«High Light»: أزمة مواطنة

نشر في 27-08-2016
آخر تحديث 27-08-2016 | 00:02
 د. حمود حطاب العنزي لا ريب في القول إن المجتمع الكويتي يعاني إشكالية في المواطنة والانتماء، والأدلة على ذلك كثيرة جدا، ولسنا بصدد سرد هذه الأدلة، لكننا سنحاول في هذا المقال بلورة عدد من الأفكار لتكون بمثابة حجر أساس، وعوامل مساعدة لحل تلك الإشكالية. ومن بين تلك الأفكار ما يلي:

- ضرورة تصفية الخلافات المذهبية، وعبور ما يفصل بينها من فجوة تضرب جذورها في تاريخ الكويت المعاصر؛ والسبل لبلوغ ذلك متنوعة وأكثر من أن تحصى، لكن الأساس الذي ينبغي أن يؤسس عليه جهد المصالحة هو بلا جدال: الحوار الديمقراطي الذي يضع مصلحة الكويت فوق كل اعتبار.

- إعادة النظر في التوزيع الجغرافي للخدمات التعليمية والصحية والإسكانية وغيرها، بشكل يحقق التكافؤ بين مناطق الكويت المختلفة، ويمنع التفاوت بين المناطق الخارجية والداخلية وما يترتب عليه من مشاعر التفرقة في نفوس المواطنين لعدم المساواة.

- محاربة التعصب القبلي بمصادره المختلفة سواء صدر من قبائل أو طوائف أو عوائل إلى غير ذلك من عصبيات؛ وتبرز هنا خطورة دور التربية الدينية الصحيحة وأهميتها في تعرية هذا التعصب القبيح، ومجافاته للعقيدة الإسلامية السليمة، بل تناقضه معها، كما يتبين هنا أهمية إعمال مبدأ المشاركة السياسية في شؤون المجتمع كافة، وإسناد المسؤوليات وفق معيار الجدارة لا الانتماء القبلي أو غيره.

- دعم ثقافة الاختلاف وقبول الآخر وإعمال قيم الحوار، والتأكيد على قيم التسامح؛ ويتطلب ذلك وجود معايير واضحة وصريحة لضبط اللقاءات والتجمعات للسيطرة على سير النقاش وتبادل الآراء لتجنب اللجوء إلى العنف والبذاءات اللفظية والاشتباكات الجسدية، وغيره مما لا طائل ولا جدوى من ورائه.

- ومن الضروري أيضا أن تتضافر جهود الحركات السياسية لتصحيح وضع المرأة الكويتية حتى تمثل المكانة اللائقة بها، والتي تتناسب اليوم مع ما أصابته من تعليم عال في مجتمع ما زالت قيم الذكورة هي رأس هرم النسق القيمي فيه.

ولا يمكن أن تمثل النقاط السابقة كل ما ينبغي أخذه في الاعتبار عند وضع برامج لتنمية ودعم المواطنة في المجتمع الكويتي؛ لأن قيم المواطنة- شأنها شأن كل القيم الأخرى- لا تتحول إلى خصال مترسخة في نفوس ناشئتنا إلا من خلال ممارستها ممارسة حقيقية في مواقف تعليمية مخططة، يلمسُ من خلالها الدارسون أهمية السير وفق ما يرتبط بها من سلوكيات.

ختاما: نرجو لهذه الأفكار مزيدا من النضج والإثراء، وذلك بفضل النقد الذي ينبغي أن تخضع له؛ فربما وفر لها هذا النقد فرصة أن تكون نقطة بداية لحوار وطني، يبتغي بناء المواطن الكويتي ودعم انتمائه إلى أرضه الكويت ووطنه العربي الكبير وكل القيم الإنسانية العالمية.

ودمتم بخير.

back to top