مقالا موجها لأعضاء وفود السلام اليمنية المشاركين في المفاوضات التي عقدت في الكويت بعنوان "السلام... أو لا عودة لليمن"، جاء فيه "أن البديل عن محادثات السلام سيكون حربا شعواء لا تُبقي ولا تذر، تأتي على ما تبقى من اليمن"، وها هي تلك الحرب تكشر عن أنيابها، وبدأت الصواريخ والقذائف تطول العديد من المدن العربية.

لقد كان الأمل كبيرا بنجاح تلك المفاوضات التي عقدت في الكويت أرض المحبة والسلام، والتي أعتقد جازما أنها لم تفشل، ولكن هناك أطراف خارجية سعت جاهدة إلى إفشالها لأهداف قريبة أو بعيدة، والخشية الآن أن تؤدي هذه الحرب إلى تغيير في الحدود، مما سيؤدي بالضرورة إلى نزاع دائم لا أحد يعلم إلى أين ستنتهي.

back to top