فجر يوم جديد: «داعش» يحتل الشاشة!

نشر في 19-08-2016
آخر تحديث 19-08-2016 | 00:00
 مجدي الطيب نهاية يناير من العام الماضي جمعني لقاء والمخرج أمير رمسيس في بهو فندق «وينتر بالاس» العريق بالأقصر (656 كيلومتراً جنوب العاصمة المصرية)، حدثته فيه عن الطفرة التي حققها في فيلم «بتوقيت القاهرة»، والكيفية التي يحافظ بها على لياقته الفنية والذهنية التي ظهرت بجلاء في الفيلم الذي اختتم به النجم الكبير نور الشريف مسيرته الفنية. وتطرق بنا الحديث إلى مشروعه الجديد، فأكد لي أنه يكتب سيناريو فيلم بعنوان «بدم بارد»، وتبرع وحده بالكشف عن مضمونه العام فقال إنه عن تنظيم «داعش» الإرهابي!

مضى العام بأكمله، وانتصف العام التالي أيضاً، من دون إنجاز خطوة ملموسة على أرض الواقع، باستثناء تصريحات صحافية أدلى بها «رمسيس»، وكشفت عن بعض تفاصيل المشروع. وعندما سافرت إلى وهران (450 كيلومتراً غرب الجزائر) لحضور الدورة التاسعة لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي (22 – 27 يوليو 2016) كانت المفاجأة أن عصابات «داعش» لم تكتف بممارسة أشكال العنف والإيذاء، من سلب ونهب وسبي واغتصاب وعنف، وارتكاب جرائم دموية بشعة ضد البشر العزل في دول العالم، وإنما سعت إلى احتلال الشاشة الكبيرة، عبر مجموعة من الأفلام توقف أصحابها عند «الظاهرة الداعشية»، ومثلت ملمحاً بارزاً في الدورة التاسعة لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي.

أول هذه الأفلام هو «الطريق إلى أسطنبول»، الذي اختير لتمثيل الجزائر في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، وأثار جدلاً عقب عرضه لأول مرة في الدورة السادسة والستين لمهرجان برلين السينمائي، نظراً إلى الجدة التي تناول بها المخرج الجزائري رشيد بو شارب «الظاهرة»، إذ لم يقترب منها بالشكل التقليدي الذي اعتدناه على الشاشات الفضائية، والمواقع الإلكترونية، وإنما توقف عند مأساة الأم البلجيكية «اليزابيث» التي فوجئت بأن ابنتها «إلودي» التي تبلغ الثامنة عشرة من عمرها، اختفت، وبالبحث عنها تبين أنها سافرت مع صديقها العربي «قادر سليماني» إلى اسطنبول تمهيداً للتسلل عبر الحدود إلى سورية، والانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف باسم «داعش»!

زاوية مبتكرة رصد «بو شارب» من خلالها صدمة «الآباء الأوروبيين» لحظة اكتشاف انضمام «الأبناء» من أصول وجذور أوروبية، وليس أبناء الجيل الثالث والرابع من المهاجرين العرب والمسلمين، إلى التنظيم العصابي، بعد اعتناق أفكاره، كما حمل المسؤولية لأولئك الذين رفضوا مساعدة الأم بحجة أن ابنتها بالغة، وتملك قرارها ومصيرها.

اختلفت الحال في فيلم «فانية وتتبدد»، الذي مثل سورية في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، إذ اقتحم مخرجه نجدت أنزور «المعاقل الداعشية»، وفند شعارها الذي ترفعه «باقية وتتمدد» ليصبح «فانية وتتبدد»، وشن هجوماً ضارياً، بالحوار والصورة، على التنظيم المخادع والمتطرف، واصفاً إياه بأنه صاحب مُعتقد إرهابي تكفيريّ. ويروي الفيلم، الذي يُعرض لأول مرة خارج سورية، حكاية الطفلة «نور» ابنة الحادية عشرة التي تعمل أمها «ثريا» المعتدلة دينياً بالتدريس في مجتمع سوري يتقبل الآخر، ويتعايش مع الأطياف المختلفة لكن الأمور تختلف مع ظهور «أبو الوليد» الأمير»الداعشي» الذي يسعى إلى امتلاك السلطة والمال والجنس، عبر التغلغل في نقاط الضعف والقوة لدى من حوله» .لكن المخرج يُشدد على أن الفيلم يتبنى وجهة نظر جديدة {لأننا لا نتحدث عن {داعش}، الذي يراه البعض عبر {اليوتيوب}، وإنما نقدمه في مشهدية فنية مختلفة عن النمط التقليدي، الذي أراد التنظيم الإرهابي أن يقدّم نفسه به!}.

يتواصل الهجوم على {داعش} من خلال فيلم {جوان}، الذي يمثل العراق في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة، لكنه هجوم عقيم يتسم بالمباشرة والخطابة والسطحية، ويكاد يُصبح صورة من النشرات الإخبارية اليومية، حيث القرية التي يحتلها {الداعشيون}، ويُقتل رجالها، وتُسبى نساؤها، ومن بينهم {جوان} التي يغتصبها زعيم التنظيم، ويتعامل بوحشية مع شقيقها الأصغر، وعندما تتيح الظروف لقاء الشقيقين يأمر {الخليفة} بإعدامهما بتهمة {زنى المحارم}. وبالقدر نفسه من الركاكة يختتم المخرج علي الجابري الفيلم بالآلة العسكرية الأميركية، وقد دمرت الإرهابيين، وسيطرت على الوضع، وكأنها النهاية السعيدة التي اعتادتها السينما المصرية، بينما يربط المخرج التونسي فاضل الجزايري في فيلمه {خسوف}، الذي مثل تونس في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، بين المافيا التي تخصصت في {غسيل الأموال}، واغتيال {المغضوب عليهم}، ودورها المريب في تهريب الشباب التونسي، ممن أدوا الخدمة العسكرية، إلى سورية والعراق للانضمام إلى إرهابيي {داعش}.

أفلام كشفت المستور، وأماطت اللثام، عن التنظيم {الأكذوبة}، لكن ينتابني القلق خشية أن يتاجر البعض بـ {الظاهرة}، وبدلاً من تمرير رسائل سياسية تُحذر من خطورة ما ينتظرنا على يد تنظيم يحاول أن يفرض واقعاً اقتصادياً وثقافياً جديداً باسم الدين يتحول الأمر إلى كوميديا وابتذال و}صرعة} كأفلام الراقصات والمخدرات على الشاشة!

back to top