جورجيا أوكيف (2-2)

نشر في 22-08-2016
آخر تحديث 22-08-2016 | 00:00
 فوزية شويش السالم أستكمل الحديث عن الفنانة الأميركية الأيقونة جورجيا أوكيف خلال الجزء الثاني من المقال المخصص لأعمالها. وتأتي مرحلة الزهور المهمة، التي قالت عنها: "لا أحد يراها بشكل حقيقي، بسبب صغرها، نحن لا نملك الوقت حتى نشاهدها، تحتاج إلى الوقت، لذا قلت لنفسي: أنا سأرسم ما أراه، ما تعنيه الزهرة لي، لكن سأرسمها كبيرة ستدهش الرائي في رؤيتها الأولى، حتى إنني سأجعل من النيويوركيين المشغولين يرون ما أراه في الزهور بانتباه، سأجعلك تأخذ وقتا للنظر، وعندما تأخذ وقتك ستعلق كل ارتباطاتك بالزهور على زهرتي، وستكتب عن زهوري مثلما أراها وأفكر بها، ما تفكر به عن الورد، بينما أنا لم أتمكن من رؤيته".

ثم بدأت مرحلة نيومكسيكو وكتبت عنها: "عندما قدمت إلى نيومكسيكو علمت أنها تنتمي إلي من النظرة الأولى، عرفت أنها موطني، ولم أرَ شيئا مثيلا لها من قبل، لكنها مفصلة علي، وجاءت بما يناسبني تماما، هناك شيء بالهواء مختلف، السماء مختلفة، الريح مختلفة، لن أقول شيئا أكبر من ذلك، حتى لا يهتم الناس بها، وأنا لا أريدهم أن يهتموا".

في 1929 كانت أول زيارة لها مطولة لنيومكسيكو، وبعدها توالت زياراتها لها، حيث وجدت التضاريس تعكس روح الساحل الجنوبي، وقالت عن المكان: "عندما وجدت العظام البيضاء الجميلة في الصحراء التقطتها وأخذتها إلى المنزل، استعملت هذه الأشياء لأقول لنفسي عن البرية العجيبة بهذا العالم الذي أعيش فيه".

وبدأت مرحلة رسم فقاريات عظام الحيوانات وجماجمها عام 1931، وكانت قد بدأت بجمعها منذ 1929، وكان سبب اتجاهها لها، هو عدم وجود زهور بذاك الصيف الذي قضته هناك، لكن وجود العظام والجماجم كان أسهل.

وأصبحت رسوماتها رمزا خاصا لأميركا، رسوماتها للعظام الممزوجة مع تضاريس الصحراء في الجنوب الغربي، اختصرت الروح الأميركية التي شعرت بأنها غير موجودة في نيويورك.

ثم جاءت مرحلة المزرعة الشبحية، التي قالت عنها: "أتمنى أن تروا ما أراه خارج النوافذ، الأرض وردية، وجروف صفراء في الشمال، والقمر الشاحب المكتمل الموشك على الغياب بفجر تلك السماء البنفسجية خلف تلك الأشجار الطويلة الجميلة تغطي الهضبة الجنوبية، التلال البنفسجية الوردية في المقدمة، وخلفها تقبع أشجار السدر الوعرة الشاحبة، والشعور بهذا الفراغ الكبير، عالم جميل جدا".

رسمت خلال هذه الفترة الممتدة من 1930 إلى 1940 تضاريس الصحراء وتراب الجروف الوردي والأحمر والأشجار ونهر شاما وتلال "كيرو بدرندل"، وقالت عنه: "إنه جبلي الخاص، إنه يعود لي، ربي أخبرني إذا رسمته بشكل جيد سيمنحه لي".

وبدأت مرحلة الأماكن السوداء والبيضاء، التي قالت عنها: "يجب أن أرى الأماكن السوداء التي رأيتها خلال رحلة في الماضي إلى مدينة نيفاغو، ويجب أن أعود إليها لأرسمها، حتى لو كان في حرارة منتصف الصيف، أصبحت واحدة من أماكني المفضلة للعمل، وعندما تراها من فوق التلال تبدو مثل مساحة ميل من الأفيال، مرتفعات رمادية ذات المقاس".

في هذه المواقع فجرت فيها تغيرات الضوء بمختلف المواسم على تضاريسها التي مثلتها بتنوعات درجات التجريد.

وشرحت عملها فيها: "عندما بدأت برسم عظام الحوض، أكثر ما كان يهمني فيها، هو ما أراه من خلال ثقوبها، وخاصة الزرقة عندما أمسكها تجاه السماء، تكون أكثر جمالا تجاه الزرقة، التي ستبقى دائما هناك حتى بعد فناء كل البشرية".

وتقول "في يوم كنت عائدة بالطائرة إلى نيومكسيكو، السماء تحت كان بياضها في منتهى الجمال والصلابة، تبدو آمنة، لدرجة أنه بإمكاني المشي عليها في هذا الأفق لو فتح الباب، كانت مدهشة، لدرجة لم أستطع الانتظار حتى وصولي إلى البيت لرسمها".

وكانت آخر مراحل عملها فيها من سنة 1950 إلى 1960 ركزت فيها على سلسلة من الرسومات التي استلهمتها من رحلتها في الطائرة، وكانت أعمالها الأخيرة أكثر تجريدية من بداياتها جعلت منها أيقونة الفن بحق.

المعرض ضم أغلبية أعمالها وصورها وجميع البورتريهات التي صورها سكتليتز لها، وأيضا مجموعة أعمالها النحتية التي استوحتها من إقامتها في نيومكسيكو، وهو معرض مهم لكل عشاق الفن التشكيلي.

الجميل هو فهمها لإحساسها، وترجمته في رؤية قابضة تماما على ما شعرت به، وقدرتها على التعبير عنه في الكتابة، الأمر الذي يعجز عنه أغلب الفنانين التشكيليين الذين يعجزون عن تفسير أحاسيسهم وعكسها في رؤية تجعل القارئ يدرك تماما رؤيتهم الفنية لكل مرحلة من مراحلهم.

back to top