الكويت لا تزال في حرب مع الاحتلال!

نشر في 06-08-2016
آخر تحديث 06-08-2016 | 00:03
 محمد صالح السبتي ملابس الإنسان الجميلة الغالية الثمن ليست دليلا أبدا على سلامة صحته الجسدية، وعطره الفواح الرائع ليس دليلا على جمال نواياه ولا على نظافة جسمه، ونظارته الشمسية التي تحمل علامة إحدى الماركات العالمية لا تدل على سلامة نظره، وسيارته الفارهة التي تكلفه آلاف الدنانير ليست مؤشرا بالضرورة على كمال أخلاقه وحسن تصرفاته في الطريق، فهذه المظاهر الجمالية الخارجية لا تدل أبدا على سلامة الداخل وجماله وحسنه.

فعندما وضعت الكويت نظاما وشعبا كل مقدراتها رهن تحريرها من الغزاة بعد الاحتلال العراقي استطاعت أن تجمع لقضيتها أغلب المجتمع الدولي، وإن لم تكن هذه المهمة سهلة أبدا لكن مبررات الكويت وعدالة قضيتها كانت واضحة، مما ساعدها على هذا الجمع، لكن ها هي الكويت انتصرت على من احتلها وغزاها، ثم ماذا بعد؟ هل انتهى الاحتلال والحرب؟ الجواب قطعا: لا. فما تعانيه الكويت في الداخل لا يمكن وصفه إلا بأنه حرب وغزو واحتلال!

الحرب من قوى الفساد الداخلية على الكويت ومؤسساتها ومقدراتها واضحة، وتدور رحاها في كل ركن من أركان الدولة تقريبا، قوى الفساد منتصرة دائما، والإصلاحيون لا يملكون سلاحا نافعا ناجعا لوقف تقدم هذه القوى، والبعض من جيش الإصلاح تعب في المعركة فانهارت قواه، والحرب منحازة لكفة قوى الفساد، فماذا فعلنا لقوى الفساد وحربها على الكويت مع انتهاء حربنا مع الغزو العراقي؟ الجواب: لا شيء. ساعدناها وحميناها وفتحنا لها أبواب مؤسسات بلدنا لتنهش لحمها!

هناك غزو لجحافل التزوير التي باتت تخيف كل ورقة رسمية في الدولة، فمن التزوير في الاستحصال على الجنسية التي ترعبنا أخبارها وتفاصيلها التي تنشر يوميا إلى تنوير الشهادات الدراسية ودكاكينها التي تبيعها على مرأى ومسمع الجهات الرسمية، ويتبع ذلك كله التزوير في الحصول على أفضل المناصب في الدولة ومناقصاتها ومراكزها القيادية التي تدير شؤوننا! هذا التزوير في كل هذه المجالات كان هناك من يحميه ويتاجر فيه من أصحاب السلطة ولم يكن بفعل المزورين وحدهم!

ليس الفساد ولا ملامح التزوير أمرين طارئين قليلين في بلادنا، بل هما يحتلان أغلب شؤون حياتنا حتى أصبحا سمة عامة لكل شيء تقريبا، وبات المجتمع يعتبرهما منهج حياة إذا ما أراد تحقيق أهدافه! هناك احتلال كامل لهذه القوى لكامل حياتنا!

انقساماتنا الطائفية العرقية الفئوية أسوأ مما كانت عليه قبل الاحتلال العراقي؟ استيرادنا للمشاكل من الخارج وإسقاطها على الداخل الكويتي وانقساماتنا حولها هي أيضا أسوأ مما كنا عليه! موج المد الطائفي عال جدا والطرح الإرهابي متوافر. كل هذا دون أن تتخذ السلطة إجراءات حيال كل هذا، أليست هذه حربا نحن لا نخوض غمارها وكأن الأمر لا يعنينا!

انتهت الحرب مع الاحتلال العراقي منذ 26 سنة، لكنْ لدينا حرب أخرى داخلية نحن غافلون عنها تماما وربما أننا متعمدون!

back to top