الشوكولاتة...

دراسات لجعلها أكثر صحية

نشر في 24-08-2016
آخر تحديث 24-08-2016 | 00:02
No Image Caption
قد تحتوي الشوكولاتة في المستقبل على نسبة دهون أقل بنحو 10 إلى 20%. نظراً إلى شعبيتها الكبيرة، سعى عدد كبير من الأبحاث لفهم تأثيرها في صحتنا وخيرنا. وللشوكولاتة بالتأكيد عدد من التأثيرات الإيجابية. فقد تبين أن الكاكاو مصدر غني بمضادات الأكسدة، فضلاً عن أن بعض أنواعها (إن تناولتها باعتدال) يخفض ضغط الدم ويؤثر إيجاباً في الدورة الدموية.
من المؤسف أن معظم أنواع الشوكولاتة المتوافرة في الأسواق اليوم لا تُعتبر صحية، بما أنها تحتوي على كميات كبيرة من الدهون. ومع ارتفاع معدلات السمنة حول العالم، يصعب اعتبار الشوكولاتة غذاء صحياً. ولا شك في أن الحد من نسب الدهون في الشوكولاتة يساهم في معالجة هذه المخاوف.

إلا أن العلماء عجزوا حتى اليوم عن التوصل إلى حل مناسب. وفي دراسة جديدة نُشرت أخيراً في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences، تعمّق الباحثون في المبادئ العلمية الأساسية المرتبطة بمستعلقات الشوكولاتة السائلة التي تصعّب عملية التخلص من الدهون.

مبادئ علمية

صحيح أن الشوكولاتة تُباع عموماً بشكلها الصلب، إلا أنه يبقى سائلاً طوال الجزء الأكبر من عملية تصنيعه. وتتألف الشوكولاتة السائلة من جسيمات صلبة من الكاكاو، السكر، عناصر الحليب الصلبة، وغيرها من العناصر المعلقة في الزيوت والدهون الذائبة (وخصوصاً زبدة الكاكاو).

من وجهة النظر الفيزيائية، يتحكم في كل المستعلقات السائلة معياران مهمان يعتمدان كلاهما على شكل الجسيم. المعيار الأول هو كثافة الحد الأقصى للحشر العشوائي، التي تحدد أقصى درجة قد تبلغها كثافة التخزين الثلاثي الأبعاد التي قد يحققها جسيم في المستعلق. أما المعيار الثاني، فهو لزوجة الجسيم الجوهرية، التي تقيس مساهمة الجسيم بحد ذاته في لزوجة المستعلق السائل. على سبيل المثال، تبلغ كثافة الحد الأقصى للحشر العشوائي في حالة جسيم كروي نحو 64 % ولزوجته الجوهرية 2.5.

تمكن العلماء من خلال التحليل البصري التأكيد أن عناصر الكاكاو الصلبة كروية ويبلغ قطرها نحو ميكرومترين. وإن كانت الشوكولاتة تتألف من الكاكاو والدهون فحسب، تشغل جسيمات الكاكاو المعلقة نحو 64 % من المساحة، ما يعني أن الدهون السائلة يجب أن تشكّل ما لا يقل عن 36 % من المستعلق. وإن تراجعت كمية الدهون هذه، تتعرض جسيمات الكاكاو للحشر ويتوقف تدفق المواد خلال عملية الإنتاج.

لكن كثافة الجسيمات في مستعلق الشوكولاتة تكون في الواقع أدنى بقليل من كثافة الحد الأقصى للحشر العشوائي نظراً إلى وجود جسيمات مركبات أخرى. ويعني هذا أن من الممكن إزالة مقدار صغير من الدهون السائلة. إلا أن هذه الخطوة تؤدي إلى زيادة حادة في لزوجة الشوكولاتة السائلة مع اقترابا من كثافة الحد الأقصى للحشر العشوائي.

نتيجة لذلك، إذا أردنا الحد من الدهون في الشوكولاتة، علينا أيضاً أن نخفض لزوجة الشوكولاتة السائلة رغم حمولتها الصلبة الكبيرة. كذلك من الضروري أن نرفع كثافة الحد الأقصى للحشر العشوائي.

صعق الشوكولاتة

طوّر الباحثون طريقة تغيّر حجم الجسيم وشكله، ما يسبب تبدلات في لزوجة مستعلق الشوكولاتة. فيؤدي إطلاق حقل كهربائي باتجاه تدفق الشوكولاتة السائلة إلى تجمّع الجسيمات في سلاسل قصيرة على طول السائل المتدفق. فيسفر عن هذا التبدل في البنية الصغرية خلل في تناظر الجسيمات الدوراني، ما يزيد بالتالي كثافة الحد الأقصى للحشر العشوائي ويحدّ من اللزوجة في اتجاه التدفق.

بالإضافة إلى ذلك، أجرى الفريق عمليات حسابية بغية تحديد انخفاض اللزوجة النظري. فعندما تُطوَّر هذه الطريقة للحصول على مستعلق متجانس يضم تجمعات جسيمات تتحلى بالحجم ذاته والشكل عينه، تتراجع اللزوجة النسبية على طول اتجاه التدفق بأكثر من 80 % من قيمتها الأصلية.

ولكن نظراً إلى شكل الجسيمات غير الكروي، تختلف اللزوجة باختلاف الاتجاهات. ففي الاتجاه المتعامد مع التدفق، تكون اللزوجة أكبر بنحو الضعف منها على طول اتجاه التدفق. إلا أن هذا الاختلاف في اللزوجة لا يسبب مشكلة. على العكس، أظهرت الدراسات السابقة أن هذا الاختلاف يحسّن التدفق عموماً بالحد من تشكّل الدوامات والاضطرابات.

الحد من الدهون فيه

أدرك العلماء من خلال حساباتهم أن طريقتهم الجديدة قد تتيح لهم نظرياً خفض الدهون بنسبة 10 % إلى 20 %. ولكن كان عليهم بالتأكيد إثبات اكتشافاتهم هذه بتطبيقها في تجربة عملية.

نتيجة لذلك، أجرى العلماء تجربة مضبوطة قيموا خلالها لزوجة مستعلق شوكولاتة متدفق قبل تطبيق الحقل الكهربائي وبعده. فاكتشفوا أن من الممكن خفض معدل الدهون بسهولة بنحو 10 % أو أكثر من دون التدخل في عملية التصنيع. كذلك أشاروا إلى أن التيار الكهربائي المستعمل خلال هذه التجربة كان أصغر من أن يتمكنوا من قياسه بواسطة جهاز تحديد التيار الذي استخدموه، والذي يستطيع التقاط تيار بقوة 0.1 ميكرو أمبير. ولا شك في أن هذا يجعل هذه الطريقة عالية الفاعلية من ناحية استهلاكها الطاقة.

بالإضافة إلى ذلك، قام الفريق باختبارات مماثلة على عدد من عينات الشوكولاتة من مصنعين مثل Mars، Hershey، وBlommer. فاكتشف أن باستطاعته خفض لزوجة مستعلق الشوكولاتة بنحو 40 % إلى 50 %، ما يعني أن من الممكن أيضاً الحد من معدلات الدهون بنسبة 10 % أو أكثر.

لكن الأهم من ذلك أن اختبارات التذوق التي تناولت الشوكولاتة المعدّلة أكّدت أن مذاقها ما زال جيداً، حتى إن بعض المتذوقين أشاروا إلى أن طعمها قد يكون أفضل حتى من الشوكولاتة الأصلية. ولكن من الضروري أن نتريث قليلاً لأن مصنّع شوكولاتة (Mars Chocolate) موّل هذا البحث. رغم ذلك، تشكّل هذه الدراسة مثالاً مثيراً للاهتمام للطريقة التي قدّ تدفع بها المخاوف الصحية العلماء إلى تطوير حلول علمية مبتكرة.

back to top