أرشيف المجلات الأدبية والثقافية العربية

نشر في 24-08-2016
آخر تحديث 24-08-2016 | 00:00
 طالب الرفاعي في زمن العنف والاحتراب والتشتت العربي بات صعباً العثور على مبادرة تنثر السرور في اللحظة، وتقدم شيئاً من الضوء وسط عتمة الحاضر.

محمد الشارخ، رجل الأعمال الكويتي، وصاحب شركة صخر للبرمجيات وعاشق اللوحة التشكيلية، وكاتب القصة القصيرة، وصديق الأدباء والفنانين، استطاع بمثابرة وهمة عاليتين، وبجهد دؤوب قلَّ مثيله أن يقدم لقارئ العربية - سواء كان عربياً أو غير عربي - موقعاً إلكترونياً يحاكي الراهن العالمي، ويحفظ تراث أمة. إنه موقع "أرشيف المجلات الأدبية والثقافية العربية"

http://archive.sakhrit.co/AllMagazines.aspx

قرابة 180 مجلة أدبية وفنية وثقافية بمئات الأعداد لكل منها، يجدها القارئ أمامه بنظام بديع سهل الوصول إليه دون أي تعقيد.

إن ما قام به الصديق محمد الشارخ، يُعدُّ بكل المقاييس عملاً كبيراً، إن لم أقل خارقاً. فالوطن العربي يعيش لحظة مؤلمة قلَّ مثيلها، وهو بالتالي أحوج ما يكون لمائدة إبداع وثقافة وأدب يلتم من حولها. مائدة توفر له ما كاد يضيع من تراث فكري وإبداعي وثقافي عربي لعقود طويلة ماضية.

هناك الكثير من المؤسسات الثقافية والعربية التي تعمل على طول الوطن العربي وعرضه، لكن انتباهة محمد الشارخ كانت لافتة. فقد عاشت أقطار الوطن العربي صعوداً فكرياً وثقافياً وفنياً كبيراً تلا مرحلة تحررها وانعتاقها من الاستعمار الغربي في بدايات القرن العشرين. ولقد كان هذا العطاء الفكري والأدبي شاملاً مختلف مناحي الحياة، وقت ان كان للمجلات الأدبية والثقافية سطوة على القارئ، وكان لها حضور باهٍ في كل مجلس وداخل كل أسرة.

دارت عجلة الزمن سريعاً، وأطلت شبكة الإنترنت، بمواقعها المختلفة ومحركات بحثها، وأخيراً بمواقع التواصل الأجتماعية، ما جعل نفراً كبيراً، ليس فقط في العالم العربي، بل والعالم أجمع، يُدير ظهره للكلمة المطبوعة، ويكتفي بأن يكون حاضراً أمام شاشة الكمبيوتر أو التلفون الذكي.

لا أكون مبالغاً إذا قلت إن جهد المجلات العربية الأدبية والثقافية اندحر وغاب، وإن كنوزاً من المعرفة والإبداع اختفت تحت أنقاض الحاضر المخيف. لذا، فجهد محمد الشارخ، وبقدر ما كان كبيراً، بالقدر نفسه كان ضرورياً ومهماً لأبناء الأمة العربية، لكي يقفوا على تاريخ بهي من الثقافة والفنون العربية.

إن أسبقية الشارخ بالتواصل مع التقنية العالمية ساعدته على جمع مادة المجلات العربية، بشكل عصري، حيث جعلها في موقع إلكتروني يمكن لأي متصفح أن يصل إليه حيثما كان، كما أن هندسة وإخراج الموقع رائعة في تمكنها من بذل المراد أمام المتصفح بأبسط الطرق.

كما يقول أبوعثمان الجاحظ؛ الأفكار على قارعة الطريق. قد تكون فكرة تجميع المجلات الأدبية والثقافية العربية لاحت للكثير من الأشخاص والمؤسسات الثقافية والفنية العربية. لكن، الجهد الحقيقي يتجلى في السير بطريق الفكرة، للوصول بها إلى نهاية المشوار، بحيث يرى المشروع النور، وهذا ما قام به الصديق الشارخ، لسنوات بجهد بعيد عن الأضواء والضجيج، لحين ولادة هذا المشروع العربي المفخرة.

إن وجود مجموعة من أمثال الشارخ، الذين سخروا حر مالهم لخدمة مشاريع عربية أدبية رائدة، على طول الوطن العربي وعرضه، إنما يدعونا إلى مطالبة الآخرين ببذل شيء من الجهد، لتقديم عون أحوج ما تكون الثقافة العربية إليه.

موقع أرشيف المجلات الأدبية والثقافية العربية، بستان عربي زاهٍ بوروده وأزهاره، وليس أقل من زيارة لهذا الموقع ليقف القارئ العربي أمام كنوز من الأفكار والإبداع العربي، ومن مختلف أقطار الوطن العربي.

تحية من القلب وتقدير للصديق العزيز محمد الشارخ، وعسى أن يكون مشروعه القادم بحجم وفائدة مشروعه الرائد لأرشيف المجلات العربية.

back to top