تصرف اضطراري صحيح وخطأ في التعبير

نشر في 11-08-2016
آخر تحديث 11-08-2016 | 00:03
المطلوب هو الحديث بصراحة، والصراحة هنا تعني أننا نمر بأزمة كبيرة ينبغي أن يعرفها الناس، وينبغي أن يعرفوا أبعادها وتأثيراتها والمدى الزمني لها، ومع إعلامهم بأبعادها يجب أن نشرح لهم كيف ستتعامل الدولة معها، والأسلوب المتبع في الحل، والوسائل المستخدمة، والإمكانات المتاحة بصراحة دون تطبيل أو تهليل.
 عبداللطيف المناوي منذ أعوام قليلة كان الموقف الاقتصادي المصري الرسمي، هو رفض التفاوض مع صندوق النقد الدولي أو تأجيله أو إعاقته، على الرغم من أن إمكانات التفاوض في تلك الفترة كانت أكثر صحة وصحية، حيث كان الوضع أكثر استقراراً.

وعلى الرغم من أن هناك وجهات نظر رأت أن تأجيل التفاوض مع صندوق النقد الدولي كان قراراً خاطئاً في تلك الفترة، فإن مبررات سياسية واجتماعية كانت يمكن أن تكون مبرراً لمن رفض التفاوض في تلك المرحلة، خاصة مع السمعة التي يحظى بها بنك النقد الدولي في الأوساط الدولية، من قبيل تلك المشاكل التي يسببها بشروطه القاسية، التي يفرضها للقبول بالقرض، ولما لتلك الشروط من أثر على الأسعار وضغوط اقتصادية على محدودي الدخل، نتيجة عملية الإصلاح التي يقترحها البنك للقبول بالقرض، والتي تصل في بعض الأحيان إلى حد الشرط الإلزامي الذي تضيق معه مساحات التفاوض.

المهم دارت الأيام، وأوصلنا وضعنا الاقتصادي وضغوط اللحظة، بغض النظر عن مناقشة الأسباب حالياً، إلى القبول باللجوء للتفاوض مع الصندوق، وهذا كما ذكرت في البداية، هو تصرف الضرورة وهو التصرف الصحيح الوحيد في هذه المرحلة، خاصة مع تراجع الدعم النقدي المباشر من الدول الصديقة.

وكان الخطأ هنا الذي قصدته، هو ذلك الترويج والتهليل للجوء إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والتعامل مع هذا اللجوء باعتباره انتصاراً اقتصادياً، إذاً فالقرار صحيح والترويج للقرار خاطئ.

انخفض سعر الدولار في السوق السوداء، بعد اتخاذ هذا القرار، والإعلان عنه، وهنا أيضاً الخطأ الآخر في التعامل مع هذه القضية تحديداً باعتبارها انتصاراً، عندما تحدثت بعض وسائل الإعلام عن انهيار "الأخضر" في مواجهة الجنيه المصري، وكان الانهيار المزعوم هو انخفاض عن أعلى سعر وصل إليه الدولار مقابل الجنيه، مع أن هذا السعر يرتفع عن السعر الرسمي للجنيه بنسبة تتجاوز 30 في المئة.

المسألة ببساطة، هي أن المطلوب هو الحديث بصراحة، والصراحة هنا تعني أننا نمر بأزمة كبيرة ينبغي أن يعرفها الناس، وينبغي أن يعرفوا أبعادها وتأثيراتها والمدى الزمني لها، ومع إعلام الناس بأبعادها يجب أن نشرح لهم كيف ستتعامل الدولة معها، والأسلوب المتبع في الحل، والوسائل المستخدمة، والإمكانات المتاحة بصراحة دون تطبيل أو تهليل، ويجب أن يخبر الناس بذلك خبراء متخصصون يعون حقيقة الموقف، وخبراء يتحدثون عن الحلول التي يجب أن يعرفها الناس، وأن يتم ذلك من خلال أساليب علمية في التواصل مع الجماهير، وإيصال الرسالة، حتى يمكن أن تتحول هذه الأزمة من عائق محبط إلى دافع وطلقة عمل.

ملحوظة أخيرة في هذا الإطار: ليس من المفهوم أن يقود عربة واحدة حصانان مختلفان متناقضان في التوجه والتفكير، بل يكادان أن يكونا متخاصمين، وأنا هنا أقصد عربة الاقتصاد المصري، أما الحصانان فلكم التخمين.

back to top